سوريا .. وشبح التقسيم !!
محمود المنير
مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت
على الرغم من التحالف الدولي الاستراتيجي بين إيران و روسيا وأمريكا لتصفية الكتائب المقاتلة بمختلف توجهاتها وأطيافها وانتمائها ضد النظام السوري المجرم المدعوم بالسلاح الروسي والصيني والصمت الأمريكي والتخاذل العربي وميلشيات "حزب اللات" وقوات الحرس الثوري الإيراني فقد أربكت الثورة السورية جميع الحسابات الإقليمية والدولية، وجعلت المجتمع الدولي يقف حائراً أمام صمود الشعب السوري، وتأتي أحداث القصير اليوم لتذكر المجتمع الدولي أن تقديراتهم لا تساوي شيئاً أمام الأقدار الإلهية التي تقطع بأن أهل الشام منصورين على أعدائهم ، لا يضرهم من خذلهم ، وهم الطائفة المنصورة بإذن الله تعالى .
وبالنسبة لهذا التحالف هو في حقيقة الأمر متابين الأهداف والأجندات إلا أنه يوجد بعض خطوط التماس بين أطرافه المتشابكة ويكاد يجتمعون على ضرورة احتواء الثورة ولا يمانعوا في رحيل النظام ولكن دون صعود الإسلاميين على رأس السلطة مثلما حدث في دول الربيع العربي ، وكذلك يستهدفون تصفية الكتائب المقاتلة على الأرض ، خوفاً على أمن إسرائيل وخوفها مجدداً من صعود إسلاميين من جهة الشام وهو ما يهدد أمنها الاستراتيجي كما حدث في مصر ، وهذا الذي جعل الهدف الأول لأجهزة الاستخبارات الغربية في سوريا تعمل على تصفية الكتائب باسم الحرب على الإرهاب
ويرهن الدول الغربية دعم للجيش الحر على تزويده بمعلومات عن جبهة النصرة وعددها وقياديها وأماكن تواجدها ، ولا تكترث بسفك المزيد من دماء السوريين جراء القصف المتواصل من قبل النظام البعث المجرم ومليشيات "حزب اللات" وقوات الحرس الثوري التي تسعى جاهدة لتغيير الواقع الأرض قبل مؤتمر جنيف ليتم طرح مخطط تقسيم سوريا إلى دولتين ويتم فرضه بغطاء دولي لوقف نزيف الدم الجاري مع خروج آمن للنظام وهو عين المستحيل الذي لن يقبل به الجيش الحر ولا الكتائب المقاتلة على الأرض والذي أفسدت وأربكت الحسابات الدولية والإقليمية .
وهناك طرف ثالث برز في مشهد الثورة مؤخرا وهم بعض الضباط المنشقين عن النظام والذي يبحثون عن دور أكبر في مرحلة ما بعد بشار ولذلك فإنهم يرفضون الانضمام للثورة، ويعملون بالتنسيق مع الاستخبارات الغربية في جمع المعلومات ضد قوى الثورة التي لا تنسجم مع توجهاتهم .
ولذلك يجب أن يكون واضحا لدى الجيش الحر وأصحاب الثورة الحقيقيين أن حكومات الغرب لا تخوض المعركة التي يخوضها الثوار ؛ السوريون يقاتلون من أجل نيل حريتهم، بينما تريد الدول الغربية منهم أن يقاتلوا بعضهم بعضاً .
وهذا ما أكده وزير الدفاع الأمريكي في محاضرة بإحدى مراكز الفكر التابعة للوبي اليهودي بواشنطن عندما تحدث عن الإستراتيجية الأمريكية من محورين رئيسين:
أولهما: التأكد من عدم انسياب الأزمة خلف الحدود وعدم تأثيرها على أمن إسرائيل.
وثانيهما: الاعتماد على القوى الإقليمية الحليفة لتشكيل منظومة دفاعية واستخباراتية متكاملة بدلاً من التورط مباشرة في الصراع.
فى حين أنه بات من المؤكد التعاون الاستخباراتي بين روسيا وإيران والميليشيات التابعة لها في عملياتها ضد كتائب المعارضة غربي البلاد ، وذلك لمنع وصول قوى المعارضة إلى المناطق الساحلية وبسط سيطرتهم عليها، وأكدت مصادر غربية أن الطائرة الروسية التي حطت في مطار اللاذقية مؤخراً بدعوى توصيل مساعدات إنسانية ومعونات غذائية يوم الأربعاء 29 مايو، كانت تحمل في حقيقة الأمر 60 طناً من المعدات العسكرية والذخيرة التي يتم استخدامها حالياً ضد الثوار في معركة القصير.
كما أشار تقرير جديد لمعهد الحرب أن الاستخبارات الغربية قد رصدت 117 رحلة جوية سيرتها شركات طيران إيرانية هي: (Yas Air) (Iran Air) و(Mahan Air) من روسيا إلى مطارات سورية عبر الأجواء العراقية، وكانت تحمل على متنها: ذخيرة، وتقنيات صاروخية، وقطع غيار طائرات مروحية مقاتلة من طراز (Mi-25)، بالإضافة إلى نحو 200 طن من الأوراق النقدية السورية التي طبعت في روسيا وشحنت إلى دمشق في عدة دفعات.
في هذه الأثناء تسعى إيران لتحويل مهمتها الإستراتيجية إلى نبوءات دينية ولطميات بكائية إلى الحمقى من أتباع ولاية الفقيه في لبنان والعراق، حيث شرع ملالي هذه الميليشيات في التحريض على قتال السوريين بهدف: حماية المقامات الدينية، والتمهيد لظهور المهدي، ومواجهة أعداء آل البيت!
يبقى الرهان الحقيقي الآن في ظل التخاذل العربي الرسمي معقودا على جهود توحيد المعارضة السياسية والعسكرية التي تبذلها بعض الجهات المخلصة ستؤدي إلى تقوية الثورة وتعزيز موقفها الدبلوماسي والميداني، شريطة أن تتحلى جميع القوى السياسية بروح المسؤولية وترجح المصلحة العامة على المصالح الفئوية، وأن تنطلق من تخطيط إستراتيجي يتسم بالاحترافية. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .