بيان هيئة علماء ليبيا بخصوص شريط إعدام الأقباط
بيان هيئة علماء ليبيا
بخصوص شريط إعدام الأقباط
بيان هيئة علماء ليبيا بخصوص الشريط المنسوب لتنظيم الدولة بإعدام واحدٍ وعشرين مصرياً والاعتداء على مدينة درنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ . وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ . وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ [النساء: 83]، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد؛
فقد تابعت هيئة علماء ليبيا الشريطَ المسجل المنسوب إلى تنظيم الدولة الإسلامية، مما قيل: إنه عملية إعدام واحدٍ وعشرين مصرياً ذبحاً في ليبيا، وما تبع ذلك من قيام القوات الجوية المصرية بقصف مدينة درنة؛ رداً -في زعمها- على هذه الجريمة.
وقد تلقَّى الليبيون وغيرُهم هذا الحدث بردود فعل متباينة، بين مصدق بوقوع هذه الحادثة، ومكذِّب يرى أنَّها قصة مفبركة يراد منها تبرير التدخل المصري في ليبيا.
وأياً كانت الحقيقة، فإنَّ الهيئة تؤكد على ما يلي:
أولاً: تدين هيئة علماء ليبيا الإرهاب بجميع صوره، وعلى رأسه إرهاب الدول المتمثل في القصف الذي طال الآمنين في درنة، وأودى بحياة أطفال ونساء ورجال، وتعدُّه تدخلاً سافراً، وانتهاكاً للسيادة الليبية. كما تستنكر الهيئة تصريحات بعض المحسوبين على الجيش الليبي من إعلانهم الموافقة على هذا التدخل، وتصريحهم أنَّ ذلك كان بالتنسيق معهم، وتعتبره خيانة لليبيين.
ثانياً: تعزي الهيئة أهالي الضحايا في مدينة درنة، وتدعو لهم بالمغفرة والرحمة، وأن يرفع الله منزلتهم في الشهداء.
ثالثاً: تؤكد الهيئةُ تعظيمَ الشريعة الغراء للدماء، وأمرَها بالبر والقسط لأهل الكتاب غير الحربيين من ذوي الأمان أو شبهة الأمان، كما قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة:8].
رابعاً: ترى الهيئة أنَّ مثل هذا العمل -بما يؤديإليه مما نراه من قصف للمدن الليبية وقتل للأبرياءوتأليب للمجتمع الدولي- قد أعطى الذريعة للتدخل المصري الذي كان يبحث عن حجة لإشباع أطماعه التوسعية، ومتنفسٍ ينسي فيه شعب مصر مشاكله الداخلية. ولاشك أنَّ الذريعة إلى المحرم حرام، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه ))متفق عليه.
خامساً: تستغرب الهيئة تركيز إعلام كثير من الدول الطامعة -ومنها مصر وعملاؤها من ذيول النظام السابق- على تضخيم حجم الإرهاب في ليبيا، بينما يتناسون إرهاب طغاتهم الذي وصل إلى إحراق المتظاهرين السلميين في الميادين، وجرفِ جرحاهم وجثث موتاهم بالجرافات، وإلاَّفكيف يستقيم في العقل ضرب تنظيم (داعش) في ليبيا بزعمهم وترك أحد المطلوبين الفارين من العدالة على أرض مصر يصول في قنواتهم، يزكي هذا التنظيم ويصفهم بأنهم أهل نقاء، ويؤكد دعمه لهم؟!!
سادساً: تدعو الهيئة الليبيين جميعاً إلى تحري العدل، بألاَّ يأخذوا أحداً من إخوانهم المصريين بجريرة نظامهم الظالم، فالظلم مرتعه وخيم، وتذكِّرهم بقول الحق: ﴿وَلاَتَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَأُخْرَى﴾ [فاطر:18].
وفي الختام، ندعوا الليبيين جميعاً إلى الوقوف صفاً واحداً ضد ما يُحاك ضدهم من مؤامرات ودسائس، وأن ينبذوا خلافاتهم، ويتعاونوا على البر والتقوى، ويستعدوا للتضحية من أجل حماية الدين والأرض والعرض، والدفاع عن كرامة بلدهم ضد أي طامع أو معتد، ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40].
صدر عن مجلس أمناء هيئة علماء ليبيا
27 من ربيع الآخر 1436ه الموافق 17/ 2/ 2015م