عود على بدء.. داعش والتحالف الدولي
محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة
داعش ليست سوى مسخ مشوَّه لفكر يُضَلِّل ويكفّر الأشاعرة والمتصوفة - من قبلُ - دون تمييز، وينبطح لـ "ولاة الأمر" - الذين صنعوه - انبطاحَ تأليه، قبل أن ينقلب السحرُ على الساحر، وتأكل النارُ نفسَها بعد أن استنفدت ما تأكله، لتتسع دائرة التكفير وتشمل مَن كانوا بالأمس "إخوة المنهج" أو "ولاة الأمر"!
القضية أن التحالف الدولي يتخذ داعش ذريعة لإطالة عمر نظام الأسد باستهداف كل فصيل ثوري سوري، والواقع يشهد أن معظم المواقع المستهدفة من التحالف الدولي لا صلة لها بداعش، فداعش من البداية ليست سوى رأس مشبوه وذيل مغرر به، لتحقيق هذه الأهداف الدولية من استخدامه، وقد دأب نظام الأسد على إنشاء أو استخدام أمثال هذه التنظيمات ولو بشكل غير مباشر، كما فعل في قضية نهر البارد وما يسمى تنظيم فتح الإسلام، وكما صنع المدعو "أبا القعقاع الحلبي" إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، وغير ذلك من الشواهد.
وبالتالي فإن استنزاف قدرات داعش البشرية لا تعني شيئاً بالنسبة للنظام أو التحالف، لأن هذه المجموعات البشرية - في النهاية - ليست سوى ذيل مُغرَّرٍ به، ووقودٍ مجانيٍّ لإحراق ما لا يتمكن النظام والتحالف معاً من إحراقه بسهولة.
ويقيناً أن كثيراً من أفراد "داعش" يحملون غيرةً على الإسلام وحماسة في القتال في سبيل ما يظنون أنه الحق، بغض النظر عن المنهج الخاطئ والفهم العقيم الذي يحدوهم، وبغض النظر عن الاستخدام الخفيِّ لهم في ما يضرّ الأمة ويشوّه الإسلام، ولكن النيّة والإخلاص لا يكفيان لتبرير الإجرام والتكفير والتسلّط والاستبداد الكهنوتي، ولا يكفيان لكفِّ يد من يقاتلهم من الفصائل الثورية أو الشعبية الشريفة، لأن هذا الإخلاص لم يكفَّ يدَ أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن قتال الخوارج، وإن اعتبرهم في النهاية مسلمين بغاةً لا كفاراً.