ليبرتي بين رعب الأشباح وأنين الأرواح
ليبرتي بين رعب الأشباح
وأنين الأرواح
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
منذ ان تم نقل ضيوف العراق من معسكر أشرف الى ليبرتي بدهاء كوبلر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق. كانت كل الدلائل تشير بأن عملية النقل هي فخ محكم نصبه كل من حكومة المالكي والنظام الإيراني والثعلب الأممي كوبلر. وفعلا منذ اليوم الأول لعملية النقل تبين للجميع بأن ليبرتي لا يصلح ان يكون حظيرة لقطعان المالكي، وليس مكانا آمنا لضيوف اعزاء على الشعب العراقي. وكانت منظمة مجاهدي خلق تدرك ذلك تماما! لكنها فضلت التعامل مع خطة كوبلر بأمانه رغم قسوتها، لتكشف للرأي العام مدى مصداقية الأمم المتحدة في التعامل مع قضيتهم المصيرية. وفعلا فشلت الأمم المتحدة في الأختبار ووقعت هي في الفخ.
بدأ مسلسل المعرقلات بسرقة ممتلكات المعسكر القديم والإعتداء على اللاجئين بلا مبرر، وتفريغ المعسكر الجديد من مستلزمات المعيشة الاساسة كخزانات الماء ومضخات الوقود ومولدات الكهرباء وغيرها بحيث كان اردأ سجن في العراق لايختلف عن معسكر ليبرتي من ناحية الخدمات. ولذلك توقفت منظمة مجاهدي خلق حينها عن ارسال الدفعة الأخيرة من اللاجئين الى ليبرتي احتجاجا على سوء المعاملة وخلو المعسكر الجديدة من ابسط شروط المعيشة، علاوة على اصرار قطعان المالكي على سرقة ممتلكاتهم. وضعوا كل ثروات العراق في جيوبهم ولم يشبعوا، فتوجهوا الى ممتلكات أشرف ليسرقوها! يصدق عليهم المثل" مثل الكلب يموت وعينه على المزبلة".
لكن الثعلب الأممي كوبلر تدخل كوسيط بين حكومة المالكي ومنظمة مجاهدي خلق مقدما وعودا وتعهدات بأن المعسكر وقتي، وانه يوفر لهم شروط الأمن والأمان. كما إن الأمم المتحدة جادة في توطنيهم في بلد ثالث. وعود ضبابية تلاشت مباشرة بعد نقل جميع اللاجئين الى ليبرتي. ولم يعد لكوبلر صوت فقد أدى دوره في المسرحية بإتقان وقبض عمولته من الصفقة. وليس غريبا ان تنخر عثة الفساد في جدران الأمم المتحدة ووكلاتها ما دام يوجد مثل كوبلر. لقد عانى العراق من فساد الشرعية الدولية في حربي الخليج الثانية والثالثة ما عانى, ودفع مليون قتيل بفعل الحصار الظالم الذي فرضته الشرعية الدولية إكراما لوليهم الرئيس بوش الأب والجرو.
ومع الإنحراف الخطير عن شرف المهنة وبدلا من فتح تحقيق أممي حول تقييم إداء كوبلر في ملفي حكومة المالكي وليبرتي انبرت إحدى بغايا الشرعية الدولية في دفاع مستميت عن كوبلر كإنها تدافع عن احد الرسل وليس عن شخص متهم بالفساد! ونقول للناطقة بإسم الأمم المتحدة اليس من الأفضل فتح تحقيق حول ثروة كوبلر منذ تولي منصبه لحد الآن! وبعدها يمكنك الدفاع عنه كما تشائين.
الهجوم الأخير الذي استهدف معسكر ليبرتي نسف كل تعهدات كوبلر وحكومة المالكي بشأن توفير الأمن للاجئين الأيرانيين. فقد هطلت صواريخ كاتيوشا وقنابر الهاونات كأن ليبرتي جبهة حرب وليس معسكر لاجئيين. اكثر من (50) صاروخ ومئات القنابر هزت المعسكر يوم 8/شباط مخلفة ورائها ستة شهداء و(100) جريح من بينهم نساء وأطفال. وتم العثور على(60) صاروخا آخرا في حالة تأهب، ويبدو إنه لم يتنسنى للإرهابيين الوقت الكافي لإطلاقها على المعسكر.
