فؤاد الخفش مستشارا للرئيس

فؤاد الخفش

لم أتردد اطلاقا بقبول العرض الذي قدمه لي الشهيد زياد أبو عين, بأن أُعيَّن مستشارا للرئيس. وبعد ساعات من تنصيبي وجلوسي مع السيد الرئيس طلبت من فخامته  أن أرتب له برنامجه لأسبوع واحد فقط لا غير وافق الرجل بدون تردد, وعبر عن ذلك بابتسامة مميزة وقال لي: تفضل .

قلت له: سيدي الرئيس , فجر غد الجمعة سيفرج عن الطفلة ملاك الخطيب, أصغر طفلة أسيرة  بالعالم, وهذا حدث هام نريد أن نسلط الضوء عليه من خلال شخصك الكريم, وأنا علي يقين أننا سنوصل الرساله وسنعري الاحتلال الذي اعتدى على الطفولة من خلال هذا الاعتقال, لم يرفض فخامته الافتراح وقال: رتب لذلك ، قلت له: سيدي نريد أن يحضر رئيس الوزراء وجميع الوزراء ونريد أن نطلب من وزير الخارجية أن  يطلب من جميع ممثلي سفارات العالم الموجودة في الأراضي المحتلة أن تحضر هذا الأمر.  أشار بالموافقة ، وبدأت باصدار الأوامر لجميع الجهات العاملة باسم السيد الرئيس فأنا المستشار الأول لفخامته .

بدأ اليوم بسير الموكب متجها نحو حاجز جبارة, وبدأت جميع وسائل الاعلام بالحضور وحشود كبيرة من المواطنين والمسؤولين والقيادات والفصائل كلها تقف مقابل الحاجز العسكري ومئات الاعلاميين نسلط أضواء كاميراتها باتجاه الحاجز تارة, وباتجاه فخامته تارة أخرى, والبث المباشر لجميع الفضائيات( يلعلع) بالمكان , وسعادة كبيرة تملكت قلبي! ومضت الساعات وأفرج عن الطفلة ملاك التي خرجت من سيارة البوسطة وأطلقت العنان لساقيها تعانق الريح نحو الحرية وقادتها قدامها نحو فخامته الذي ضمها لصدره , ومرر يده على شعرها وانصت يستمع لها ولمعاناتها وتحدث للاعلام عن الاجرام الاسرائيلي بحق هذه الطفله والطفولة .

عدنا للمقر بعد يوم شاق فهمست بأذن معالية وقلت له : يجب أن نفتح في مقر المقاطعة بيت عزاء للشهيدتين  اللتان قتلتا  في الاعتداء الآثم بأمريكا من عائلة أبو صالحة, وعلينا أن ندين هذا الحدث! ويجب أن يقوم وزير الخارجية أيضا بدعوة جميع سفراء العالم للحضور, وعلينا أن نعلن ومن خلال مؤتمرٍ صحفي ادانتنا للارهاب الذي أدى لقتل فلسطينيين مسلمين. لم يعارض فخامته وبدأت التجهيزات .

مر اليوم الثالث لنا داخل مقر المقاطعة, وذهب لفخامته مع ساعات الصباح الأولى وقلت له : نريد أن نذهب سيدي لزيارة  مخيم فلسطيني, والاطلاع على معاناة الناس , ونريد أيضا ان نقف على أحد الحواجز العسكرية المنصوبة على طول البلاد وعرضها وننظر لمعاناة الناس, وننزل من السيارة ونمر بين الناس! لم يعارض الفكرة, وذهبنا لمخيم بلاطة وعلى حاجز زعترة وقفنا ونظرنا الى الناس وتوجهنا باتجاه حاجز حوارة, ودخلنا نابلس ونزلنا على مدخل مخيم بلاطة وكان المخيم باستقبالنا ومررنا بتلك الزقاق الضيقه واطّلع فخامته على معاناة الناس واستمع لمشاكلهم وهز رأسه واصابته حالة شديدة من الحزن .. خرجنا من المخيم باتجاه رام الله ولم ينطق بكلمة واحده سوى أن هذا الشعب مسحوق .

ذهبت لفخامته صباح اليوم التالي وقلت له إن شعبك ينتظر منك حلا حازما حاسما لن يستطيع شخص غيرك اتمامه , نظر الي دون أن يتكلم قلت له: سيدي قطاع غزة,  وقبل ان يتكلم,, قلت له إن غزة وبعد الحرب وبسبب الحصار كما تعلم تعاني بشكل كبير , والمصالحة المتعثرة لن ينهيها أحد سواك وأنا على يقين أنك الوحيد القادر على تضميد جراح شعبنا في المحافظات الجنوبية وبدأت أتحدث له بصوت خفيف عن غزة وغزة وغزة إلى أن قام من مكانه وقال غدا في غزة !

تناقلت وسائل الاعلام الخبر بسرعة ورحبت غزة بفصائلها ورموزها وشعبها بالسيد الرئيس وذهبنا لغزة التي خرجت تستقبلنا, وتفقدنا المنازل المدمرة بصحبة قيادات من مختلف الفصائل وكانت قيادات حماس على رأس المستقبلين,  واجتمع أبناء الشعب الواحد .. كان يوما من أروع الأيام التي مرت على أبناء الشعب الفلسطيني فبهذه الزيارة اسدل الستار عن السنوات العجاف للانقسام الفلسطيني .

وفجأة وبدون مقدمات استيقظت من الحلم الجميل الذي عشته كما رويته لكم ، لم استطع النهوض من فراشي وتمنيت لو كان الأمر حقيقيا!!  وتذكرت أن زياد أبو عين استشهد, وعلى الفور تذكرت المثل الشعبي الذي يقول (اللي ع بال أم حسين بتحلم فيه بالليل )!! ابتسمت ونهضت من فراشي قائلا: هذا ما هو بحاجة له السيد الرئيس مستشارا يكون قريبا من الشارع..  والى أن يتم  تعييني أو "تعيني" مستشارا لفخامته,  طابت أوقاتكم.