في ذكرى أول مايو، المعاناة هي هي ، و البطالة تزداد تفاقما رغم ثورات الربيع العربي
في ذكرى أول مايو، المعاناة هي هي،
والبطالة تزداد تفاقما رغم ثورات الربيع العربي
رضا سالم الصامت
الإنسان هو الذي ساهم في بناء الحضارة البشرية والعمال هم الذين بذلوا جهودا كثيرة بالفكر و الساعد و قدموا تضحيات و لعبوا دورا هاما من أجل البناء و التعمير و نشر العلم و المعرفة لكن فيهم من تعرّض إلى هضم حقوقهم و اطردوا و تم الاستغناء عنهم و مورست عليهم أنواع كثيرة من القهر والتعذيب و عملوا في ظروف غير ملائمة و قاسية
لعل التاريخ إذا ما نظرنا إلى الوراء يذكرنا بتعرض عدد من العمال في أغلب الحضارات القديمة إلى انتهاكات حرمتهم من نيل حقوقهم و حتى أجرتهم ، فكانوا يستغلونهم في أعمال قاسية و شاقّة دون تأمين مستلزمات راحتهم الحياتية، و يُجبرون على العمل في المناجم وتعبيد الطرق وبناء القصور والأسوار و الخنادق .. وغيرها. فاضطر عدد منهم إلى تأسيس منظمات تدافع عنهم و تطالب بتحسين ظروف العمل و تأمين العيش الكريم لهم حيث تمخض عن تلك المطالب ظهور هيئات نقابية عمالية
ففي سنة 1869 تأسست في أمريكا منظمة نقابية تدافع عن العمال و تسعى إلى تحسين ظروفهم العمالية و تخفيض ساعات العمل و نجحت في تكوين هيئة للعمال عام 1886 تبنت الدعوة لاعتبار أول مايو أيار من ذلك العام عام إضراب عام و حصلت مظاهرات سميت ثورة عمال شيكاغو ضد ظلم الرأسمالية و الاحتكارية ،حيث حصلت مصادمات و مناوشات بين العمال و رجال الشرطة أدت إلى سقوط العديد من القتلى و ألقي القبض على عدد من القيادات و تمت محاكمتهم وفيهم من تم اعدامه
منذ ذلك التاريخ صار اليوم الأول من مايو ذكرى سنوية يُحتفل به في كل أنحاء العالم بهدف لفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم، والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم. . و الآن و نحن نحيي ذكرى اول مايو ذكرى الشغل ماذا تحقق للشغالين و خاصة البطالين الذين انتفضوا من اجل ايجاد شغل يحميهم من الضياع و البطالة و الفقر ، هؤلاء انتفضوا لهدف العيش في كرامة ، لأن الشغل كرامة ... فثاروا على انظمة الفساد مطالبين بحقهم في الشغل .. فاندلعت ثورات الربيع العربي في تونس و مصر و اليمن و ليبيا و الآن سوريا طالبين فقط بتحسين اوضاعهم المعيشية و شغل يحميهم من التشرد و الضياع ... لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن - فرغم نجاح الثورات و انهيار انظمة الاستبداد و استشهاد البعض من شبابنا ، لم يتغير شيئا ... فشبابنا غادروا بلدانهم خلسة في وضعيات غير قانونية و ما يسمى بالهجرة الغير شرعية او قوارب الموت بهدف إيجاد عمل يحفظ كرامتهم و يفتح امامهم أفق النجاح و بناء مستقبلهم فلم يجدوا غير بحر فسيح و امواج موت تلتقفهم ، فيهم من مات و فيهم من اصبح من عداد المفقودين و تركوا امهات تندبن حظهن و تحترق قلوبهن لفراق فلذات كبداتهن... ان العمال بقوا الى اليوم يعانون من حرمانهم من " الشغل " الذي يحفظ الكرامة البشرية .. ان العمال و نحن نحيي ذكرى اول مايو يعانون من حقوقهم المهضومة و ليس هناك أي بصيص أمل لتحسين هذه الأوضاع ، و تمكين شبابنا من حقه خاصة في العمل . و هكذا ففي أول مايو من كل عام المعاناة هي هي و البطالة تزداد تفاقما رغم ربيع الثورات العربية ، فهل هناك امل في تحسين الأوضاع مستقبلا ؟