"معبر الموت" في دير الزور..
"معبر الموت" في دير الزور..
أكثر من 30 شهيدا و70 جريحا سقطوا على هذا المعبر
غيث الأحمد
مسار برس (خاص) - دير الزور
"معبر الموت".. هكذا يطلق عليه أبناء مدينة دير الزور، وهو المعبر والمنفذ البري الوحيد للمناطق التي يسيطر عليها عناصر الجيش الحر ويصلها مع الريف بشكل مباشر، وهو جسر يقع على الفرع الكبير لنهر الفرات، وهو طريق رئيسي لمرور الحافلات بكل أنواعها، ويعتبر شريان حيوي هام يربط منطقة "الشامية" مع منطقة "الجزيرة"، ويبلغ طوله 400 مترا، وعرضه 17 مترا وارتفاعه 9.5 مترا، وكان يطلق عليه أهالي دير الزور في السابق عدة تسميات منها: جسر السياسية وجسر دير الزور الكبير.
سيطرت كتائب الثوار على هذا الجسر أثناء اقتحامها لمبنى الأمن السياسي الذي يطل عليه مباشرة في 29/1/2013.
يشرف على هذا الجسر عدد من القناصين والأسلحة الثقيلة، ويتعرض للقصف الدائم بمختلف أنواع القذائف، وسقط على هذا الجسر حتى الآن أكثر من 30 شهيدا وما يقارب الـ70 جريحا.
وكذلك يوجد معبر مائي يصل تلك المناطق بريف المدينة وذلك عن طريق السفن، وهو يصل بين قرية حطلة التابعة لريف دير الزور ومنطقة الكورنيش، ولهذا المعبر عدة مساوئ كما تكشف عليه عربة عسكرية ويتعرض للقصف المتواصل أيضا.
وكان للسيطرة على هذا الجسر "معبر الموت" عدة فوائد على المدنيين داخل المدينة الذين كانوا يعانون من الحصار لما يقارب 7 أشهر، كما ساعد على عودة الكثير من النازحين إلى منازلهم وذلك بعد هروبهم من مدينة الرقة التي أصبحت تحت سيطرة الثوار وتتعرض للقصف اليومي العنيف. كما ساهم تحرير الجسر في تحسن الوضع المتردي في المدينة وساعد في إدخال اللوازم الأساسية والمساعدة على العيش بأدنى مستوى من متطلبات الحياة، كالغاز الذي يجلبه نشطاء من معمل "كونكو" للغاز في منطقة الطابية بريف الدير الزور والذي تسيطر عليه جبهة النصرة، بالإضافة إلى الطحين وجميع أنواع المواد الغذائية.
خوف ورهبة
يعمل أبو ريان في مؤسسة "روافد" الخيرية والتي تقوم بتقديم المعونات للمدنيين في أحياء دير الزور التي يسيطر عليها الثوار، ويحتم عمله عليه السفر خارج المدينة لنقل المواد وإدخالها إلى المدينة وهذا ما يتطلب المرور بمعبر الموت، ويقول أبو ريان "إن العبور يتم بعد الساعة 9 مساء حيث لا يوجد أي أثر للضوء، وذلك بواسطة سيارة أو دراجة نارية وتطفئ جميع إنارة العربة بالإضافة إلى أنه يمنع التدخين لعدم إعطاء أي اشارة بوجود أحد على الجسر.
ويتابع: أتجول في مساحات شاسعة في المناطق التي تسيطر عليها كتائب الثوار ولا أشعر بالخوف على الإطلاق لكن عند الوصول إلى معبر مدينة دير الزور أشعر بالرعب بالإضافة إلى جميع أصدقائي الذين يكونون برفقتي، لكن لا يوجد لنا منفذ غيره إلى المدينة.
الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود
يقطع أبو ابراهيم ما يقارب 1000 كيلو مترا في الأراضي السورية للوصول إلى مدينة دير الزور قادما من تركيا، وهو أحد الصحفيين الذين يغطون الأحداث في المدينة، ويقول أبو إبراهيم إنه يقطع مسافات سفر طويلة داخل الأراضي السورية دون الشعور بالخطر وتغير الأجواء، وعند الوصول إلى "معبر الموت" تقف السيارة التي نقلها لحظات عند حاجز الجيش الحر إلى حين التنسيق مع الطرف الثاني لفتح الطريق، فتجد الرهبة والرعب تملأ المكان بالإضافة إلى أن الجميع الذين يتحضرون للعبور "يكثرون من الدعاء ويستغفرون ربهم"، ومن ثم ينطلقون بسرعة البرق دون أي ضوء أو صوت.
ويضيف أبو ابراهيم "ترى البسمة مرسومة على وجه الجميع وكأنهم عادوا للحياة من جديد وذلك عند وصولهم إلى الطرف الأخر من الجسر بسلام ودون أي أصابات، واصفا المعبر بأن الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود.
لا يسلم حتى الأطفال من القنص على ذلك المعبر ويقول الناشط أبو عمار إنه في إحدى المرات أثناء محاولته الدخول إلى مدينة دير الزور تم قنص إحدى البنات التي تبلغ من العمر سنة ونصف فقط وهي في أحضان أبيها أثناء مرورهما على ذلك المعبر للدخول.
وأشار أبو عمار إلى أن "المجلس المحلي بدير الزور أشرف على تجهيز سيارة خاصة وذلك بتصفيحها لجعلها مقاومة للرصاص وخصصها للمدنيين لعبور الجسر"
إقامة حائط أو نصب متاريس عالية
ومن جهته قال أبو العباس أحد عناصر كتيبة العباس المتمركزة على حاجز المعبر "نسعى لضرب أماكن عناصر النظام الذين يطلقون النار على المدنيين، ومنذ عدة أيام ضرب عناصر الجيش الحر أحد مراكز القناصة بقذيفة "أر بي جي" ودمره بشكل كامل.
موضحاً أن هناك مسافة 20 مترا هي الأكثر خطرا على ذلك الجسر لأنها مكشوفة بشكل كبير لعناصر النظام، لذلك يخططون لإقامة حائط عالي أو نصب المتاريس على نحو مرتفع، لكن هناك خوف من عدم تحمل الجسر لأي وزن زائد ما يمكن أن يؤدي إلى انهياره خاصة بعد نيله العديد من القذائف.