إنهم يريدون القضاء على ثورة الحرية..

عقاب يحيى

حين دخلوا على خط الثورة كثراً، من جهات وأجندات مختلفة.. كانوا يدركون أهمية سورية، وأهمية انتصار ثورة الحرية فيها: زلزالاً قوياً سيعصف بالمنطقة، وتكون له تداعياته على العالم، ومصالح الكبار الكبيرة فيها.. لذلك عملوا على احتوائها، ووسائل الاحتواء كثيرة.. ونظام الطغمة جاهز لمساعدتهم فيما يرمون إليه بشكل مباشر أم من حيث النتيجة ..

هنا سورية .. مفتاح المنطقة، وحمّالة مشاريع النهوض . الحافز.. والمؤثر.. لذلك تكاثروا عليها في محاولة لاحتواء الثورة، او حرفها عن سكتها الطبيعية، أو تعقيد الأوضاع وفتح ابواب النزيف على مصاريعها كي تتيه في الشعاب، وتغرق في مفرزات محسوبة عليها، فينتهي مفعولها وتصبح شيئاً آخر..وكي يصبح الدمار سمة بارزة، والحرب الطائفية تلويح حقيقي يحفر مجراه ويسيل دماء لرسم خرائط عن دويلات..وكانتونات مذهبية وإثنية.. وربما أكثر.. وتطهير أقرب للتطهير المذهبي الشامل.. بينما نظام الطغمة الذي خطط لإثقال الثورة بالكثير، وتصفية قياداتها الشابة المؤثرة، واعتقال مئات آلاف الناشطين، وعمليات الاختراق متنوعة الوسائل، منذ البداية، كان سعيداً، وفاعلاً بتلك التدخلات، إن كان لجهة إطلاق سراح عشرات المجرمين، والقاعديين، او فتح الحدود لعبور من يشاء.. ثم تصوير نفسه الضحية التي تقاتل الإرهاب بأعتى صوره، ناهيكم عن الفعل الطائفي المنهج لجرجرة الثورة إلى حفره.. ثم إهالة التراب على روحها الوطنية، الجمعية، وعلى مبادئ الحرية والمساواة التي كانت منطلقها، وبلوراتها، ومنتجاتها المشعّة ..

ـ الثوار رفضوا في البداية التقاط السلاح الذي كان يرميه النظام قصداً لامتلاكه، ثم ألزمهم بالقوة على حمله.... ففُتحت كل الزواريب والأقنية لدخول الأجندات ورؤوس الأموال والدول.. وكل يغني على ليلى مصالحه، بينما المعلم الأمريكي الأكبر، وببصمة صهيونية لا تخفى على أحد، يدفع بالأمور لمزيد من الخراب، والاحتراب والاستنزاف..ولسان حاله يقول : كلما اشتدّ الدمار كلما ثقل العبء على الثورة ومستقبل البلد الموحد.. ليأتوا طائعين.. بالشروط المعروفة، وقد تناغمت الأعذار.. من" حماية الأقليات" كشعار وهمي ألبسوه لاحقاً عديد الممارسات الواقعية، وكانت طغمة الإجرام والفئوية عونهم الأكبر، فقصة الكيماوي وواجب تسليمه ووضعه تحت ايد أمينة.. وأخيراً الإرهاب الذي بات اليوم قصة القصص.. وقد تجسّم واقعياً، ونفخوه، ودعموه.. هم وأعوانهم، وشياطين المنطقة الطائفيين.. من إيران إلى حكومة العراق.. إلى الطغمة.. والدعم أشكال، وخبث، وألوان..

ـ أوهموا ،منذ الأشهر الأولى، بعض المعارضين الرخوين، المستعجلين.. بأنهم قادمون : تدخلاً ساحقاً ينهي الطغمة.. ويفتح لهم الطريق إلى الحكم.. ففرشوا الأحلام بسجادات الرؤى السياسية الخلبية، وتبيّن أن الوعود تأكل الوعود، وان طبيعة تلك الدول مرتبطة بمصالحها الكبرى ومشاريعها الاستراتيجية، وانها لا تريد من القابلين بهم، والمتعاطين معهم، والمتمسحين بعتباتهم أكثر من واجهات وبيادق.. فانزلق الوضع شيئاً فشيئاً لتصبح" المسألة السورية" دولية، ولتفقد سورية قرارها الوطني المستقل.. وسط اللهاث، والضعف، ودعوات الواقعيين لمزيد من واقعية انبطاحية لاحدود لها..

ـ وجاء السلاح بوابة كبرى لتطويق الثورة، وإقحامها في متاهات وتفريخات تقف اليوم بكل جبروتها مصدّاً لتوحيد العمل المسلح، وضبط الانفلات العسكري والأمني، وإيجاد حدّ لأمراء الحرب والنفط والغنائم.. الذين باتوا أشبه بإمارات مستقلة متنافسة، ومتنازعة على مناطق النفوذ والتسلط، بينما تعجز هيئة الأركان.. وسط هذا التوزع، وشبكات التمويل والإمداد بالسلاح، عن القيام بدورها المأمول، وبما يجعل من مسمى الجيش الحر يافطة فضفاضة أشبه بالبيارق السابحة في هواء الريح العاصف..

ـ الثورة.. وقد تفصّحت الأوضاع والمواقف.. داخلها، وإقليمياً، ودوليا.. تحتاج من جميع المخلصين لها، المؤمنين بها طريقاً وحيداً لإنهاء الاستبداد وإقامة دولة المواطنة والتعددية، وقفة شجاعة للتقويم والتصويب، ووضع الرؤى والبرامج العملية.. والتمسك بالقرار الوطني ثابتاً، ومنهجاً..والانتقال من الشكوى، والرهانات البائسة على الغير.. إلى عمل ميداني جسور يوحّد السلاح، ويطهّر الصفوف من كل الأطراف الخطيرة التي لم يعد السكوت عنها جائزاً..

ـ الإئتلاف ـ على ضعفه وبؤسه ـ مطالب بالمبادرة ـ على الأقل، لكنه لن يكون وحيداً، فمثل هذه العملية تحتاج جهد جميع المخلصين السوريين بتوزعاتهم السياسية والعسكرية وغيرها.. ولعل التفكير بعقد مؤتمر وطني جامع يكون فرصة ومدخلاً للخروج بتصورات موحدة، وتوجهات عملية ..