الإعلان عن تشكيل جبهة علوية معارضة .. كانت منتظرة !
الإعلان عن تشكيل جبهة علوية معارضة ..
كانت منتظرة !
د. طارق باكير
الإعلان عن قيام جبهة علوية معارضة لحكم العصابات الأسدية ، ولنهجها بالقتل والتدمير والإبادة ، ودحض مزاعم العصابات الأسدية ، وغيرها من الجهات الحاقدة بحماية الطائفة من الشعب .. هذا الموقف من رجال الطائفة الوطنيين الأحرار ، كان منتظرا منذ زمن ، وطيب أنه قد جاء ، وإن متأخرا ؛ إذ لا يعقل أن تبقى طائفة هي من أكبر شرائح المجتمع ، ومتشابكة في علاقاتها مع كل الشعب ، وتضم - كغيرها - المفكرين والعقلاء والوطنيين والأحرار .. لا يعقل أو يُتصوّر ، أن تبقى صامتة عما ينسب إليها ، ويرتكب باسمها من جرائم ، كما لا يعقل أيضا أن لا يحرك هذا التدمير والتشريد ، و المذابح والمجازر الجماعية ، التي يذبح بها الأطفال والنساء والناس الأبرياء ، وكل الشعب بريء إلا هذه العصابة الأسدية المجرمة ، ومن كان مواليا لها ، سائرا في ركابها ، متعاميا عن جرائمها .. لا يعقل أن لا تحرك هذه الجرائم التي ترتكب بحق شعبها وأبناء وطنها مشاعرها الوطنية والأخوية والإنسانية ..
وإن المرء ليسأل : هل في شعب سورية شخص من أي ملة أو مذهب ، لا تربطه علاقة صحبة وزمالة ، أو معرفة ومودة ، أو جوار ونسب ، أو إعجاب بفكر وأدب وثقافة وفن .. مع شخص أو أشخاص من الطائفة العلوية ، أو من غيرها من الطوائف ؟ فكيف يمكن أن يصدق أحد أن شعب سورية طائفي ، أو هو على عداء مع الطائفة أو الطوائف ؟
إن هذا الشعور بالطائفية ، الذي زرعه ونمّاه ورعاه رأس العصابة الأسدية ومؤسسها ، حافظ أسد ، في نفوس بعضهم ، ليحمي به حكم أسرته الأسدية ، وليس ليحمي به الطائفة ، وما يخلف على صاحبه من الشعور بالتعالي على إخوانه ، وأبناء شعبه ووطنه ، أو ما يجر على صاحبه من شعور بالعزلة والحقد والكراهية ، هو شعور طارئ على شعبنا ، ويجب أن يزول و ينتهي إلى الأبد .
وإن هذه الثورة المباركة ، ثورة الحرية والكرامة والعدالة ، هي الفرصة المناسبة لكل شخص من أي طائفة أو مذهب ، لكي ينزع من نفسه الولاء للعصابة والعصبية ، ويخرج عن صفّها ، ويجدد ولاءه وانتماءه للشعب والوطن ، ويستظل بظل الثورة ، ويأوي إلى حضنها ، لأنها هي الضامنة لحياته العزيزة الكريمة ، ومستقبله ومستقبل أجياله الواعد من بعده ، وأن يعمل بكل ما أوتي من جهد وطاقة ، من أجل تحقيق أهدافها ، لأن تحقيق هذه الأهداف ، هو الضمان للخروج من قمقم الاستعباد والطائفية ، وفك العزلة عن أي شخص ، والتخلص من مشاعر الحقد الأسود ، والكراهية العمياء .
وإن على من ينتسب للطائفة مسؤولية عظيمة في هذا الوقت ، الذي صار يضيق ، لكي يعلن تنازله عن الشعور بالتعالي على غيره ، وأن يعبر عن رضاه بالمساواة مع أبناء شعبه ، ورفضه للامتيازات التي منحت له لتميزه عن أمثاله ، وتعزز الانتماء الطائفي في نفسه ومجتمعه ، والتي لا تليق بمواطن حر شريف ، يريد الخير لشعبه ووطنه ، لأن لها ثمن باهظ ، يدفعه الشعب – كل الشعب - من دمه وعرقه وجهده وأمنه وسلامته وكرامته ، ولأن هذا الشعور والسلوك ، هو الذي يزرع العداوة والبغضاء ، والحقد والكراهية بين أبناء الشعب والوطن .
وإن الذي زرع شجرة الطائفية الخبيثة ، لم يكن هو نفسه يقيم لها اعتبارا وتقديرا واحتراما .. وإنما كان يستغلها لمصلحته هو ، ومصلحة أسرته وحاشيته من بعده ؛
وإن المرء ليسأل : كم في هذه الطائفة من الرجال السياسيين ، والقادة والمفكرين ، والعقلاء والناصحين ، الذين كانوا مؤهلين ومقبولين لاستلام الحكم والسلطة من بعد حافظ أسد ؟ فلماذا لم يعهد لأحدهم ، دعك من غيرهم من حاشية مهزلة ( الحزب القائد ) ، لو كان لديه أدنى احترام أو حرص على الطائفة ، فضلا عن الشعب ؟ وهل كان سلّم مقدرات الشعب والوطن ، ومقدرات الطائفة نفسها ، لغلامه الذي لم يكن مؤهلا قانونيا أصلا ، ولا يملك المؤهل العقلي والفكري والوطني ، الذي يؤهله لاستلام مقدرات شعب ، والتحكم بمصير وطن وأمة ؟ والذي لا يشك من يراه ويعرفه ببلاهته وسذاجته وخفة عقله ، والأمراض النفسية التي تتلبسه ، والذي كان حكمه امتدادا لحكم أبيه في فساده واستبداده وجرائمه وطغيانه .. بل كان أشد على الشعب ، وأنكى على الأمة ، وجرّ على الشعب والوطن والأمة ، بسبب ذلك ، من الفرقة والتمزق ، والويلات والنكبات ، والمآسي والأحزان ، والمصائب والمحن ، ما هيهات أن يمحو آثاره الزمن ، وتنساه الأيام ، ما لم يسارع كل فرد ومواطن إلى إعلان البراءة منه ، ومحاربته ورفضه واستنكاره ، من أجل محو آثاره ، وإزالة أوضاره ومخلفاته !