مصاصة بشار الأسد
ماهر شرف الدين
لا يمرّ أسبوع من دون أن تطالعنا "وكالة سانا" السورية الرسمية بحبل غسيلها المنشورة عليه الثياب الداخلية لرئيسها الشاب: قوانين تختصّ بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة تكاد تظن أن من يصدرها رئيس لدولة من دول العالم الأول، وليس رئيساً لعصابة كل حظّها من العلم والتكنولوجيا أنها اخترعت نوعين من البراميل: برميل متفجّر يُلقى من الطائرة على البيوت فيقتل الناس، وبرميل بشري يشغل منصب وزير الخارجية يُلقى على الشاشات فيقتل المشاهدين.
قبل أشهر أصدر الأسد قانوناً يتعلّق بـ"مكافحة الجريمة الالكترونية"! في وقت كانت الجرائم الواقعية لجيشه وشبيحته تملأ سوريا كلّها!
وقبل أيام أصدر قراراً بمنع صيد الطرائد في جميع المناطق السورية لمدّة ثلاثة سنوات ومن ضمنها الخنازير البرية (يبدو بأن هذا القانون صدر بغرض حماية وئام وهاب)
وقبلها أصدر الأسد قانون "الأمان الحيوي للكائنات الحية المعدّلة وراثياً"!! والسبب: "ضمان مستوى الأمن لصحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة"!
وحقيقةً لا نعرف إذا كان سيادته يندرج ضمن هذا القانون كونه كائناً معدّلاً وراثياً أيضاً. بل لا نعرف كيف ما زال هذا الوريث القاصر يمتلك الجرأة على استخدام كلمة "وراثة" حتى في ما يختص بالقوانين العلمية.
ولعمْري إن إصدار قانون يُجيز للتماسيح إصلاح أسنانها عند أطباء الأسنان، لهوَ أكثر جدّية من إصدار هذه القوانين في الوقت الذي بلغت فيه حصيلة الشهداء عشرات الآلاف من السوريين.
يريد بشار الأسد أن يقنع العالم بأن لا شيء يحدث في سوريا، والدليل إصدار هذه القوانين العلمية...
يريد أن يقول لهم إن سوريا اليوم هي دولة طبيعية مهتمة بالهندسة الوراثية والعلوم التكنولوجية وبصحة الحيوانات كأي دولة متقدّمة. وهو في هذا التصرُّف يشبه ذاك الذي يصرّ على غسل يديه بالماء والصابون قبل أكل الخراء!!
بالطبع، ليست البلاهة وحدَها هي التي تُملي على بشار الأسد إصدار مثل هذه القوانين، بل هي الرغبة في الاستفزاز الذي أثبت ابن أنيسة أنه لا يبرع في شيء مثلما يبرع فيه.
اليوم يتعامل الأسد مع الشريحة الكبرى من السوريين المنتفضين على أنها تجمُّع أعداء لا يكفي قتلهم وقصفهم وبتر أطرافهم، بل لا بد من استفزاز من نجا منهم ... لا بد من تعذيبهم نفسياً من خلال إقناعهم بأنه يحيا حياة طبيعية وسعيدة، والدليل أنه يُصدر هذه القوانين المترفة والغرائبية، بينما هم جوعى ومشردون.
وكم أصاب رياض الترك حين وصفه بـ"الصبي" يوم تنصيبه رئيساً للجمهورية. والحقيقة أن مشكلة هذا الصبي أنه لم يكبر، بل ظلَّ صبياً. وها هو اليوم – بعد أكثر من 11 عاماً من حكمه – يقف كأيِّ صبي شرير لا يروق له لحسُ مصَّاصته والتلذذ بها إلا أمام أقرانه من الأطفال الفقراء.
لكن مصاصة هذا الصبي الشرير ستنتهي قريباً، ولن يبقى له منها سوى عودها الذي يعرف الأطفال الفقراء أين يضعونها له!