الإرهابيون الحقيقيون!

د. فوّاز القاسم / سوريا

منذ أن أطلق بوش الصغير حملته الصليبيّة الظالمة على الإسلام والمسلمين بعد حادثة الحادي عشر من سبتمر المشهورة ، باسم ( مكافحة الإرهاب ) .!

والدوائر الأمريكية والصهيونية ترفض المطالب العربية والعالمية بإيجاد تعريف دولي واضح ومحدّد وعادل للإرهاب ، يكون محل اتفاق بين جميع الدول في العالم.. 

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو : لماذا هذا الرفض وهذه المماطلة الأمريكية والصهيونية في مثل هذا الأمر الخطير ، في الوقت الذي كان بإمكانهم أن يأمروا مجلس الأمن التابع لهم ، أن يصدر عشرات التعريفات ، أو أن يتخذ مثلها من القرارات ، لو كان الأمر يخدم غطرستهم وعدوانيّتهم ، كما فعلوا في الكثير من المواقف المشابهة …!؟

والجواب الواضح الذي لا لبس فيه : أن الوضع يختلف هذه المرّة .!

فالأمريكان والصهاينة يعرفون قبل غيرهم ، بأنهم هم أكبر الإرهابيين في العالم ، ولا يوجد معنى من معاني الإجرام والإرهاب في قواميس البشر ، ويمكن أن يكون محل اتفاق من قبل شعوب العالم ، إلا وينطبق عليهم .

فإذا كان الإرهاب يعني : احتلال أراضي الآخرين ، وتشريد الشعوب من أوطانها ومنازلها ، فالأمريكان والصهاينة هم أكبر الإرهابيين في العالم  ، لأنهم احتلوا أرض غيرهم بالقوة ، وطردوا العرب والهنود الحمر من أوطانهم ، وشرّدوهم في أصقاع الأرض بمستوى من القسوة والوحشية لا تنافسهم فيها إلا الحيوانات المفترسة في الغابات  .!!!

وإذا كان من معاني الإرهاب : ترويع الشعوب الآمنة ، والاعتداء على المدنيين العزل ، فالأمريكان والصهاينة هم أكبر الإرهابيين في العالم أيضاً ، وهل تخفى على أحد في العالم جرائم أمريكا في اليابان وفيتنام وأمريكا اللاتينية والكوريّتين وبلاد البلقان .!؟

وهل يوجد أحد في الدنيا لم يشهد جرائمهم وجرائم أسيادهم الصهاينة في العراق العزيز  ، وفلسطين الحبيبة ، والصومال ، والسودان ، وليبيا ، وأفغانستان المسلمة ، التي عاثوا فيها إفساداً وتقتيلاً وتشريداً ، بحجة مكافحة الإرهاب ، بدلاً من أن يمدوا يد العون والمساعدة لشعبها الفقير المظلوم ، الذي أنهكته عقود من الحروب الأهلية المقيتة ، بتخطيط من دوائر المخابرات الأمريكية والصهيونية نفسها ..!!

والبقيّة تتبع ، لأن قائمة ( الإرهاب ) الأمريكية والصهيونية لا تزال في أولها ، ولأن قتلة الأنبياء ، ومصاصي دماء الشعوب ، والمتعطّشين إلى الدم العربي والإسلاميّ من الصهاينة المجرمين والسفّاحين لم يشفوا غليلهم منه بعد .!!!

أما إذا كان الإرهاب يعني : حصار الشعوب الحرّة ، وتجويع السكان الآمنين ، وتدمير البنيان وشواخص العمران ، وهتك أعراض الحرائر ، وقتل الأطفال ، وحرمانهم من علبة الحليب ورغيف الخبز وقنينة الدواء ،  فعندها يكون الأمريكان والصهاينة هم أكبر الإرهابيين في العالم أيضاً ، بل هم ( أساتذة ) هذا النمط من الإرهاب ( ومسوّقوه ) .!!

