في قطاع غزة أناس يعانون
في قطاع غزة أناس يعانون
جميل السلحوت
مسؤولون كثيرون يقولون دائما بأن الانسان أعزّ ما نملك، وفي قطاع غزّة مليون ونصف انسان يعانون من الحصار الجائر عليهم منذ ما يقارب ثماني سنوات، أي بعد إقامة "إمارة حماس" وتوفي جرّاء الحصار آلاف الناس من مختلف الأعمار نتيجة لنقص الدواء والغذاء، وجاء العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة فقتل وجرح الآلاف، وهدم آلاف البيوت أيضا، وألحق أضرارا بآلاف أخرى، ويحل علينا فصل الشتاء ببرودته، ومئات الآلاف من شعبنا في قطاع غزة بلا مأوى، فمنهم من يسكن الخيام التي لا تحمي ساكنيها من العوامل المناخية، ومنهم من يعيشون في مدارس الإيواء في ظروف لا تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة، ورغم المؤتمرات والاجتماعات التي اتخذت قرارات باعادة اعمار ما تمّ تدميره في قطاع غزة، إلا أن الحصار الذي يشارك فيه العالم جميعه لا يزال مستمرا، بل إنه ازداد ضراوة بتدمير الأنفاق على الحدود المصرية، وتزداد البطالة ارتفاعا مما يعني أن آلاف الأسر بدون دخل، وأنها تتعرض للمجاعة، وبالأمس كتبت أديبة من القطاع عن امرأة تركت بيت الزوجية والتجأت لبيت والديها؛ لأنها لم تعد قادرة على احتمال عذابات طفلتها البالغة من العمر عاما ونصف، وتصرخ جوعا لأنها لم تذق الحليب ليومين متتاليين؛ لعدم قدرة الأسرة على شرائه لها، لكن برودة الطقس والفقر المدقع المصاحب لها تشكل خطرا حقيقيا على حياة الآلاف من أبناء شعبنا في قطاع غزة، وخصوصا الأطفال منهم. إن ما تقدمه وكالات الاغاثة ومنها "الأنروا" ليس كافيا لسدّ احتياجات المعوزين في قطاع غزة، فأين المنظمات الدولية ومنها منظمات حقوق الانسان مما يجري؟ وهل يتعاملون مع الفلسطينيين كبشر أم ماذا؟
إن الاسراع في إعادة إعمار قطاع غزة المدمّر، مسؤولية عربية ودولية، وليس مسؤولية حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية وحدها، والكل يعلم أن ميزانية السلطة الفلسطينية تعيش أزمات مالية متلاحقة ومتداخلة بسبب الاحتلال الذي دمّر الاقتصاد، وأهلك البشر والشجر والحجر. وعلى حركة حماس أن تعي جيدا ما آلت اليه الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، وعليها أن تستجيب حقيقة لاتفاقات المصالحة، وأن تسلم كافة المرافق والمؤسسات الرسمية في قطاع غزة لحكومة الوفاق الوطني، كي تتدبر أمورها في فكّ الحصار وإعادة الإعمار، وتنشيط الاقتصاد في قطاع غزة، لإنقاذ شعبنا من كارثة محققة. وعلى الحكومات العربية أن تسارع في تنفيذ التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية، وهذا واجب عليها وليس منّة.