غـــزة معضـــلة الأتبـــــاع‏!‏

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

ذهب الشيخ القرضاوي إلي غزة‏,‏ واستقبله أهلها بالحفاوة التي تليق‏,‏ وقبل إسماعيل هنية يده اعترافا بفضله وقيمته‏.‏

 هناك مسلمون يقبلون أيدي رجال دين غير مسلمين, ويرفضون أن يقبل مسلم يد مسلم في عمر أبيه اعترافا وامتنانا. الشيخ القرضاوي يمثل ضمير الأمة في نظرتها إلي ما يجري دون أن يتأثر بأحداث السياسة اليومية والتوازنات المؤقتة. لقد تحدث عن تحرير فلسطين وتخليصها من الاحتلال الصهيوني. بعض انصار مبارك يطالبون الشيخ الجليل بشرح الخطة العملية التي ستحرر فلسطين, وينسون أن المسلم الحق يعرف طريقه جيدا إلي النصر إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم( محمد:7). ويعلم أنه لا بد أن يعد ويخطط وفق الاستطاعة وأعدوا لهم ما استطعتم..( الأنفال:60).

مشكلة خصوم الإسلام أنهم لا يطيقون وجودا إسلاميا فاعلا في الحياة العامة. يريدون إسلام الدروشة والبلاهة والاستسلام, ويرون الجهاد إرهابا, والتمسك بالفرائض والقيم تطرفا, يتسامحون مع كل الشرائع والعقائد إلا الإسلام. كي يرضوا عنك كن بوذيا أو هندوسيا أو مجوسيا; لا أن تكون مسلما تعبر عن إسلامك وعقيدتك ويقينك. يرفضونك ولو كنت بحجم رهبان الليل المرابطين وفرسان النهار العاملين من أهل غزة.

لماذا يغضب خصوم الإسلام والحرية والاستقلال من زيارة غزة سواء قام بها القرضاوي أو غيره؟ غزة درس عملي لمن يريد تحرير أرضه, وتعبير عن الشرف الذي يمثله الوطن. وأهلها يتجهون نحو القدس وليس سيناء التي فرط فيها أصحابها وسلموها مجانا للعدو مرتين. بعض الناس يتهمون المسلمين بأنهم لايؤمنون بالوطنية, ويتجاهلون أن المسلمين كانوا ومازالوا وقود الكفاح ضد الغزاة والطغاة من أجل الأوطان, أهل غزة كما رأيتهم من أنبل المجاهدين الذين قدموا أبناءهم وأموالهم من أجل تحرير غزة وإرغام العدو علي الانسحاب. المفارقة أن بعض القوي الموالية لزمن الكنز الاستراتيجي تكره حماس والجهاد وتحب التطبيع.. لماذا يا قوم؟ الله أعلم!.

لا عجب أن كان أتباع مبارك يرون ثورة يناير فاشلة لأنها أرست قواعد الحرية والديمقراطية, ويرون أهل غزة معضلة تؤرقهم ليلا ونهارا لأنها لاتستسلم!.