الهدنة المزعومة بين الرجاء والضرورة

ســيد السباعي

المفترض أن أي هدنة يتم الاتفاق عليها بين طرفين أن يكونا نِـدّين ومتساويان في القوة ، بحيث يتفقان عليها حينما يثخن كلاهما بالآخر ، ولا يصل الصراع بينهما لمرحلة الحسم .. فيتفقان على هدنة ليكسب كل منهما الوقت الكافي لاعادة ترتيب أوراقه وحشد صفوفه ، عسى أن يعود بعد الهدنة أقوى من ذي قبل ليحسم المعركة لصالحه ..

فكيف لنظام كالنظام الأسدي والذي لم يعترف أصلا ً بأن خصمه هو الشعب السوري وإنما مجموعات مسلحة خارجة عن القانون ، أن يوافق على مقترح للهدنة يضعه في موضع النــد مع هذه المجموعات ، إلا أن يكون مضطراً لها بشدة بسبب الخسائر اليومية الكبيرة التي يُكبدها لــه أبطالنا الثوار ؟؟!!

إن صدور هذا المقترح من شخص كالأخضر الإبراهيمي والذي لم يعترف أصلاً بأن مايحصل في سورية هو ثورة ، وإنما صراع على السلطة ، يميل أن يكون مُرتب سلفـاً مع نظام الإجرام الأسدي ، دفعه ليدلي بهذا الطرح حتى لايظهر النظام في موقف الضعيف العاجز.

* فمن ناحية الثوار: فليس لهذه الهدنة من رجاء يُـذكر، ولن يكون لها الأثر الحقيقي في انتصار الثورة. فهي لن تزيد من حجم الأسلحة الموردة لهم ، ولن تفيد من الناحية اللوجستية والإغاثية بالشكل المأمول لأن الحواجز ستبقى كما هي ، ناهيكم عن غدر النظام الذي عرفناه وخبرناه عبر السنوات وخصوصًاً خلال الثورة ، فالشعب الذي يذوق المرارة يوميًاً منذ حوالي 19 شهرًاً لـن تفــرق عنده أيام هـدنة لن تجلب المأمول منها ، وإنما ستجلب المصائب بعد إنتهاءها ( هذا إن سَـلمّـنا أن إلتزم النظام بها أصلا ً).

* أما من ناحية العصابة الأسدية: فإنه سيكون لهذه الهدنة أكبر الأثر في إعادة رص صفوفه وإستلام المزيد من الأسلحة وتدريب عناصره عليها ، وستسنح الفرصة للخبراء الروس والايرانيين في الميدان تعديل خططهم حسب الوضع الجديد ، وستكون ذات فائدة عظيمة من الناحية الاستخباراتية التي ضعفت كثيراً بسبب الضربات الموجعة المتلاحقة ، كما ستعطي الفرصة للنظام للمناورة والتواصل مع الكيانات الدولية لحبك المؤامرات لاغتيال الثورة.

 * أما من ناحية الابراهيمي: فإنها ستعطيه رصيدًاً بأنه أنجز شيئاً ولو يسيرًاً في الملف السوري ، يكرس لتمديد المهلة الممنوحة لـه.

لذلك فإنه من أكبر الخطأ القبول بهذه الهدنة والتي ستكون بمثابة إعطاء الفرصة للقاتل لاستعادة قوته لقتل المزيد من أبناء شعبنا ، وأوجه خطابي إلى إخوتنا في الجيش الحر والكتائب جميعاً لعدم الموافقة على أي هدنة مهما كانت ، وإلا فانها ستكون بمثابة السيف الذي يُسن من جديد ليُعمل الذبح فينا ، ولايحق لأيٍّ كان التفاوض عن الثوار في هكذا هدنة إلا الثوار أنفسهم.