الريال الإيراني ثالث أضعف عملة عالمياً

الريـال الإيراني ثالث أضعف عملة عالمياً

محمد المذحجي

لندن – «القدس العربي»: خسرت العملة الإيرانية قيمتها مقابل العملات العالمية منذ ثورة 1979 بشكل مستمر، وعلى الرغم من الارتفاع غير المسبوق في أسعار النفط في تلك الفترة وإيرادات إيران الهائلة من تصدير النفط التي حسب الإحصائيات الرسمية تجاوزت مجموع الإيرادات النفطية الإيرانية منذ اكتشاف النفط حتى قبل 10 سنوات، لكن الريال الإيراني تكبد خسائر فادحة خلال السنوات الـ10 الماضية، بحيث سقطت قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 400 في المئة خلال هذه الفترة، وكانت 350 في المئة من هذه الخسارة الهائلة خلال السنوات الـ5 الماضية فقط.

وحسب تحليل الخبراء وبعض المسؤولين الإيرانيين، يمكن اختصار الأسباب الرئيسية للسقوط المدوي لقيمة العملة الإيرانية في العوامل التالية: التضخم السنوي العالي بنسبة 20 إلى 25 في المئة، حجم الفساد الاقتصادي في البلد، السياسات الخاطئة وعدم الانتظام بين المؤسسات الاقتصادية والحكومة في إدارة اقتصاد البلد، ركود قطاع الإنتاج وعدم النمو الاقتصادي المستمر، ارتفاع حجم السيولة النقدية، والعقوبات الغربية على بنوك إيران. وأضاف الخبراء عاملاً مهماً آخر يتجاهله المسؤولون ووسائل الإعلام في إيران ولم تتم الإشارة له في الميزانية العامة بمبلغه الحقيقي، وهو الكمية الكبيرة للدعم الاقتصادي الذي تقدمه إيران إلى الجماعات الموالية لها ولحلفائها كنظام بشار الأسد.

واحتل الريال الإيراني المرتبة الأولى في مؤشر «انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار الأمريكي» عالمياً لـ3 سنوات متتالية بين أعوام 2002 إلى 2005 حسب تقرير «التنمية المالية العالمية» للبنك الدولي، وخسرت العملة الإيرانية 80 في المئة من قيمتها الحقيقية خلال هذه الفترة. وأفادت وكالت «بلومبرغ» أن العملة الإيرانية احتلت المرتبة الـ8 بين أضعف العملات عالمياً في عام 2005، وخسر الريال الإيراني جزءاً كبيراً من قيمته خلال سنوات 2005 إلى 2010، وسقط للمرتبة الـ3 بين أضعف العملات عالمياً في عام 2010 وبقي في هذه المرتبة المتدنية جداً.

ووفقاً لتقرير آخر من البنك الدولي، تصدرت إيران قائمة دول العالم في مؤشر «انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار الأمريكي» مرة أخرى في عام 2013، بحيث خسرت العملة الإيرانية 34 في المئة من قيمتها الحقيقية. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلن البنك الدولي أن العملة الإيرانية خسرت أكثر من 13 في المئة من قيمتها خلال الربع الثالث للعام الحالي. ونظراً للتقرير فان الريال الإيراني عانى من خسائر كبيرة في قيمته بنسبة 50.3 و51.4 في المئة خلال الربع الأول والربع الثاني من العام الحالي على التوالي.

واعتبر أستاذ جامعة طبطبائي في طهران، أمر الله أميني، العوامل الرئيسية لإنخفاض قيمة العملة الوطنية هي الركود في قطاع الإنتاج وتباطؤ النمو الاقتصادي، وأكد على النتائج السلبية الكبيرة للتضخم، وقال إن التضخم تسبب بهبوط قيمة العملة.

وأصبحت زيادة حجم السيولة النقدية السياسة الثابتة للحكومة الإيرانية لتوفير المال لسد العجز في الميزانية العامة للبلاد، وبدورها، هذه السياسة الخاطئة، تسببت في ارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات عالية جداً، وكان معدل التضخم 20 إلى 25 في المئة سنوياً خلال الأعوام الـ10 الماضية. وأكد أميني أن الحكومة الإيرانية رفعت حجم السيولة النقدية عبر طباعة النقود بكميات كبيرة وبيع دولارات الإيرادات النفطية.

وأشار إلى التأثيرات المخربة لتباطؤ النمو الاقتصادي، وذكر أنه طالما لا يوجد نمو اقتصادي تسقط قيمة العملة الوطنية، وهذا السقوط يجبر الحكومة على طباعة النقود وبيع الدولارات.

ولفت إلى العجز الكبير في ميزان التجارة الخارجية خلال السنوات الماضية والحجم الكبير لاستيراد السلع الأجنبية وعلى وجه التحديد الصينية، وقال إن الاستيراد يفوق تصدير السلع غير النفطية بنسبة 5 أضعاف، ووصف هذا العجز الكبير في ميزان التجارة الخارجية الإيرانية بـ «الحقيقة المرة».

ويعاني النظام الإيراني من تضخم الفساد الاقتصادي ولا تمتلك الحكومة رؤية واضحة وشفافة وعلمية وموحدة تجاه الاقتصاد ولديها سياسات خاطئة. ومن جهة أخرى، تسبب التدخل الكبير للحرس الثوري والشركات التابعة له في المشاريع الكبيرة والصغيرة الاقتصادية في ارتفاع غير مسبوق في مستوى الفساد، مع عجز الأجهزة القضائية عن معاقبة المفسدين بسبب علاقاتهم مع الحرس.