في مثل هذا اليوم كانت المذبحة لمدينة حماة وسورية بأكملها اليوم حماة

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

في مثل هذا اليوم كانت المذبحة لمدينة حماة

وسورية بأكملها اليوم حماة

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

في مثل هذا اليوم اكتمل النصاب لارتكاب جريمة القرن الماضي في تدمير مدينة بأكملها فوق ساكنيها ، وما صاحبها من المجازر الجماعية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً ، حينما سيقت النساء والأطفال والشيوخ والشباب مكبلين للساحات ممن داهموا منازلهم ليُسحلوا ويفرموا ويُذبحوا ذبح النعاج ، فبقرت بطون الحوامل ، واغتصبت النساء ، ومُثّل بالشباب ، ثم قامت راجمات الصواريخ والطائرات بدك المدينة وتدميرها فوق ساكنيها

 أحد المشاركين قسراً وكان كردياً قال لي : من كثرة ماقتلنا ومشينا فوق الجثث والأشلاء أُصبت بالهستريا ، فهمت في الفلاء أمش وأمشي حتى صرت بتركيا ، وتعرضت لعلاج مكثف من هول مارأيت وماعرفت ، وصرت من حينها سابح في الشرود ، لاتغيب عنّي مناظر مارأيت من الهمجية والإجرام ، أطفئوا من خلالها ابتسامة الصغير ، وهتكوا الحرمات ، وداسوا المقدسات ، ونحن نسمع الصرخات والأناة ، والإجهاد على الجرحى ومن بقي فيه نبض حياة ،وكأننا في يوم الهول العظيم ، والدماء تسير أنهاراً ، والآهات تنبعث من كل مكان ، ورائحة الموت لأكثر من أربعين ألف من سكان المدينة تُزكم الأنوف بعدما تكدست الجثث والأشلاء وتعفنت ، كنت حينها أسمع صرخات الكون بأجمعه وهو يتأوه ، وأقصد كل شيء ماعدا تلك الإنسانية الحضارية المُدعاة ، فالعالم المجرم يرصدنا عبر الأقمار الصناعية دون أن يرتجّ له جفن ، ولم أكن أرى إلا السواد ، وأرى السماء وكأنها تبكي وهي تطوف على الديار والأحياء التي كان يفيح منها عبق الرياحين والأزهار ، بفضل ارواء نواعيرها التي توقفت ، وتوقف التاريخ الذي مسحوه في حماة من لحظتها ، عساه أن يكون درساً للسوريين جميعاً ليس من عصابات حافظ ورفعت وآل الأسد ومعظم علوي سورية ، بل من هذا العالم المجرم الذي زرع فينا هذه النبتة الخبيثة ورعاها وسقاها حتى كبر إجرامها ، لتقطف الرؤوس والأجساد وتدمر المدن هذه المرّة بمعاونة الايراني الفارسي الذي احتّل سورية ، ليكون مافعلوه بروفا لما فعلوه منذ أربع سنوات الى اليوم ، حيث جعلوا سورية بأكملها حماة وأكثر من نصف مليون شهيد ، ومثلهم من المعتقلين وهم يُسامون سوء العذاب ، ومليوني معاق ، ونصف المباني السورية هدمتها طائراتهم وصواريخهم ، حتى أن الكيماوي لم يوفروه على شعبنا ، فما من بيت ولاحي من الأحياء أو قرية أو مدينة إلا وطالها القتل والتدمير لكل من تجرأ على تلك العصابة الأسدية المختطفة لسورية وأهلها تحت سمع وبصر هذا العالم ودون تحريك ساكن ، وفوق هذا وذاك يُريدون أن يُسوقوا لنا إمكانية إعادة تسويق هذه العصابة مقابل وقف جرائمهم على أن يعود شعبنا الثائر الحبيب تحت رحمتهم ، وهو أبعد مايكون كما بعد السماء عن الأرض ، لتلهمنا هذه المجزرة المزيد من الاصرار والتصميم مهما علت التضحيات لدحر هؤلاء الخونة القتلة الفجرة الأنجاس القاذورات ، الذين لن يكون مصيرهم إلا الى مجاري التاريخ وكهاريزه ، لنلعنهم لعناً كبيراً الى يوم الدين ، بعدما كشفت لنا ثورتنا السورية الفاضحة عن الوجوه المتكلسة والصدئة وحجم المؤامرة والمتآمرين ، وبعدما عرفنا أيضاً الصادقين الذين وقفوا بنبلهم وشهامتهم وأخلاقهم الى جانب الأحرار في سورية ، والى جانب أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم اللاتي  داسوهم ويالهول مافعلوه فيهم وفي شبابنا وشيوخنا وقهرهم وأطفالنا في اطفاء ابتسامتهم ، مما يُحرك الجبال الراسيات ولم تُحرك ساكناً فيمن فضحتهم ثورتنا السورية ، وفيمن مقتهم الله الذي نستغيث به على الدوام ، وسيأتينا الغوث رغم أنوفهم بإذنه تعالى الجبار المنتقم

