الانحياز لفريق الشعب السوري
أحمد عز الدين
بلغة مباريات الكرة.. تمكنت الثورتان التونسية والمصرية من إحراز هدف مبكر بإزاحة رأس النظام في البلدين.. وفي ليبيا حدث خروج على قواعد اللعب إذ استعان فريق الشعب بلاعبين غربيين محترفين فتمكن من هزيمة فريق السلطة. أما في سوريا فقد بادر فريق السلطة بالاستعانة بلاعبين دوليين من أكثر من طرف، بينما اكتفى مؤيدو فريق الشعب بالتشجيع من المدرجات وفي أحسن الأحوال إلقاء بعض زجاجات الماء للاعبين الذين أضناهم الجري.
السياسة الخارجية لعبة مصالح، وكل طرف يقرر نزول الملعب أو الاكتفاء بالفرجة بناءً على تلك المصالح. والمصلحة تقول إن هناك أطرافًا يجب عليها أن تنزل الملعب بقوة لدعم فريق الشعب السوري حتى يحسم المباراة.
يتلقى النظام السوري دعمًا ماديًا مباشرًا بالمال والسلاح والمقاتلين وخدمات الإمداد والتموين وغيرها من كل من إيران والعراق وحزب الله، كلٌ بحسب طاقته وإمكانياته. فسورية حلقة أساسية في القوس الممتد من طهران حتى الضاحية الجنوببة من بيروت، وسقوط نظام بشار يعني تجفيف منابع حزب الله في لبنان، في وقت يواجه فيه نظام نوري المالكي في بغداد انتفاضة شعبية قد تعيد عدل الموازين المقلوبة في العراق والتي مكنت الشيعة من الاستيلاء على السلطة. يصعب على طهران أن تتخيل انهيار أحلامها هكذا بسرعة. حاولت من قبل، في فورة الثورة على الشاه، تصدير الثورة إلى المحيط العربي وفشلت، فتخلت عن الوسيلة ولم تتخل عن الهدف. فقد حاولت كسب الأنظمة والأحزاب ونجحت، وساعدتها الولايات المتحدة التي قدمت لها العراق هدية بعد أن كلفها تغيير النظام في العراق تريليوني دولار!، وتوثقت علاقاتها بسورية حتى اعتبرتها إحدى أقاليمها ولها مكانة تفوق اقليم الأحواز، ودعمت حزب الله في لبنان حتى صار دولة داخل الدولة.
في المقابل؛ يصعب على دول الخليج أن تصبح محاصرة بهذا الحلف الوثيق من الشرق والشمال والذي يحاول الزحف جنوبا وغربًا واقتناص نقاط ارتكاز في كل من البحرين واليمن، فضلا عن علاقات طيبة مع السودان ومحاولات مستميتة لتحييد مصر، ناهيك عن تمددات مستمرة في كل قارات العالم؛ فإيران دولة لها وظيفة دينية، و"الأخماس" التي يحصّلها رجال الدين تساهم مع ما تقدمه الدولة في حصول هذا التمدد. قبل ثلاثة عقود دعمت دول الخليج العراق لوقف تصدير الثورة الإيرانية، واليوم تجد أن غريمي الماضي في بغداد وطهران أصبحا حليفين، وانضمت إليهما سورية.
في مباراة مفتوحة كالتي تجري في سورية لا ينبغي على الخليجيين أن يقفوا موقف المتفرج، فالفرجة هنا ليست "ببلاش" لأن نجاح بشار في وأد الثورة سيحوله إلى وحش، وسيتجه لابتزاز دول الخليج كما فعل أبوه من قبل في بعض الفترات، ونجاح الثورة السورية يوفر فرصة مواتية لتحرير سورية من هيمنة إيران، وتقليص نفوذ الأخيرة في كلٍ من العراق ولبنان. وللحديث بقية.