ميسرة.... أعدم مع سبق الإصرار
د.هاني العقاد
ميسرة أبو حمديه أسير فلسطيني اعتقل في العام 2002 على خلفية انتمائه لحركة فتح والعمل في صفوفها قبل أكثر من 30 عاما وقبل واسلوا بالتحديد وهو أب لأربعة أبناء وتم التحقيق معه واتهامه بالعديد من التهم الباطلة حتى حكم علية بالمؤبد , ميسرة أبو حمدية كغيرة من الآلف الأسري الفلسطينيين لم يسلم من الحقد الصهيوني الذي استهدفهم بطرق متعددة منها التسبب بإصابة العديد منهم بالأمراض القاتلة بسبب رداءة الأكل والشرب ورداءة المعتقل وسلامته الصحية ومن ثم الإهمال الطبي هو السياسة الصهيونية المتوقعة بعد الإصابة بالمرض وهذا ما حدث مع شهيدنا البطل , انه نوع من أنواع التصفية الجسدية والقتل البطيء للمناضلين الفلسطينيين القابعين خلف القضبان الصهيوني الحاقد , ميسرة أبو حمدية اليوم باستشهاده يكتب في تاريخ الحقد الصهيوني انه الحالة الثانية التي تصفي داخل السجون والمعتقلات الصهيونية في فترة قصيرة تتجاوز الشهر بقليل , فقد كان الشهيد البطل عرفات جرادات الثالث بعد المائتين ممن قتلهم المحتل عنوة وبترصد داخل زنازين الحقد النازي , واليوم ميسرة أبو حمدية ليكون الرابع بعد المائتين من شهداء الحركة الأسيرة داخل السجون والمعتقلات الصهيونية.
أنها حكاية مناضلين قضوا شهداء بين أيدي السجان النازي دون رحمة ودون احترام لأي قوانين إنسانية أو حتى سماوية وحكاية مناضلين أوفياء أكل المرض أجسادهم وهم أحياء والعالم يشهد هذا السيناريو منذ العام 1967 دون أن يحرك ساكن وكأن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية خارج دائرة هذا الزمان وبشر ليسوا من أبناء هذا الكون , وليسوا بالمواصفات التي تنطبق عليها بنود اتفاقية جنيف الرابعة التي تقر بحماية اسري الحرب إلى حين إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى أسرهم ,السجون الصهيونية يا سادة ليست مجرد مقصلة تقطع فيها الرقاب ولو كانت بهذه الصورة لكانت ارحم للبشر من الموت البطيء الذي يقاسيه الأسري, السجون و المعتقلات العلنية و السرية أماكن للموت البطيء لا تصلح للعيش الآدمي ولا تصلح بيوت الحيوانات الأليفة فكيف يعيش فها المعتقلين دون إصابتهم بالأمراض التي تتحول إلى أمراض مزمنة و قاتله , هذا ما أصاب جسد ميسرة و أصبح مريضا بمرض قاتل دون علاج داخل المعتقل و لم يعطي العلاج المناسب لحالته ولم يشفع له مرضه و قد يكون استخدم جسد ميسرة للتجارب داخل المستشفى الصهيوني الذي كان يرقد فيه في أيامه الأخيرة , ولم تحترم سلطات السجن أي قوانين دولية لأنها لا تعترف بها ولا يمكن أن تعترف بها لان الاعتراف يكشف بشاعة الجريمة التي تخبئها إسرائيل و في نفس الوقت تنفرد إسرائيل و تتفرد بالأسري و تستخدمهم أسوأ استخدام في غياب دور توجد أي من المنظمات الدولية تدافع عن الأسري وتطالب بحمايتهم من سيناريوهات القتل البطيء وإعدامهم ليكون موتهم جاء نتيجة طبيعية لإصابتهم بالمرض , هناك المئات الذين لم يموتوا بالمعتقل وماتوا بعد الحرية بقليل أو تم قتلهم بالطائرات وهم يمارسوا حياتهم الإنسانية المدنية وهناك المئات يقفون على طابور الموت و القتل البطيء إن لم يتم علاجهم و إنقاذهم من ظلم الاحتلال و معاملته ألا إنسانية , هذا جزء خطير من المعركة مع المحتل و كأنه وضع في خططه أن يقتل الأسري ويعدمهم حتى لو نالوا حريتهم وما الحكم باعتقالهم وانتهائه سوي حكما صوريا إلى حين التصفية ...!
