هل فعلاً إسرائيل جاهزة للسلام

هل فعلاً إسرائيل جاهزة للسلام ؟!

محمود رمضان أبو الهنود

[email protected]

انهالت الدعوات الإسرائيلية خلال الأيام الماضية على السلطة الفلسطينية بهدف استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة و المتوقفة منذ تسلم حكومة نتنياهو اليمينية زمام الحكم في الدولة العبرية نتيجة مواقفها المتطرفة ، ومعارضتها قيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967م  ، حيث تعالت أصوات القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي وشمعون بيرس مطالبة العالم بالضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإعطاء الضوء الأخضر لانطلاق المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، دون أن تقدم الأخيرة ضمانات حقيقة وواضحة  للأسرة الدولية تؤكد التزامها بالتوصل لحل سلمي يفضي  لقيام دولة فلسطينية خالية من المستوطنات وإيجاد حل لقضيتي القدس واللاجئين ، وإن كانت السلطة الفلسطينية ممثلة بالرئيس أبو مازن و متسلحة بدعم الجامعة العربية قد أعلنت مراراً وتكراراً عن جاهزيتها ورغبتها باستئناف المفاوضات شريطة وجود ضمانات دولية تلزم إسرائيل بالتوصل لحل يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة وهو ما رفضته إسرائيل وما زالت ترفضه لحتى  اللحظة ، فإن الدعوات الإسرائيلية الأخيرة للعودة إلى طاولة المفاوضات تثير الشكوك حول طبيعة وصدق النوايا الإسرائيلية تجاه عملية السلام خصوصاً في ظل الحديث عن وجود خطط لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لتوجيه ضربات عسكرية قاسمة  لكل من إيران وحزب الله .

فمن المعروف على السياسة الإسرائيلية تذبذبها وعدم ثباتها تجاه العملية السلمية ، وارتباطها بخطط ومصالح إسرائيل الداخلية و الخارجية  ، حيث لا يوجد على الصعيد الداخلي ما يبشر ويشير لحصول تحول في موقف الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المشكلة للائتلاف الحاكم من عملية السلام ، وعدم انهيار أو تزعزع بنية هذا التكتل بشكل يسمح بدخول أحزاب المعارضة اليسارية ووصولها لسدة الحكم في إسرائيل ، وفي الوقت ذاته فإن السياسة الخارجية الإسرائيلية منهمكة خلال الفترة الحالية  بالترويج لفكرة الحرب على إيران وحزب الله ،وتعمل على تشجيع العالم لفرض عقوبات على إيران بحجة البرنامج النووي الإيراني ، وصد كل المحاولات الهادفة لإدانة إسرائيل على خلقية الحرب على قطاع غزة ، و الهجوم على أسطول الحرية الذي أوقع العديد من الضحايا أغلبيتهم من الأتراك وهو ما أدى في حينه إلى فتور في علاقة إسرائيل بتركيا لم يتم تجاوزه إلى حتى الآن نتيجة رفض إسرائيل الاعتذار عن مهاجمة الأسطول.

إن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني  يجب أن  يقابلها خطوات ملموسة على صعيد ملف الأسرى و تسهيل حياة السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتوفير الضمانات السياسة التي طالب بها الجانب الفلسطيني ،لاختبار مدى صدق النوايا الإسرائيلية وتشجيع الفلسطينيين على الانخراط  في هذه العملية وعدم الاكتفاء فقط بإطلاق التصريحات النارية من قبل السياسيين الإسرائيليين بهدف المناورة وحشر الموقف الفلسطيني في الزاوية ، دون جاهزية الجبهة الداخلية  الإسرائيلية لدفع استحقاقات عملية السلام ، والسعي الإسرائيلي للفت أنظار العالم عن خططها واستعداداتها لدق طبول الحرب في المنطقة ، وإضعاف الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي عن طريق إخراجه وكأنه الطرف المعطل والمعيق لعملية السلام.