المعارضة العلمانية الدموية

المعارضة العلمانية الدموية

محمود القاعود

[email protected]

لطالما تغنت الأحزاب الليبرالية والعلمانية والناصرية، باحترام الآخر وضرورة التعايش المشترك، والتداول السلمى للسلطة، وأن مصر ليست بلدا لتيار أو فصيل معين، وأنه على الجميع احترام "الديمقراطية"، لكن ما يحدث على أرض الواقع من قبل الأحزاب التى تسمى نفسها "مدنية" يتنافى تماما مع كل التنظير وكل الخطب الرنانة التى يتغنون فيها بالديمقراطية و " قبول الآخر"!

نظرة سريعة للمشهد السياسي فى مصر عقب الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر الماضى ، تثبت أن هؤلاء الذين يتحدثون بما لا يفعلون يعانون من حالة " انفصام" حادة .

فمنذ اليوم التالى للإعتراض على الإعلان الدستورى وهم يرفعون راية إسقاط الرئيس المنتخب ، والدعوة لحصار مؤسسات الدولة، بل واقتحام قصر الرئاسة والقبض على الرئيس.. كل هذا من قبل أنصار " قبول الآخر"! فالواقع يقول لو كان لديهم اعتراض ما ، فليعترضوا بصورة سلمية حضارية، لكنهم تجاوزوا جميع الحدود والأعراف والتقاليد وكل ما يمت للسياسة بصلة، يشجعهم على ذلك عشرات الفضائيات والصحف التى تفخخ الوطن وتزّين إجرام "القلة" العابثة التى تهدد الأمن القومى للبلاد.

عندما حشدوا أتباعهم لاقتحام قصر الاتحادية، لم يصدر أى بيان استنكار أو تنديد ، بل صمت القبور الذى يشجع هذه الأعمال المسلحة ، وعندما نزل الإخوان فى وقفة سلمية أمام ذات القصر ، انهالوا عليهم بوابل من الرصاص ليقضى عشرة شبان من شباب الجماعة نحبهم، وليصمت الإعلام الكاذب دون إشارة حتى لهؤلاء الضحايا، بل الأغرب من ذلك أن الإعلامى يسرى فودة كان فى ذات اليوم يحدث أحد قيادات حزب الحرية والعدالة قائلاً: هتبطلوا تقتلوا فى الناس إمتى؟!

لم ترتدى مذيعات قنوات الفلول الملابس السوداء حدادا على الضحايا بل كانت هناك حالة ملحوظة من الشماتة والفجاجة، دون أدنى مراعاة لمشاعر أهالى الضحايا، وهو عكس ما فعلوه إبان مقتل ستة نصارى فى نجع حمادى عام 2010 أو وقت حادث كنيسة القديسين أول عام 2011 أو عند مقتل شاب يُدعى جيكا أثناء الاشتباكات فى شارع محمد محمود .

بالقطع ليبرالية هؤلاء وديمقراطيتهم تحتم عليهم اعتبار الدماء الإسلامية " دماء رخيصة"، ولذلك كانوا ييتعامون عن حرق مقرات حزب الحرية والعدالة وحزب النور ، كما تعاموا عن حصار مسجد القائد إبراهيم وقذفه بالحجارة وحبس الشيخ الجليل أحمد المحلاوى بداخله، ونتخيل لو أن "ممثلة مغمورة" حاصرها بعض الأشخاص فى منزلها ماذا كان سيحدث ؟؟

لقد قامت الدنيا ولم تقعد من أجل " شمروخ" تم قذفه فى بلكونة حزب الوفد، وتداعت وزارة الداخلية عن بكرة أبيها لحماية الوفد، وهو مالم يحدث مع المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين الذى اقتحمه البلطجية ودمروا محتوياته حتى النباتات الموجودة فيها أتلفوها والقوها فى الشارع!

إننا إزاء حالة عجيبة من قبل الأحزاب العلمانية الكارهة لكل ما هو إسلامى، تجعلنا نضع علامات استفهام عديدة حول هؤلاء الأشخاص ومدى حرصهم على الوطن.

ونتيجة لسياسة الصمت الرهيب من قبل المعارضة عن عمليات القتل وسفك الدماء دون الإدانة بكلمة واحدة كان يوم الاستفتاء على الدستور حافلاً بعمليات الترويع والقتل من قبل أنصار المعارضة المسلحة الذين يعتقدون أن الديمقراطية لابد أن تأتى بهم إلا الحكم وإلا فليهدموا المعبد على رؤوس الجميع.

لقد صارت اللعبة مكشوفة الآن والهدف هو جر الإسلاميين إلى مستنقع الاقتتال و " الحرب الأهلية " التى يروجون لها بكثافة هذه الأيام.

 أين منظمات حقوق الإنسان من تلك الجرائم التى ترتكبها المعارضة المسلحة ؟ أين الفضائيات التى تقيم حفلات تعذيب للمصريين إذا كان المصاب علمانى أو نصرانى ؟ أين الأحزاب التى تصدر بيانات الإدانة القوية من اجل توافه الأمور؟ وأين .. وأين ... ؟

إن الفترة التى أعقبت الإعلان الدستورى كشفت عن خبايا عديدة ومؤامرات كثيرة، والشعب وحده هو المستفيد، حيث اتضحت أمامه الرؤية، وعرف من يعمل لصالح البلد ومن يسعى لتدميرها.