الثورة السوريّة المباركة تنعى إلى الدنيا موت الضمير العربي والعالمي
الثورة السوريّة المباركة
تنعى إلى الدنيا موت الضمير العربي والعالمي .!!!
د.
أبو بكر الشاميمنذ ما يزيد على تسعة أشهر ، هي عمر ثورتنا السورية المباركة ، وطاحونة الموت والدمار الأسديّة تدور رحاها على شعبنا السوريّ الثائر ، فتعصر من دمائه الطاهرة ، وتنثر من أشلائه المعطّرة بأريج التضحية والشهادة ، في واحدة من أبشع مجازر هذا العصر ، والضمير العربي والعالمي ، وبالأخص الأمريكي والروسي ، ومعه مؤسسات الأمم المتحدة ، والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان ، وحتى الحيوان ، يعيشون في غيبوبة الموت ، بل إنهم قد ماتوا فعلاً ، ودفنوا تحت أنقاض المباني السوريّة المهدّمة في حمص ودرعا وجبل الزاوية وغيرها من البلدات السوريّة المنكوبة ، والتي خلّفتها قذائف الدبابات الأسديّة روسيّة الصنع ، وصواريخ طائراته ومدافعه الثقيلة ، التي أدارت ظهرها للجولان المحتل ، ودكّت بيوت الآمنين من شعبنا السوري الجريح ، ومزقّت أشلاء الشيوخ والأطفال والنساء ، لا لذنب اقترفوه ، غير المطالبة بالحريّة والعزّة والكرامة .!!!
وتستمر المأساة ، ويكبر الجرح ، وتتعاظم المصيبة ، وتتزايد قوافل الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين والمهجّرين ، وتضيق المقابر الجماعية والفردية وتغصّ المستشفيات ، بل تُختطف هي الأخرى من قبل عصابات الأمن والشبّيحة الأسدية ، فتتحول البيوت والمساكن إلى مستشفيات ميدانيّة بدائيّة ، تفتقر إلى أبسط معايير السلامة الطبيّة ، وتكلُّ سيارات الإسعاف ، بل تُغتال هي الأخرى ، ويُقتل فيها الأطباء والممرضون والمسعفون ، وتتسع بحيرة الدم القاني النازف من خاصرة المسجد الأمويّ ، والمسجد العمري ، ومسجد ابن الوليد ، الجرحى .!
ويستمر العجز العربي والإسلامي ، الشعبي والرسمي ، ويطول الصمت العالمي ، إلا من بعض الجهات الضعيفة التي لا تكاد تسمع نفسها .!!!
وفي زحمة هذا الجو المكفهرّ الرهيب ، الذي يختلط فيه لون دم الشهداء القاني ، مع رائحة أجسادهم المشوية ، والمطعّمة بنكهة احتراق البارود ..!!!
وفي ظل موت الضمير العالمي ، وتفسّخ القيم الغربية ، وتعفن أقبية ومواخير الأمم المتحدة ، تطل علينا بعض الأصوات المبحوحة ، وتطالعنا بعض المقالات القميئة ، التي تصف جهاد شعبنا البطل ( بالعنف ).!!!
وتطلق على استشهاد أبنائنا البررة ( بالتهوّر والانتحار ) …!!!
وتتناقل وكالات الأنباء بعض التصريحات المنافقة التي تعبّر عن ( أسفها لاستخدام القوّة المفرطة ) .!!
ومطالبتها جميع الأطراف المعنية ( بضبط النفس ) و ( وقف العنف ) و ( الحوار بشفافية ) .!!!
وكأن القضية هي مجرّد عنف مشترك ، وتطرّف متبادل .!!
لا مذبحة فظيعة مدبّرة ، وظلم فاضح ، وعدوان لئيم ، تديره عصابات طائفيّة حاقدة ، كانت قد أُشربت الكفر ، وأدمنت الغدر ، وتربّت على الإجرام ، وتعطّشت للدماء منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمن .!!!
ترى … هل هذه هي بالفعل ، حصيلة ما توصل إليه العرب والمسلمون والإنسانيّون _ بعد جهود مضنية _ من مباديء وقيم وأخلاق ، في الحضارة والتمدّن وحقوق الإنسان .!؟
وهل هذه القماءة المنحطّة ، وتلك الدناءة الوضيعة ، وذلك الجبن الخائر ، والنفاق المفضوح ، والازدواجية المقيتة في المعايير ، هي كل ما خبأته لنا العروبة الحنونة ، والإنسانيّة المتحضّرة ، والنظام الدولي الجديد ، وحضارة نهاية التاريخ .!!؟
هل يجوز أيتها الشعوب العربيّة والإسلاميّة ، والمنظمات الدولية ، والمؤسسات الإنسانية ، وهيئآت الأمم المتحدة ، وأحزاب الخضر ، وجمعيات حقوق الإنسان ، وجمعيات القطط والكلاب .!!
