لحظة تفكّر, ودقيقة للتذكر, وحال الإخوان

د. شفيق ربابعة

قسم العلاقات العامة والإعلان

كلية الإعلام / جامعة اليرموك

[email protected]

الإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي , والإنقلاب

العسكري على الشرعيّة , واضح أنّه لم يكن وليد لحظته ولم تقم

به الجنرالات بمحض ارادتها.

إنّ التحشّد الكبير في ميدان التحرير , والذي أعلن عنه مسبقا لم يكن

أيضا عشوائيا.بل تحديد يوم 30 حزيران كان مقصودا منه لفت الانتباه

الى الملايين المحتشدة في ميدان التحرير – والتي نادت بانتخابات رئاسية  مبكرة – وجاءت مهلة ال48 ساعة من العسكر لتكون الحلقة الأولى للإنقلاب.وما تبعه من اعتقالات لقادة الإخوان واغلاق مايزيد على ثلاثين

قناة يبث منها الإخوان , ومطاردتهم في كل الميادين , وما تبع ذلك بمجزرة صلاة الفجرللمصلين في منطقة رابعة العدوية قبالة الحرس الملكي بقتل مايزيد على الأربعين وجرج حوالي الألف من العزّل.

لقد تبادل زعيم الإنقلاب وزير الدفاع المصري السيسي – الذي عينه الرئيس مرسي خلفا للطنطاوي – تبادل الحديث مع وزير الدفاع الأمريكي

والنتائج تشير الي مباركته للإنقلاب من جهة ووعده باغداق المساعدات

من كثير من الدول العربية وغير العربية  ايضا والتي تبارك الإنقلاب – لترتاح تلك الدول من زيادة نفوذ جماعة الإخوان في كثير من الدول العربية والتي باتت تحسب لهم الف حساب.

ولذا بدأت المساعدات العربية وغير العربية تتدفق على الإنقلابيين بمصر,

فدولة تسارع بخمسة مليارات وأخرى بأربعة مليارات ودولة  بثلاثة مليارات دولار بالعملة الصعبة  وغيرها سيلحق بالتأكيد على الطريق

 لدعم وتأييد للإنقلاب.وستكشف الأيام القادمة عن الكثير.

لم يعد خافيا على أحد , أنّ الإسلام الحقيقي بدأ يخيف الكثير من رؤساء الدول او الأنظمة التي ظاهرها الإدعاء بالاسلام وباطنها معاداته .يظهرون إسلاما عصريا يبتعد عن التعاليم الصحيحة,اسلاما مدجّنا مجردا من كل القيم الإسلامية –جسد بلا روح – وإسم بلا معنى.

ومن يتابع ما ينشر في وسائل الإعلام عن الانقلاب العسكري في مصر يجد تأييدا وتشجيعا للانقلاب بشكل كبير من المغنيات والراقصات وأهل الهوى,وأطراف عربية واجنبية لها ارتباط بالعمالة والاستعمار.واسمعوا

ماأوردته وسائل الاعلام على لسان الرئيس السوري اليوم ( سقوط "الإخوان" أعاد العروبة لطريقها الصحيح ).وكأن دعاة الاسلام ومن يطبّقون شعائره , يضلون الناس ويصرفونهم عن جادة الطريق.

لقد انبرى لمهاجمة الاسلاميين الكثير من الكتاب والصحفيين وبعض أهل الساسة ويبدو أنهم تنفسوا الصعداء بعد الإنقلاب وكأنّ صعود الإخوان وتزايد شعبيتهم كان عبئا ثقيلا على صدورهم وأنفسهم .

إنّ أخطر مافي الأمر, والذي أخاف اعداء الإسلام بما فيهم بعض الأنظمة العربية والدول الغربية والشرقية الشيوعية , أن ماأسفر عنه الربيع من وصول الجماعات الإسلامية الى الواجهة واستلام زمام الأمور في كل من تونس وليبيا ومصر زمام الأمور , والذي ظهر وكأمه يبشّر بقادم اسلامي جديد في كثير من الدول العربية الأخرى.

وإنّ ما أخاف الكثير من الدول سماع اصوات جيش النصرة والسلفيين بسوريا بالمناداة بعودة الخلافة والبدء بتطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق التي سيطر عليها الجيش الحر حيث يتواجدون.إنّ الدعوة لعودة الخلافة هزّت مفاصل الغرب وارتعدت لذكرها قوى الشرك فيكل مكان ,

فتحوّلت الدول الداعمة للثوار في سوريا لدعم النظام بدلا منهم وناصبوهم العداء.وقد وجدوا في مشاركة حزب الله وقوى من ايران والعراق للقتال مع النظام ضد الثوار بصيص أمل في قتل التوجه او مجرد التفكير بعودة الخلافة.حيث تعرّضت القصير الى الحصار والتدمير ثم انتقل الصراع بعد تحقيق الكثير من المكتسبات  إلى الغوطة ودرعا ومحاصرة وقصف حمص للإنقضاض عليها كحال القصير ثم بعدها الى حلب.بعد أن توقف دعم الثوار وتحول عدد من الدول العربية والغربية لدعم النظام بدلا من الثوار الذين تركوا بدون امداد بالسلاح أو العتاد.

اذن أصبح العمل على الحد من نفوذ الإسلاميين في دول الربيع كضربة استباقية لتحجيم دورهم خوفا من الوصول الى دول أخرى.ولهذا يواجه الإسلاميون في تونس وليبيا المتاعب لإضعافهم وإفشالهم ,وضرب الراس الأكبر للإسلامين من خلال الإنقلاب عليهم في مصر.وتحوّل المواقف من الثورة السوريّة.وقد يكون ما حصل في قطر له ارتباط بما يجري ,كما أنه كانت هناك محاولة لزعزعة الإسلاميين في تركيا مع إثارة المشاكل في وجههم لإشغالهم في الداخل  وصرفهم عن مجرد التفكير بمساعدة الثوار في سوريا او دعم الإسلاميين في مصر.

ويبقى الطرح قائما, هل سينجح الإنقلاب العسكري في مصر؟ , وهل ستتمكن الزعامات الإسلامية في تونس وليبيا من الصمود في وجه التآمر؟

وهل ستتمكن الثورة الإسلامية من الصمود وتحقيق النصر بقوة التصميم والإيمان رغم غدر الغادرين؟أم أن المد الإسلامي يتراجع بعد أن حقق الكثير؟وهل ستكشف الأيام محاور التآمر ضد الإسلام والمسلمين ؟ رغم ان ملامح سعيهم وتوجههم  بارزة للعيان.وقادم الأيام به الخبر اليقين.والسلام .

والله من وراء القصد.