ما زلنا.. نحلل الاحتمالات ..

عقاب يحيى

يقول البعض أن في أسباب تأجيل الضربات الأمريكية رهان على تفكك داخل الطغمة، أو القيام بعمل يشبه الانقلاب.. ولأننا في موقع المتفرج ـ أمام قراراتهم ـ ولأننا لا نملك غير تحليل ما يتسرب من تصريحات، وقراءتها .. نرى أن تداخلات حدثت أدّت إلى عملية التأجيل.. بينما هناك من يرى أنها قد تلغى  ..أو أنها تدخل في حسابات أبعد مما كان مقرراً لها بداية .

ـ البارحة طرحت بعض الأسئلة، وحاولت إقناع نفسي بالممكن من المنطق.. لكن الحيرة هي سيدة المواقف الآن في الوضع السوري..وفيما يفكرون فيه ..

ـ على سبيل المثال.. كثرت الأحلام التي تلبس " أخباراً خاصة موثوقة" عن وجود نوايا لانقلاب بين ضباط الطائفة العلوية.. وعن تململ، وتحركات.. ومظاهر ضيق من عائلة السد والمصير الذي تقودهم، والبلاد إليه، ويجيئك من يتلو معلومات وتفاصيل عنها.. وحتى بعض الأسماء" الحركية".. وبعض " الوقائع"..وهناك من يتحدث عن فعل التهديد باستخدام القوة على بنية النظام الداخلية بإحداث خلخلة فيها.. او انقلاب، أو انهيار، أو باتجاه تعديل ميزان القوى جدياً...تحضيراً ـ في هذه الحالة ـ لجنيف يُرغم الجميع على حضوره..

ـ لكن والذهن يذهب إلى بعض الاحتمالات : ماذا لو عقدوا صفقة مع الطغمة لوضع يدهم على السلاح الكيماوي... هل تبقى هناك مبررات لضرباتهم الموعودة ؟؟... 

نظام الطغمة، وعبر تاريخه المديد ـ زمن الطاغية الأكبر وزمن وريث الحقد والعته ـ اشتهر بأنه نظام مقايضات من طراز خبيث ورخيص، وأنه مستعد للبيع والشراء في كل شيء.. وقد فعلها مراراً.. فما الذي يمنعه من أن "يبيعهم" السلاح الكيماوي وأكثر ؟؟...إذا كان الثمن يستحق ؟؟...

ـ يردّ العض بأن أمر تنفيذ الضربة يتعلق بشيئين متداخلين : هيبة الولايات المتحدة ورئيسها من جهة، وأهمية معاقبة من يستخدم سلاح الإبادة الجماعية.. الذي لا يمكن ابتلاعه.. من جهة ثانية.. كجزء من منظومة القانون الدولي، والنظام العالمي.. وبالتالي : فالضربة قادمة قادمة...

ـ وحين ننظر بإمعان للاستراتيجية الأمريكية وتوجهاتها الرئيس.. نرى أن الشرق الأوسط لم يعد مهماً كثيراً لها، او لا يقع في أول أولوياتها، إلا ما يخص إيران والنووي والتعامل معه.. فعيونها تنظر إلى هناك.. المحيط الهادي وشرق آسيا..الصين، والغاز والنفط، والتجارة العالمية، والدرع الصاروخي، ومستقبل تطور العلاقات الدولية، وإمكانية قيام صفقات كبرى" يالطا جديدة" تكون فيها بلادنا ملحقة بعملية التفاهمات على التقسيم ومناطق النفوذ.. والشدّ باتجاه فرض حلّ سياسي ما يمكن أن يجيء بوسيلتين : تفاهمات بين الكبار تفرض على الجميع المثول : الطغمة والمعارضة، أو القيام بضربات موجعة تؤدي إلى تغيير في موازين القوى على الأرض.. للتعامل معها في مشروع جنيف 2 مثلاً..

ـ الضربة. حدودها . نتائجها هي ولا شك محط مداولات واسعة تتجاوز الداخل الأمريكي والحلفاء.. إلى روسيا حيث تُطرح هنا بعض الأهداف الرئيسة :

ـ ضربة عقابية تستهدف قوات النظام ومراكز القيادة ومنصات الصواريخ.. وربما وضع اليد على مخزون الكيماوي، او إمكانية إخراجه من الاستعمال وفق تقنيات يتحدثون عنها. مع عدم استهداف النظام ورأسه . ثم دعوته إلى الجلوس طائعاً في جنيف .

ـ تطوير الضربات غلى غنزال ضربات قوية ببنية النظام ومرتكزاته العسكرية والأمنية ومقاره.. بما يفتح الطريق على إسقاطه مباشرة، أو الدفع للتخلي عنه.. كي لا يكون جزءاً من الحل السياسي المطروح. ويمكن أن تعقد صفقة بذلك مع روسيا .

ـ تطوير الضربات إلى حظر جوي يستتبع تواصلها بشكل مفتوح، وعلى غرار الوضع العراقي سنوات الحصار..مع دعم محسوس للجيش الحر لإحداث توازن قوي في المعادلة .

ـ الذهاب لأبعد من ذلك.. أي مواصلة الضربات حتى سقوط النظام بطريقة ما، ووفق عديد الاحتمالات.

ورغم التأكيد المتلاحق عن عدم وجود نيّة، أو قرار لتواصل الضربات، أو استهدافها إسقاط النظام.. فإن باب الاحتمالات يظل مفتوحاً على مصاريعه، خاصة وأنه يصعب على أي أحد، بما في ذلك اصحاب القرار ضبط، وحساب التفاعلات والنتائج بقة، إذ أن المفاجآت بألوانها المختلفة مطروحة..

ـ لكن، والروس على الخط منذ ايام، ألا يمكن عقد صفقات كرى معهم تشمل غيران، وربما الصين، والدرع الصاروخي، والغاز وغيره.. وتكون سورية مجرد لقمة صغيرة على طاولة التشريح والتوزيع ؟؟..

التجارب تقول : كل شيء جائز، والكبار ينطلقون من مصالحهم، ومخططاتهم، وقضايا، وحقوق الشعوب.. ليست اكثر من شعارات للاستخدام المناسب، ويمكن طيّها، أو توظيفها وفق الحاجة..