هذه المجزرة الأعظم في القرن الماضي لم تكن الأولى حينها ، بل سبقها مئات المجازر وأهمها في حماة نفسها عام 1963 على يد نفس هذه الحثالات العسكرية المنفلتة والانقلابية ، ومذبحة تسليم الجولان بيعاً وشراء لتسليم الخائن المجرم حافظ الأسد السلطة ورقاب السوريين ، والتي قتل فيها كل الجيش السوري آنذاك من كان على جبهة الجولان ، ومذابح بحق الفلسطينيين وأعظمها في لبنان وهو مالم ترتكبه اسرائيل بحقهم على مدار ستين عام  ، وبعدها جاءت مذبحة حماة مأساة القرن الماضي ، وكان هناك مذابح مابعدها وما قبلها في كل من لبنان وسورية ومنها مذبحة مسجد المشارقة الشهيرة في العيد ، وقتل جميع المصلين فيه بصلاة العيد وجسر الشغور والصالحين و...، وكل تلك الجرائم أعطت هؤلاء المجرمين الصكوك ليفعلوا مايريدون في هذا الوطن وبأهله ، وقتل مايريدون وما يشاءون ، ولكن إرادة الثوار من ارادة الله بإذن الله ، وهم من سيحسم الأمر في هذه المرّة ، ولن تعود سورية الى حظيرة العبودية بعد اليوم ، بل ستبقى حرّة الى يوم الدين ، بإرادة شعبنا العظيم المستمد قوته من الله الخالق من له الملك ، أبى من ابى وسخط من سخط ، ، وسنجعل بإذن الله من سورية مقبرة للغزاة والمحتلين كانوا روساً أو إيرانيين وأذنابهم وأنتم تسمعون يومياً قتل العشرات منهم ، وقريباً إن شاء الله نتمتع بنصر الله ومنته لتعود سورية كما عهدناها حرّة أبية عزيزة من غير ذلّة ولامهانة ، يسودها العدل والمواطنة المتساوية ، وحينها فقط تنام أعيننا ونحن مطمئنين لمستقبل أجيالنا ، ولنترحم على شهدائنا الأبرار ، ونقف بإكبار أمام مناضلينا وجرحانا ومصابينا لنكون في خدمتهم على الدوام ، فهم علم سورية السامق ، من ضحوا بدمائهم وأرواحهم وأغلى مايملكون لرفع الظلم ، وإعادة الحرية والكرامة المسلوبة منذ نصف قرن لهذا الشعب العظيم ، ولذلك من حقهم علينا أن نكون معهم في كل لحظاتهم وأوقاتهم ، ونسعى لهم بتوفير كامل مستلزماتهم وعونهم ، وهذا أقل مايمكن أن نقدمه لهم ، وبالله التوفيق.