أن يُذبح شعب بكامله ، ويُستباح وطن ، تحت سمع العالم وبصره ، وبأساليب من القسوة والوحشيّة ، تشيب لها الولدان ، و يهتزّ لها عرش الله ، دون أن تهتزّ شعرة في شواربكم ، ودون أن تجرؤ مؤسساتكم الخرساء ، ومنظّماتكم العمياء ، ذات الضمير الميّت ، على أن تقف موقفاً واحداً حقيقيّاً يردّ اعتداءً وينصف مظلوماً .!!!؟
بل دون أن تجرؤ حتى على أن تقول كلمة واحدة تسمي فيه الأشياء بمسمّياتها ، وتشخّص الظالمين الحاقدين المعتدين ، المستهترين بكل قيمة من قيم الأرض والسماء ، بدلاً من أن تلوكوا تلك الكلمات الجبانة والمنافقة ، التي باتت تثير فينا من مشاعر القرف والاشمئزاز ، أكثر مما تثيره صواريخ ( بشار الأسد ) وطائرات ( ماهر الأسد ) .!!؟
أما أنتم يا مراقبي الجامعة العربية ، فأسألكم بالله العظيم هل أنتم عقلاء أم مجانين، وهل تشعرون بذرّة رضى عما تفعلون اليوم في سورية الجريحة ، وهل فعلاً تحتاجون إلى المزيد من الأدلّة والبراهين على جرائم العصابة الأسديّة ، وقد زكمت روائح جرائمهم الأنوف ، وأعمت الأبصار ، وضجّ منها الثقلان .!!!
وهل تتناسب بيروقراطية جامعتكم الكسيحة ، وقراراتها التافهة ، وبروتوكولاتها الميّتة ، وحركتكم السلحفاتيّة المتثاقلة ، مع مأساة شعبنا ، الذي يموت في اليوم الواحد ألف موتة وموتة ، إن لم يكن من قصف الطائرات والدبابات والمدافع ، فمن الجوع والعطش والبرد والمرض...!!!
فإذا لم تستطيعوا تطبيق أهم بنود بروتوكول الجامعة ، وروح وجوهر مبادرتها ، وهو وقف آلة القتل الأسدية فوراً ، وسحب الدبابات والمدرعّات من الشوارع ، وإطلاق سراح المعتقلين المظلومين ، فاستحوا على أنفسكم ، وأوقفوا هذه المهزلة المسرحيّة ، والجؤوا إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح هذا الشعب المنكوب ...!!!
ربّ وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليُتّم
لامست أسماعكم لكنّها *** لم تلامس نخوة المعتصم
أما أنتم يا أهلي في سوريّة ، يا كلّ الرجال والشباب والشيوخ والأطفال والحرائر في جميع أنحاء سورية الحبيبة ومدنها وقراها ، وأخصّ درعا وريفها وحمص وريفها وإدلب وريفها ودمشق وريفها ودير الزور وريفها ...!!!
أيها الرجال الرجال ، يا تاج رأس الأمة ، وعقال رأس العرب ، ومعلّمي الإنسانيّة، وملهمي الشعوب ...!!!
يا من تصنعون اليوم بتضحياتكم العظيمة فجراً جديداً لسورية الحبيبة ، بل وللعرب والمسلمين والإنسانيّة أيضاً ...!!!
يا من تفتّحت لكم أبواب الجنّة ، وتزيّنت لكم الحور العين ، وباهى بكم الله ملائكته.
يا أحفاد الفاتحين ، ويا أبناء الأمويين ، ويا قاهري التتار والصليبيين ...!!!
يا قرّة عيني ، وشغاف قلبي ، وكريّات دمي ، وخلايا كبدي ، ومداد قلمي ...!!!
الله ، الله ، في ثورتكم
والله الله في وحدتكم
والله الله في وطنكم
توكّلوا على الله فهو خير الناصرين
واصبروا على البلاء ، فإن النصر مع الصبر ، والعاقبة للمتقين ...
واحتسبوا الشهداء والجرحى والمعتقلين ، فهم والله بركة الثورة وروحها وعطرها
وأقسم بالله العظيم : إننا لمنتصرون ، وآل الأسد لمهزومون ...
ما استمسكنا بعقيدتنا ، وتوكلنا على ربنا ، وصبرنا على ثورتنا ...
بسم الله الرحمن الرحيم
(( ولينصرنَّ اللهُ من ينصره ، إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)) الحج 40
(( وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين )) الروم 47
(( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ، إنّهم لهم المنصورون ، وإنّ جندنا لهم الغالبون )) الصّافات 171
(( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (( الشعراء:227.