ربيع فلسطين
ربيع فلسطين
محمد عميرة – القدس
ربيع نيسان الماضي ما زال متشبـّـثاً بأرض فلسطين هذا العام حتى جاء الشتاء فتخدّرتِ الأرضُ بعباءةِ السماء البيضاء الفضفاضة ، والتي تهادتْ بِـخِـفّـةِ الفَـراشِ ، وحبستِ الناسَ في الفِراشِ ، ولم يخرج معظمهم حتى بكى الثلجُ ، وصار دموعاً في الطرقاتِ وسيولا ً كيْ يرى الربيعُ الشمسَ .
أما الربيع السياسي الذي بدأ باسم الله مجراهُ من تونس يبدو أنّ مرساهُ سيكون في فلسطين لعلّ الستارة تُسْدلُ على الحروب .
وتُداعبُ شاطئا الدولتين مياهُ البحر الأبيض ، وتوجد بينهما قواسم مشتركة ، فهما تقعان على نفس خطّ العرض وتتقاربان في المناخ والزراعة ، وخاصة أشجار الزيتون الدائمة الخُضرة والبركة ، وتشبـّثِ جذورها في الأرض .
هذا الربيع الأخضر الذي ينتشر في الأرض كان ماؤهُ الدماءَ والظلم الدولي ، وكانت غرسته الأولى في فلسطين الذي غرس فيها الإنجليز الشجرةَ الملعونة ؛ لذا وبسبب تراكم الظلم منذ الغرسة الأولى التي صارت تنمو وتكبر كان من العدل أن تنمو وتكبر غرسة العدل ، وتُزهق غرسةَ الظلم ليس في فلسطين وحدها بل في كل مكان لأنها غرسةٌ طيبةٌ أصلها ثابت وفرعها في السماء.
وهذه فلسطين الأرض المباركة الطيبة أوقدت من كلّ حرف من حروفها ثورة في تلك الدول التي تنطق بالضاد ، وكأن آخر حرف من حروفها أوقد ناراً في ما تنتهي تلك الدول بما بدأت به النار وانتهت به فلسطين .
عسى أن يكون بعد ذلك نصـراً ونــوراً ؛ فسبحان الذي يقول للشيء كن ... فيكون .