محمود عيسى قصة سنوات طالت
أحرار:
وصورة تبدلت ملامحها من قسوة السجن والسجان
شهر حزيران... هو شهر فيه كانت نكبة عائلة الأسير محمود عيسى من مدينة القدس، فهو يوم اعتقال محمود قبل عشرين عاماً، وهاهي الآن تعود وتستذكر ذلك الحدث الأليم، الذي اختطف شاباً في ريعان شبابه وحكم عليه فيما بعد بالحكم المؤبد.
الأسير محمود عيسى( عميد أسرى حماس في سجون الاحتلال)(45 عاماً)، والذي أخذ السجن منه شبابه، كان قد أنهى دراسة التحاليل الطبية في الكلية العصرية في منطقة بيتونيا، إلا أنه كان لديه الميول للكتابة والعمل في الصحافة والإعلام، فعمل مراسلاً لصحيفة صوت الحرية في القدس ثم أصبح فيما بعد مديراً لها، وعمل فيها لمدة عامين قبل أن يعتقل.
كان محمود ذلك الشاب المعروف بطاقته الحيوية ونشاطه وعلمه وتميزه بين الكثيرين، كما ذكرت شقيقته أم عبادة لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، إلى أن جاء الاحتلال واعتقله في الثالث من حزيران للعام 1993، ومن هناك بدأ العذاب، وانتقل محمود لعالم فيه جنود التعذيب وجموع من المحققين الذين تدربوا على أبشع الممارسات لتطبيقها ضد الأسرى الفلسطينيين.
كان دافع جيش الاحتلال الاسرائيلي من اعتقال محمود في ذلك اليوم وبعد أن قاموا بتطويق منزله في عناتا القدس واحتجاز جميع من فيه، في الوقت الذي لم يكن فيه محمود متواجداً في المنزل، وكان مراقباً، وفور دخوله للمنزل ألقت سلطات الاحتلال القبض عليه واعتقلته.
التهمة التي قادة محمود للمؤبد:
تقول أم عبادة:" بعد أن أخذ الجنود شقيقي محمود سألهم والدي ما الذي يجري، فقالوا له ستعلم بعد قليل من الإعلام ماذا يحدث، وبالفعل علمت العائلة إن محمود هو صاحب عملية تنفيذ عملية خطف وقتل الجندي نسيم توليدانوا عام 1992 عشية انطلاقة حركة حماس، وكانت تلك العملية تهدف للضغط على اسرائيل للإفراج عن الشيخ أحمد ياسين الذي كان معتقلاً لديهم، إلا أن الاحتلال لم يستجب للأمر فقام الخاطفون بقتل الجندي، وعلى إثر ذلك الحدث اعتقل محمود وأبعدت مجموعة من قيادات حماس إلى مرج الزهور في لبنان عام 1992".
الحكم وسنوات من العزل وفسح قصيرة بينها:
بعد أن اعتقل محمود وضع في العزل في سجن الرملة لخمسة أشهر، ليخرج لفترة قصيرة، ويحاكم بالسجن ثلاثة مؤبدات وأربعين عاماً، ويتوفى والده بعد اعتقاله بعام واحد، ثم يعاد للعزل من جديد عام 1995 لعام كامل، كما عزل محمود مرة أخرى عام 2000 لعام كامل أيضاً، أما العزل الأكبر والذي قضى فيه محمود عشرة أعوام فكان منذ عام 2002 وحتى عام 2012، حيث كانت تلك الفترة فترة تنقلات وجولات في أكثر من عزل في أكثر من سجن، وحرم خلالها من الزيارة إلا زيارة واحدة لوالدتهن وكان ينقل من سجن لآخر كل ستة أشهر في خطوة لتعذيبه نفسياً، إلى أن توقف به العزل بتاريخ: 17/4/2012، عندما تفجرت معركة الإضرابات الأخيرة، وهو الآن في سجن جلبوع.
صورة ليست لمحمود خرجت من الأسر:
بدهشة واستغراب وحزن أيضاً أبدته أم عبادة تقول:" استطاع محمود أن يخرج لنا صورة من سجنه بعد طول هذه السنين، وكنا نحن لا نزال نرسم صورة له بأنه ما زال شاباً كما اعتقل، لكننا عندما رأينا صورته وقد كبر وامتلأ رأسه شيباً أذهلنا ذلك المنظر، وكدنا ننكر أن تلك هي صورة محمود... فيااااه لسرعة انقضاء الزمن وانطواء الأيام بسرعة.... لقد كبرك السجن يا أخي... لقد استرقك منا الأسر يا أيها الأخ الحنون... ولقد حاكمك الاحتلال بحكم جائر دفعته ضريبة حبك لقضية فلسطين...لكنك شامخ بمعنوياتك وصبرك ولم تستطع سلطاتهم النيل من عزيمتك رغم كثرة ما جرى لك.
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن محمود عيسى يعتبر أقدم أسير لحماس في سجون الإحتلال ورفض الإحتلال الإفراج عنه ضمن صفقة الوفاء الأخيرة ويصر على إبقاء الرجل داخل السجن لخطورته وعقابا له على قتل الجندي الذي حاول خطفه .