لا نفهم كيف تجاوزات هذه الأسلحة والذخيرة الهائلة العشرات من سيطرات التفتيش المحيطة بكل المنافذ المؤدية لمعسكر ليبرتي؟ ولماذا لم ترصدها مئات الكاميرات المنصوبة في كل الشوارع؟ واين كانت مخابرات المالكي واجهزته الأمنية والآلاف من المخبرين السريين؟ حتى خرج علينا المالكي متوسلا بمساعدة المواطنين للعثور على زعيم حزب الله النطاط(واثق البطاط) الذي تبنى العملية ونط الى دولة مجاورة. علما ان هذا الأخير من الإنس وليس من الجن. أن لحزب الله تمثيل حكومي وبرلماني، وقد حضر عدد من النواب للإجتماع الأخير الذي عقده البطاط لتشكيل جيش المختار لمحاربة أهل السنة واعداء ايران. واستعرض الحزب قوات النخوه بعضلاتها الرخوه في ملعب الشعب الرياضي! أي في وسط بغداد وتحت مرأى وحماية دواب المالكي وقطعانه الأمنية.
ونقولها بصراحة تامة وثقة مطلقة بأنه لا واثق البطاط ولا نواب البرلمان الذين حضروا الإجتماع معه ولا أي متطوع في ميليشيا المختار سيلاحقهم قضاء مدحت المحمود. فطالما إن حزب الله ينفذ أجندة ايرانية فهو بمنأى عن ملاحقة القانون. ويتمتع بحصانة مطلقة من حكومة المالكي. وسواء تم تهريب البطاط الى سوريا كما قيل أو بقي في العراق فالأمر سيان. ولا نفهم لماذا يهرب الى سوريا وليس الى وطنه الأم ايران؟ ربما ليلتحق الفرع بالأصل. فسوريا مجرد محطة تتبعها لبنان ليسقط البطاط بأحضان سيده عبد الخامنئي( حسن نصر الله). إن المادة/4 (عنف وإرهاب) مادة خاصة تطبق على أهل السنة فقط! والشيعة لا علاقة لها بها. فهم مشمولين بالمادة/ 4 (ترحاب وإعجاب).
ربما لا يعرف البعض ان موقع ليبرتي هو قرب مطار بغداد الدولي، اي في منطقة محصنة جدا ولا يمر طير إلا ويُرصد! فكيف تمرمنه هاونات وصواريخ دون أن تُرصد؟ كما إن قنابر الهاونات والصواريخ تم إطلاقها من مكان لا يبعد كثيرا عن المعسكر، حيث تتواجد الثكنات العسكرية فقط! ثم كيف سحب الإرهابيون مدافع الهاون بتلك السرعة وأختفوا كأن شيئا لم يكن؟ لو لم يكن موقعهم قريب من الثكنات العسكرية او تم القصف من الثكنات نفسها. ومن يجرأ على هكذا عملية في منطقة عسكرية محظورة؟
إن صغر مساحة معسكر ليبرتي الذي لا يتجاوز النصف كيلومتر مربع يجعل إي هجوم مهما كانت حجمه يخلف خسائرا بشرية. وسبق أن نبهت منظمة مجاهدي خلق الثعلب الأممي كوبلر، لكنه كان أصما! فهو لا يسمع سوى صوت ملالي إيران وصداه عند المالكي، وهذا يفسر كيف أصبح مليونيرا! ويبدو ان منصب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يخضع للمزايدة في اروقة الأمم المتحدة لإنه مشروع مثمر يدر ارباحا بملايين الدولارات على ممثلي الأمين العام.
إن عناصر منظمة مجاهدي خلق، لاجئون مشمولون بالحماية الدولية حسب اتفاقية جنيف، وان عملية تعرضهم لإرهاب الحكومة التي تستضيفهم هو عار على الأمم المتحدة وأمينها العام وسمساره كوبلر قبل ان يكون عارا على حكومة العار. ان واجب الضيافة الجيدة ومعاملتهم بالحسنى هو واجب شرعي وإنساني قبل ان يكون التزاما دوليا نص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وكبلد إسلامي تحكمه احزاب اسلامية وتسير على نهج آل البيت- كما تدعي- يضعنا موقفهم في حيرة! هل هذه هي اخلاق آل البيت تجاه من يستغث بهم ويطلب حمايتهم؟ إن كان الجواب كلا! بل تتعارض معها. نقول حسنا: لماذا إذن تنتهجون ما يخالف اخلاقهم وعقيدتهم وأنتم تدعون أنفسكم اتباعهم؟ وإن كان الجواب: نعم تلك هي اخلاقهم وعقيدتهم! عندئذ نترك التعليق للقراء الأفاضل. من جهة أخرى إن عنصر المنظمة في ليبرتي هم أيضا من أتباع آل البيت وليس من جيرانهم! فلماذا يعتدي اهل البيت من أتباع آل البيت على ضيوفهم من اتباع آل البيت؟
بالتأكيد ان المسؤولية في هذا العمل الإرهابي وما سبقه وما سيتبعه من هجومات قادمة تقع بالدرجة الرئيسية ليس على مليشيات دولة القانون فحسب، بل على النظام الإيراني الراعي الأول للإرهاب في المنطقة. فالمالكي وحسن نصر الله وبشار الأسد والحوثي كل هؤلاء ليسوا سوى بيادق على رقعة شطرنج الولي الفقيه يحركهم كيفما ومتى ما شاء. وكلنا شهد السفينة التي ارسلها ملالي طهران الى الحوثيين وتم ضبطها في المياه الأقليمية اليمنية يوم23 الشهر الماضي تحمل اربعة اطنان من الذخيرة والصواريخ والمواد المتفجرة الخطيرة. فإيران الملالي بلا جدال المصدر الرئيس للإرهاب.
