من غليون إلى صبرا
معاذ عبد الرحمن الدرويش
بعيداً عن آليات العمل لتشكيل المجلس الوطني و النتائج بسلبياتها و إيجابياتها ،لا أحد يستطيع أن ينكر أن المجلس الوطني يمثل عينة من المجتمع السوري.
هذا المجتمع الخليط دينياً و ديموغرافياً و عرقياً.
فالمجتمع السوري يتكون من عدة أعراق يسودها العربي و يوجد الأكراد و التركمان و الأرمن و الأشوريون و الشراكسة و غيرهم، تتوزع هذه الاعراق على ديانات و مذاهب عديدة أيضاً و يغلب عليها المسلم السني و هناك الدروز و المرشدية و اليزيدية و العلوية و المسيحية بطوائف متعددة.
أما الإتجاهات السياسية في سوريا ،فظاهرياً و في ظل ديكتاتورية النظام الأسدي لم يكن هناك أي إتجاه سياسي ظاهر إلا التوجه البعثي الأسدي .
رغم كل الجراح التي تلم بغالبية الشعب السوري والذي يتجرعها يومياً نتيجة حقد طائفي ديني ،إلا أن ذلك لم يدفع به إلى أي جنوح طائفي أو عرقي أو ديني مضاد و استمر بعفويته و طيبته المجبولة بطبيعة خلقه،لا على الأرض و لا في المنفيات و الاغتراب.
فأول ما ظهر رئيساً للمجلس الوطني السيد برهان غليون ،صحيح هو عربي مسلم سني لكنه يحمل عقلية علمانية ، ثم يأتي خلفاً له السيد عبدالباسط سيدا الكردي و من ثم ياتي من بعده السيد جورج صبرا مسيحي المذهب شيوعي الانتماء..
و السوريون لم يشيروا بطرفي بنان لما أشير له في هذا المقال،لأنهم بالأساس منصهرون بكتلة واحدة ، تقوم على مبدأ الإنسانية أولاً و آخراً ،يختلفون و يتوافقون و لكن لا يتفرقون..
و لو أن نظام آل الأسد يمتلك لن أقول قليلاً من العروبة ، أو قليلاً من الإسلام ،أو قليلاً من الاخلاق لا بل قليلاً من الإنسانية لحكم سوريا إلى أبد الآبدين كما كان يخطط و يحلم...