يشهد لهم بذلك أكثر من ستة ملايين عراقي وعراقية ، من الشيوخ والنساء والأطفال ، بين شهيد ومعتقل ومهجّر ، هم ضحيّة أقذر حرب عدوانية عرفها التاريخ البشري كله ارتكبها الأمريكان والصهاينة ، وبدون أدنى وجه حق ، غير إشباع غريزة الحقد والشرّ والسادية لديهم ..!

بالإضافة إلى عشرات الآلاف من أبناء شعبنا العربي الفلسطيني ، الذين يتفنّن الصهاينة في ذبحهم وتجويعهم وهدم منازلهم ومنشآتهم وتشريدهم في البرد القارس ، تحت المطر والثلج والبَرَدْ ، وفرض الحصار الظالم عليهم ، أمام مرأى العالم ومسمعه .!!!

وأما إذا كان الإرهاب يعني : سرقة الأموال ، وكمّ الأفواه ، ومصادرة الرأي ، وسحق الشخصية ، وسلب الإرادة ، وتعطيل القرار الوطني المستقل ، فالأمريكان والصهاينة هم أكبر الإرهابيين في العالم أيضاً .!!!

وهل من أحد في الدنيا اليوم ، يجهل أساليبهم القذرة ، ووسائلهم الخسيسة ، في سرقة أموال الشعوب ، ومصادرة حريّاتها ، وكم أفواهها ، وسلب إرادتها ، وتسليط حفنة من الحكومات والجيوش العميلة عليها بقصد إرهابها وإذلالها ، وتسويق نماذجهم الحياتية المنحطّة ، في الثقافة والفن والإعلام والاقتصاد والاجتماع ، وغيرها ، بقصد ( أمركة ) الدنيا  و( صهينة ) العالم ، تحت مسمّيات خادعة مكّارة  ك( العولمة ) و ( الديمقراطية ) و ( حقوق الإنسان ) .!!؟

وهل هناك أحد في الدنيا اليوم يجهل تآمرهم الخسيس مع عملائهم القرامطة والصفويين الخونة على الشعب السوري العظيم منذ قرابة ثلاث سنوات عجاف ، أراقوا فيها أنهاراً من الدماء الطاهرة ، وشردوا الملايين من الشيوخ والأطفال والنساء ، ودمّروا الحجر ، وأحرقوا الشجر ، في واحدة من أخسّ الجرائم في العصر الحديث ، ثم استداروا إلى الشعب المصري الشقيق ، فسلّطوا عليه عملاءهم الأوباش من حثالة العلمانيين الخونة في الجيش والشرطة والأمن ، فانقلبوا على الشرعيّة والديمقراطية الشعبية التي طالموا صدّعوا رؤوسنا بالحديث عنها ، وأراقوا الدماء الزكيّة أنهاراً بدون أي وجه حقّ ، إرضاءً لأحقادهم الخسيسة الدفينة.

من هنا فإننا نقول بكل وضوح وقوّة وصراحة : لم يعد أي أحد في الدنيا اليوم ، كائناً من يكون ، بقادر على لجم عواطف الشباب الإسلامي المتفجّرة ، وكبت مشاعرهم الغاضبة ، وتسويق أكاذيب ( الوسطية ) و ( الديمقراطية ) لهم ، بعد أن رأوا بأم أعينهم عجز ( الإسلاميين الوسطيين ) عن تقديم أي شيء لإنصاف جماهيرهم المكبوته ، أمام تغول وغطرسة الصهيونية والصليبية وأدواتها العلمانية الحقيرة ، ثم ، سحق ما يسمى بالديمقراطية والشرعية الشعبية والانتخابية ببسطار الكاوبوي الأمريكي والصهيوني القبيح ...

ولن يستطيع أي أحد في الدنيا بعد اليوم ، أن يلوم الشباب الإسلامي إذا لجأ إلى أساليب أخرى لانتزاع حقوقه المغتصبة ، والدفاع عن مقدّساته المهانة ، حتى لو تشدّق الغرب وعملاءهم ، ووصفوا تصرّفهم هذا ( بالتطرّف والإرهاب ) ...!!!

فلقد صار واضحاً للدنيا من هم ( المتطرّفون والإرهابيون ) ...!!!

قال تعالى في كتابه العظيم : ((ولَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  )) الشورى 42 صدق الله العظيم