سوريا تستغيث، فأين المُغيثون؟

سوريا تستغيث، فأين المُغيثون؟

يا أيها المسلمون: لقد مرّ بإخوانكم في الشام العامَ الماضي شتاء قاس أوشك أن يفتك بهم؛ عاشوا في بيوت لا وقودَ فيها للتدفئة فلا نار، وقلّ في أيديهم اللباس فلا دثار. ودّعوا الشتاء الماضي في بيوت خاوية، وها هم أولاء يستقبلون هذا الشتاء بلا بيوت! لقد هدم المجرمون نصف مليون بيت فشرّدوا خمسة ملايين من الرجال والنساء والأطفال. 

خمسة ملايين من إخوانكم يهلّ عليهم شتاء جديد وهم في المدارس والجوامع والساحات، ومنهم آلاف وآلاف يستقبلون الشتاء في العراء، أرضهم التراب وسقفهم قبة السماء؛ أقسم بالله إنهم في هذه اللحظات في العراء، ما هذه خيالات ولا مبالغات ولكنها حقائق بيّنات. لن يعرف أحد ما معنى "ليلة في العراء في برد الشتاء" حتى يكون هو الذي يُمضي ليلة في العراء في برد الشتاء!

يا أمة الإسلام، يا أيها المسلمون في كل مكان: إن أهل سوريا يستنصرونكم، وإن ربكم تبارك وتعالى خاطبكم فقال: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}، فأوجب عليكم نصرة المستنصرين من إخوتكم ولم يترك لكم الخيار. وإن العدو سيُفني إخوانكم في سوريا ما لم تنصروهم بأموالكم، وإن الجهاد بالمال قد صار فرضاً عليكم، فأدّوا فرضكم ولا تقصّروا مع ربكم ولا تخذلوا إخوانكم، لو فعلتم لتُسألُنّ يومَ الحساب، فأعدوا لذلك اليوم الجواب.

* * *

الكلمات السابقة نشرتها قبل خمسة أسابيع؛ وجّهتها إلى المسلمين في مقالة عنوانها "يا أمة الإسلام"، ففتحتُ على نفسي باباً لم أستطع إغلاقه، فقد وجدت حماسة هائلة وتجاوباً بلا حدود، ولكن الناس ما انفكّوا يسألون: كيف يمكننا المساعدة، وما هي الطرق المأمونة المضمونة لوصول التبرعات؟

إلى أولئك السائلين، إلى الخَيّرين الصادقين وإلى أهل المروءة والمكرمات أقدّم هذه القائمة؛ لم أسجّل فيها إلا الجمعيات والهيئات التي أعرفها وأثق فيها، والتي أضمن -بأمر الله- وصول كل درهم تضعونه فيها وكل دينار إلى مستحقّيه. وهي كلها من المنظمات الإغاثية التي تسعى لتوفير ما يحتاج إليه الناس في معاشهم: الغذاء والدواء والكساء والدّفاء، وتصل خدماتها إلى داخل سوريا كما تصل إلى اللاجئين السوريين في الشتات، أما السلاح فلا شأن لها به لا من قريب ولا من بعيد.

وإني لأعلم كم يتوق أبناء الأمة لدعم المجاهدين، ولكنْ لمّا صار الجهادُ هو التهمة الكبرى في هذا الزمان الكئيب الذي نعيش فيه فقد تركته واقتصرت على الإغاثة والدعم الإنساني حتى لا أسبب الضرر لأحد (وإن الإغاثة لَعَملٌ جليل عظيم تكسبون به أعظم الثواب بإذن الله). على أنّ لتوصيل الدعم إلى المجاهدين مسالك يعرفها العارفون، فمن جَدّ في الطلب وجد الجواب.