إن استشهاد الأسير البطل ميسرة أبو حمديه اليوم وقبله عرفات جردات وقبلهم مائتان من الأسري داخل المعتقلات والمئات بعد الإفراج عنهم لانتهاء مدة حكمهم , يفتح الباب على مصرعية أمام تساؤلات عديدة أهمها لماذا لم ينقل ملف الأسري الفلسطينيين إلى مجلس الأمن حتى اللحظة ؟ ولماذا لم تضغط المجموعة العربية في الأمم المتحدة اتجاه تدويل قضية الأسري..؟, لقد أصبحت هذه التساؤلات مشروعة بعد كل هذا الإجحاف بقضية الأسري وظروف اعتقالهم وحمايتهم من الاستخدام الغير شرعي من قبل أطباء مصلحة السجون الصهيونية , لقد بات واجبا وضروريا أن يتحرك الجميع اليوم ومن خلال هذا المنبر الحر في الإعلام الجزائري الذي يخصص مساحة كبيرة من صفحات جرائده اليومية لصالح قضية الأسري الفلسطينيين للوقوف عند معاناتهم في المعتقلات وكشف وفضح كافة أشكال التنكيل والتعذيب التي تطال أسرانا البواسل , و في نفس الوقت ينقل معاناة أهل الأسري للعالم الحر , إننا بدورنا في شبكة كتاب الرأي الفلسطينيين نحمل العالم مسؤولية ما يجري في المعتقلات من تصفيات جسدية مقصودة ومخططة على درجة كبيرة من الدقة بحق أسرانا الأبطال وأن حقيقة ما يجري بالسجون الصهيونية بدأت تصل كل نواحي العالم الحر ,وأننا نعاهد أسرانا البواسل أن نحمل قضيتهم للجماهير الحرة التي ستفعل ما لا يفعله القادة لأنهم هم من سيجبروا القادة للضغط على حكومات العالم باعتبار قضية الأسري الفلسطينيين قضية إنسانية لا تحتمل الإنكار ولا تحتمل التأجيل , لان تأجيل حمايتهم دوليا يعنى موتهم ببطء ,وان إنكارها حتى هذا التاريخ يعتبر مشاركة المحتل في جريمته الكبرى التي يستمر من خلالها في ممارسة الاعتقال اليومي ويستمر في التنكيل والتعذيب المقصود بالاعتقال التعسفي و الحبس الانفرادي واستمراره في حرمان الآلاف من الأسري من العلاج الطبي الحقيقي و الموثوق فيه والذي تقره كافة الشرائع السماوية والدولية .
لقد بات محتما منذ اليوم أن لا يصمت العالم على جرائم الاحتلال الصهيوني , وبات واجبا على منظمة التحرير الفلسطينية أن ترفع ملف الأسري إلى مجلس الأمن عبر المجموعة العربية بالأمم المتحدة وتطالب العالم فورا بتوفير الحماية الكافية لأسرانا البواسل وتوفير اللجان الطبية المستقلة لإجراء الكشف الدوري على جميع الأسري دون استثناء وتقديم العلاج المناسب لهم حتى لو تم نقلهم إلى المشافي الصهيونية فلهم الحق في متابعة علاجهم و مراقبة كافة أنواع الأدوية التي تعطي لهم , ولقد بات محتما أن تشكل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في مئات حالات الإعدام البطيء لأسرانا الأبطال قبل فوات الأوان وكشف الحقيقة التي ستعيد ثقة شعبنا الفلسطيني في الدور الاممي النزيه مع قضية الأسري الفلسطينيين بنوع من الشفافية والحيادية .