تبعات انضمام السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية
تعليق صحفي
تبعات انضمام السلطة الفلسطينية
إلى محكمة الجنايات الدولية
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبوله طلب "دولة فلسطين" الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وذلك بحسب المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك يوم الأربعاء 2015/1/7.
وأبلغ بان كي مون الدول الأعضاء في المحكمة بقرار قبوله الطلب في بيان أصدرته الأمم المتحدة وقال فيه: "إن الوثائق التي تم تسلمها تطابق المعايير قبل قبولها لإيداعها".
وكانت السلطة الفلسطينية قد قدمت طلب الانضمام رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة الماضي.
إنّ أول ما يلفت النظر في هذه المسألة هو سرعة قبول الأمم المتحدة لطلب الانضمام، وهو ما يُشير -على الأقل- إلى عدم ممانعة أمريكا للطلب مع أنّ بمقدورها وضع عراقيل أمام الانضمام، كما أنّ بإمكانها ممارسة ضغوط على السلطة لثنيها عن تقديم الطلب، لكنها لم تفعل.
فالسماح بدخول السلطة إلى المنظمات الدولية ومنها محكمة الجنايات الدولية هو نوع من الضغط الناعم -إن جاز التعبير- تُمارسه أمريكا حالياً على دولة يهود، أو هو شكل من أشكال التحجيم دأبت أمريكا منذ زمن على فرضه عليها.
على أنّ هذا النوع من الضغط، أو التحجيم، كما أنّه لن يضر دولة يهود كثيراً، فهو في الوقت نفسه لن يصبّ في مصلحة الفلسطينيين كما يتوهم البعض؛ ذلك لأنّ كيان يهود ابتداء ليس عضواً في المحكمة الجنائية، وبالتالي فلا يُتاح لمحققي المحكمة دخول الأراضي المحتلة التي تخضع لسيطرة دولة يهود، ولا يتحتّم عليها بالتالي التعاون مع المحكمة بخصوص أي متهمين أو مطلوبين لديها، لذلك فإن أي قرار قد تصدره المحكمة يتطلب من ناحية قانونية موافقة من مجلس الأمن الدولي عليه تحت البند السابع حتى يكون نافذاً، وهو ما لن يتحقق أبداً، وبناء عليه، فإن أقصى ما تستطيع السلطة تحقيقه في هذه الحالة، هو فقط تقييد تنقلات المطلوبين من ضباط جيش الاحتلال للمحكمة، وهو ما قد يؤدي في أحسن الأحوال إلى مجرد إزعاج للدولة اليهودية.
لكن مفعول هذا الإزعاج قد يتلاشى نهائياً إن عادت السلطة إلى المفاوضات مع كيان يهود تحت أي مسمى جديد (مشروع أو مبادرة) تقترحها أمريكا أو رباعيتها، وهو ما سيحصل على الأرجح إن عاجلاً أو آجلاً.
فأمريكا لن تسمح بحدوث فراغ سياسي لمدة طويلة يتعلق بقضية خطيرة كالقضية الفلسطينية، وسينتهي الفراغ الحالي -على الأغلب- مع قدوم إدارة أمريكية جديدة تخلف إدارة أوباما الحالية التي تُعتبر حالياً بمثابة البطة العرجاء التي لا تستطيع اتخاذ قرارات كبيرة على مستوى القضية الفلسطينية.
إنّ هذه القضية الفلسطينية - والتي هي من أهم قضايا الأمة المصيرية - ستبقى تُراوح مكانها، ولن تقوى أمريكا، ولا مجتمعها الدولي، على إيجاد حل لها مهما قدّم خونة العرب والفلسطينيين لها من تنازلات.
فهي قضية مبدأ، وقضية أمة، لا يمكن التفريط بها أبداً، أو التفاوض عليها، وحل هذه القضية لا يكون إلا بتحرير كامل فلسطين، والقضاء على دولة يهود قضاءً مبرماً على أيدي جيوش المسلمين.
10-1-2015