نتنياهو يتحمل مسؤولية ما يجري بالقدس..!
د. هاني العقاد
تتلاحق الاحداث والتطورات الميدانية بالقدس يوما بعد اخر وفصلا بعد اخر بعد زيادة وتيرة التطرف اليهودي بالمدينة المقدسة والذي تقوده حكومة التطرف اليمنية التي تتزعمها قيادة الاستيطان الصهيوني برئاسة نتنياهو وليبرمان ونفتالى بينت’ وتتلاحق الاحداث بعد فشل لقاءات الاردن والتي كانت من اجل نزع فتيل الحرب الكبيرة بالمنطقة والتي ستكون بالطبع حرب دينية بامتياز’ وتلاحقت الاحداث بعد تعامل نتنياهو مع موضوع القدس بمكيالين على اعتقاد أن العالم سيفهم انه يحاول تهدئة الاحتقان بالمدينة المقدسة وفي نفس الوقت يسمح للمتطرفين اليهود بتدنيس الأقصى ويعطي التعليمات لرئيس بلدية القدس باعتماد المزيد من المخططات الاستيطانية بالمدينة لا بل ويطلق العنان لرئيس ما تسمي الشرطة الاسرائيلية وزير الامن الداخلي لقمع كل وجود فلسطيني او نشاط فلسطيني في البلدات المحيطة بالمسجد الأقصى , وكانه اخر من يعلم ولا يعنيه الامر , ما حدث اليوم لم يأتي كردة فعل كما يعتقد بعض المراقبين بل اصبحت بحق نزعة فلسطينية حقيقية للدفاع عن اولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى والبلدة العتيقة وكانت العملية بمثابة مقابلة الوجع بالوجع والدم بالدم . وجاءت العملية الفدائية اليوم كنتيجة طبيعية لحالة التصعيد الاسرائيلي الكبير والغير مسبوق الذي يستهدف الوجود الفلسطيني العربي بالقدس في كل مكان .
كان نتنياهو مخطأً عندما اعتقد أن تشريع اعدام الفلسطينيين واستباحة المسجد الأقصى وفرض السيادة الاسرائيلية عليه التحكم في وصول المصلين الفلسطينيين الى المسجد الأقصى وفرض اجراءات مشددة بحق المصلين المسلمين وتهديد الكنائس والمسيحين ايضا , وكان مخطئأً عندما سمح بإغلاق المدينة المقدسة وامر بالإسراع في الاستيطان والبناء في كل ارجاء القدس العربية وهدم بيوت المقدسين واعتقال اطفالهم وممارسة كل انواع التعذيب واغلاق قراهم وبلداتهم وتغير معالم المدينة وكان اخرها نصب يافطات على شوارع المدينة العتيقة وازقتها بمسميات يهودية تلموديه ,كان مخطئاً عندما اعتبر اعدام الشاب "يوسف الرموني" مجرد حادثة لا تستدعي البحث عن الجناة وتقديمهم للعدالة والاعلان عن شجب تلك الجريمة النكراء من قبل الحكومة , وكان غبيا عندما اعتقد أن التقسيم الخفي للمسجد الاقصى زمانيا ومكانيا سوف يستوعبه الفلسطينيين ويمر مر الكرام ولن يفجر نار تطال رأسه اولا , لعل نتنياهو اصبح المتطرف الابله الذي يريد أن يعالج النار بالنار , مع أن العلاج بيده و بيد حكومته , لكن عقله الاستراتيجي لا يعمل بالمطلق لان عناصر السامية والعنصرية واليهودية المتطرفة جعلت منه لا يفكر سوي في الحصول على كل شيء بالقدس ومسابقة الزمن للإجهاز على كل ما فيها من تواجد عربي فلسطيني اسلامي ومسيحي ,وبالتالي الاجهاز على أي فرصة لتطبيق حل الدولتين.
لو فكرنا بعقل واع بعيد عن التطرف لدقيقتين لوجدنا أن السبب الرئيس وراء ما يحدث في القدس من ارتفاع وتيرة المواجهة مع الإسرائيليين كان سببه نتنياهو بسياسته الخرقاء التي ستشعل المنطقة بسبب اشتعال القدس, ونقول أن نتنياهو السبب لأنه بني مشروعه اليمين الاستيطاني المتطرف على اساس النظرية الصفرية وتقضي هذه النظرية بالحصول على كل شيء ولا احد شريك اولا لا قبول لشريك بالمطلق , وعلى هذا يعتقد نتنياهو أن اليهود يملكوا كل شيء في القدس ولا يمكن الفلسطينيين المسلمين او حتى المسيحين أي شيء, وهذا سبب كبير لما يحدث اليوم من أعمال دموية تطال الفلسطينيين ووجودهم وهويتهم وتاريخهم بالمدينة المقدسة , حكومة نتنياهو تنفذ خطة هادئة وسرية ومتدحرجة لمقاسمة المسلمين في كل شيء بالمسجد الأقصى وبالتالي حددت للمتطرفين اليهود اقتحام الأقصى تحت حماية قوات الجيش والشرطة والقوات الخاصة الاسرائيلية ساعات وايام معروفة وتغلق محيط المسجد وتعيق وصول النساء والرجل للصلاة على هذا الاساس , نتنياهو اعطي الضوء الاخضر لإعدام كل من يشن هجوما على إسرائيليين دون احترام لطبيعة الانسان وحقوقه , نتنياهو اعطي التعليمات لهدم مزيد من البيوت الفلسطينية تحت زريعة توسيع شوارع المدينة واقامة منتزهات تلموديه , نتنياهو مارس العنصرية والتطرف وتغاضي عن من يمارسها من الجماعات والمنظمات اليهودية المتطرفة , نتنياهو القي باللوم على الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية عند كل حادثة انتقام ودفاع عن الذات الوطنية الفلسطينية , نتنياهو مارس الارهاب المنظم والمدروس والممنهج لصالح مشروعه اليميني المتطرف وانتهك كافة حقوق الانسان الفلسطيني بدءا من الحق في الحياة وانتهائا بالحق في التملك والحماية .
كل هذه الاسباب تجعلنا نحمل مسؤولية انهيار التعايش بين الشعبين في مدينة السلام لنتنياهو المتطرف, وبالتالي فإن الحل الذي يعيد الهدوء في المدينة المقدسة الذي يريده نتنياهو اصبح بيده هو وعبر تغير اسلوب تعامل حكومته مع موضوع القدس كمركز للصراع لفرض وقائع واجواء تساعد على التعايش الحقيقي والمشترك في المدينة , ولن يملك احد في الكون قوة تستطيع توفير الهدوء والامن والاستقرار في المدينة المقدسة اكثر من حكومة نتنياهو ,لكن اذا ما تخلت عن تطرفها وعنصريتها ونشرت ثقافة التسامح بين الاديان واحترمت كل الاديان و المقدسات في المدينة واقرت بحقوق اصحاب تلك الديانات في ممارسة طقوسهم الدينية بحرية ودون قيود بما فيها المسلمين , واذا ما اوقفت هذه الحكومة كل اساليب القمع والاستيطان والتهويد وقبلت بأن القدس الشرقية هي مدينة محتلة يجب الحفاظ على معالمها حسب القانون الدولي ,واعترفت بأن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ,فإن نتنياهو يكون بذلك قد نزع فتيل الحرب الدينية التي نقترب منها يوما بعد اخر ويكون بذلك قد ابعد النار والدم عن شوارع وبيوت مدينة السلام وحقق الامن والاستقرار بسهولة .