ان من واجب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة - بإعتباره راعي عملية نقل عناصر المنظمة من أشرف الى ليبرتي- زيارة المعسكر بعد الهجمة الإرهابية للإطلاع ميدانيا على الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بالمعسكر. اما ان يجبن ويرتعد كالجرذ مخافة زيارتهم بحجة الحاجة إلى الحماية! فهذا عذر أسخف من صاحبه. كيف يطلب من المتضررين والمنكوبين ومسئولي المعسكر ان يقوموا بزيارته؟ كأنه هو المتضرر وليس هم! ان هذا الموقف المخزي وضع الشرعية الدولية في دائرة الشكوك وعدم النزاهة. وعلى فرض طلب زيارتهم له كيف سيكون حال الشهداء؟ هل تصحب اللجنة نعوشهم الى مقر كوبلر؟ وكيف سيقوم بتقدير الأضرار المادية؟ هل بالطيرة والتنجيم؟
حتى تصريح الأمين العام وممثله كوبلر والناطقة بإسم المفوضية العليا للاجئين لم يكن متناسبا مع جسامة الحدث. فقد اشاروا في تصريحاتهم بأن المعسكر تعرض الى هجوم بالصواريخ وقذائف الهاون مما أدى الى مقتل وجرح العشرات، وطالبوا بمعالجة الجرحى وفتح تحقيق! لا أكثر. كإنما فتحوا فتحا جديدا بهذا الطلب. بالطبع سيعالج الجرحى ويدفن الشهداء. وسيفتح التحقيق، ثم سيغلق التحقيق بلا جدوى. مثله مثل التحقيقات السابقة ويحفظ في إضبارة المجهول ويودع في مكتب الرئيس نجادي!
الم يسأل الأمين العام وثعالبه أين نتائج التحقيق في الهجومات والإنتهاكات السابقة التي تعرض لها اللاجئين في أشرف وليبرتي؟ وهل نجحت حكومة المالكي في كشف اي ملف إرهابي سابق كي تنجح هذه المرة في كشف ملابسات هذا الهجوم الغادر، سيما ورائه إيران؟
أين نتائج التحقيق في تفجير العتبات المقدسة في سامراء وضحايا تفجيرات الكاظمية و اختطاف وقتل موظفي دائرة البعثات ورئيس واعضاء اللجنة الاولمبية وآلاف الملفات الأخرى؟ ولنفترض جدلا إنه قد عُُرف الجاني! فهل سيناله حقا قضاء مدحت المحمود المسيس؟ لنا في تبرئة السفاحين أبو درع وحاكم الزاملي أسوة سيئة. فدولة القانون لا تؤمن إلا بشريعة الغاب فقط.
لم يعد للقناع الذي يرتديه كوبلر فائدة بعد، فقد أسفر عن وجهه القبيح وعدم نزاهته لذا يجب على منظمة مجاهدي خلق وقف التعامل معه فورا ومطالبة الأمين العام بإرسال مسؤول دولي نزيه وليس مستثمرا دوليا جشعا جاء ليرتزق على جروح ومعاناة الإبرياء. كوبلر لم يكن حياديا مع الشعب العراقي ولا مع سكان ليبرتي. إنه رجل غير نزيه وضميره ميت، ولم ينقل الصورة الحقيقية لمعاناة العراقيين والأشرفيين على حد سواء. بصورة أدق إنه عميل للنظام الإيراني ولا خير يرتجى منه. إن صورة الأمم المتحدة في العراق أمست مقززة جدا. فهل سيتدراك الأمين العام الخلل في منظومته العاملة في العراق؟ أم إنه عضو مساهم في الصفقة؟ هذا ما سيتوضح قريبا من خلال موقفه مع كوبلر.