وليد المعلم يعلم

الكيماوي: سرُّ الضربة... وسرُّ التوقيت

زهير سالم*

[email protected]

من أتيح له أن يصغي جيدا إلى وليد المعلم في مؤتمره الصحفي يوم الثلاثاء / 27 / 8 / 2013 سيستنتج بشيء من القدرة على الاستبطان والاستشراف سر جريمة الكيماوي الرهيبة وسر توقيتها .

وربما الأمر الذي يفاجأ الإنسان الحي حالة اللامبالاة التي كان يتحدث بها وليد المعلم عن الجريمة الكارثة . فلا إدانة ولا استنكار ولا عزاء ولا تعاطف مع الضحايا الأبرياء ، ولا لهفة ولا حرقة ولا لوعة على المصيبة والمصابين ، على الشهداء الذين قضوا ، ولا على الأطفال الذين هزت صورهم قلوبا قال القرآن الكريم عن أصحابها  ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك  فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) . فهؤلاء الضحايا لا يعنون لوليد المعلم شيئا وهو يتحدث عنهم كما يتحدث مدرس الفيزياء عن برادة الحديد أو نشارة الخشب ..

وجاء حديث وليد المعلم عن الجريمة الكارثة ليثبت أنه لم يكن بعيدا عن قرارها ولا عن توقيتها ، لقد كان شريكا فيها ، عالما بحيثياتها ، يشرح ويفصل ويبين ليس مفسرا فقط بل مبررا  ومسوغا بحيث يدرك كل من يتابعه أن كل من يقف في جوار بشار الأسد اليوم هو ممن ينغمس معه في مستنقع الجريمة حتى أذنيه .

وليد المعلم في عملية استثمار في الخوف مريبة ، يؤكد لمستمعيه أن الهدف من الجريمة الكارثة كان حماية أحياء دمشق . وحماية أحياء دمشق كان بمنطوق كلام المعلم ومفهومه كفيلا بجعل كل شيء مباحا وكل شيء مسوغا ومبررا ؟!

وإذا سألتني أي الأحياء وأي المناطق في دمشق كان الهدف حمايته ؟ أعيدك إلى مقابلة المعلم لتدرك أن منطقة  ( جرمانا وحي القصاع ) هي المنطقة والحي التي نفذت الجريمة لحمايتهما . ولا بد أن تكون سوريا أو دمشقيا لتدرك البعد الطائفي النتن الذي أراد وليد المعلم توظيفه لتبرير الجريمة الكارثة بما يزيدهم رجسا إلى رجسهم .

لقد أفاد وليد المعلم أن الجريمة الكارثة قد نفذت وبطريقة (استباقية ) لحماية أحياء دمشق من هجوم محتمل !!!!

  لقد أفادتهم المعلومات الاستخبارية التي توفرت أو فبركت لبشار الأسد أن هجوما كبيرا ستشنه قوات الجيش الحر ( العصابات المسلحة ) المتفوقة في الغوطة على قلب العاصمة دمشق . ومن هنا كان لا بد من قطع الطريق على هذا الهجوم .

لقد كانت هذه المعلومات الاستخبارية ( بغض النظر عن صحتها ) مزلزلة لكيانهم ، ولاسيما بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في صفوف القوات المدافعة عنهم في قلب دمشق من قيادات حزب الله ولواء أبي الفضل العباس ..

لقد بدا واضحا لبشار الأسد ولقيادة عملياته المنهارة أن هجوما من هذا النوع وبحضور الخبراء الدوليين سيعطي المجتمع الدولي صورة بالغة السوء عن تقدير موقفه الاستراتيجي ،  وبالتالي فقد كان لا بد من فعل استباقي أو من جريمة تقطع الطريق على الهجوم المرتقب فكانت  الكارثية بحجمها وبمساحة انتشارها هذا ما قاله وليد المعلم حين جلس يعلم تعليم إبليس ..

وربما الذي لم تحسن عصابات الإجرام تقديره هو حجم الكارثة المتوقع . فقد ظنوا أنها ستكون كارثة محدودة مما يمكن إنكاره ونفيه والتغطية عليه  لذلك بدأ وزير إعلامهم عمران الزعبي بالقول ( قضية مفبركة معد لها مسبقا استغلالا لوصول الخبراء الدوليين ) وظل رجال العصابة متمسكين بهذا القول على مدى ساعات . ولما فضحتهم الصور ، وأعيتهم الحيل عادوا يتحدثون عن الإرهابيين وعن تركية والعربية السعودية وقطر  ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية