بشار في الكويت .... لقطات سريعة
بشار في الكويت .... لقطات سريعة
د.عثمان قدري مكانسي
في لقاء بشار الأسد برؤساء تحرير وكتـّاب إعلاميين كويتيين – كما تقول صحيفة تشرين الصادرة في 05- 06- 2008 أدلى بأمور لا بد أن نقف عند بعضها :
1- إنه وصل في الحوار مع الإسرائيليين إلى فكرة الجولان . فماذا يقصد بـ ( الفكرة ) ؟ أيقصد أنها محور المفاوضات الإسرائيلية الأسدية ؟ وإن كانت كذلك فإننا نعتقد أن النظام ليس صادقاً فيما يدّعي لأسباب كثيرة نذكر منها ما يلي :
أ- إن أباه باع الجولان وأمر الجيش السوري بالانسحاب عشوائياً ، ولن يقوم الولد بنقض ما أبرمه أبوه من بيع للجولان ، فهو يسير على خطاه ، ويتزلف إلى اليهود ، ويتقرب إليهم ، ويشتري ودّهم .
ب- إن أي نظام يسير في خطين متوازيين حين يطالب بحقه ، هذان الخطان : العمل السياسي والعمليات العسكرية والفدائية التي تعضد العمل السياسي . أما نظام الأسد - على مدى أربعين سنة – فقد جعل الجولان منطقة هادئة للإسرائيليين ، واعترفت إسرائيل بهذا الفضل وثمّنته للنظام الأسدي وشكرته له .
ت- منع النظامُ أي عملية فدائية تنطلق من الجولان ، وأمر باعتقال الفدائيين المتجهين إلى الجولان ، فالنظام ملتزم بالمعاهدة الأمنية التي أبرمها مع الدولة العبرية التي لم تلتزم بما التزم النظام به .
ث- ونعتقد أن النظام يسعى إلى تحرير الجولان نظرياً حين عرض تأجيرها في مفاوضاته تسعة وتسعين عاماً ، وبهذا يضحك على نفسه ويكشف عورته أكان لا يدري أو يدري .
ج- وفي أحسن الأحوال يستعيدها إدارياً لتكون مركزاً سياحياً مشتركاً بينه وبين الإسرائيليين يفدون إليه متى أرادوا ويستغلونه زراعة وتجارة كيفما شاءوا . وتكون الجولان خطاً أحمر لا يسمح بعودة الجيش السوري إليها .
2- ويقول بشار " أنا لا أعرف متى بدأ الربيع ومن أنهاه " يقصد ربيع دمشق الذي بدأ ميتاً بولاية بشار ، وإذا كان رئيس النظام لا يعرف ربيع دمشق مبتداه ومنتهاه فقد انطبق عليه المثل العربي الشهير : "
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم
أمن المعقول أن تسيل المياه تحت قدمي المسؤول الأول في النظام ولا يدري ما يجري ؟ أم إنه استهبال للحاضرين وتنصل من المسؤولية ؟ وكيف لا يدري والقاصي والداني يعرف ما جرى وما يجري في سورية من وأد للحريات واغتصاب للرأي ومصادرة للأفكار ؟! كان أولى بمن يحترم الحاضرين أن يقول غير هذا .
3- وإذا كان المسؤول الأول يريد التطوير والاستقرار في البلاد – كما يدّعي – فمن البدهي أن لا يكمم الأفواه ويعتقل الأحرار ، فالتطور والاستقرار لا يكونان إلا في إطار الحرية للجميع واحترام الإنسانية والحفاظ على كرامة المواطن ، ولن يكون التطور والاستقرار في قبضة المؤسسات الأمنية التي تلاحق الكلمة الحرة وتسدل على الوطن ظلام الاستعباد وتعتقل الأحرار .
4- يكرر رئيس النظام السوري أن الاهتمام الاقتصادي – حسب قناعته – قبل التطوير السياسي . وهذا يعني أموراً كثيرة ، منها :
أ- أنه ينظر إلى المواطن على أنه من صنف ( الأنعام ) التي عليه أن يطعمها – والرزاق هو الله تعالى – لا النظام ولا رئيسه ، ويتناسى أن المواطن يتشوف أولاً إلى الحرية والعيش الكريم الآمن في ظل نظام يستمد تأييده من الشعب ، لا من المراكز الأمنية التي ترهبه وتلاحقه .
ب- أن النظام الأسدي يخاف الانتخابات وصناديق الاقتراع الحرة ، ويؤخرها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً كي لا يرى نفسه في قفص الاتهام يحاسب على ما اقترفته يداه من سلب لمقدرات الأمة واستئثار بالقرار دونها .
ت- أن النظام الحاكم في سورية يرى الشعب – بعد أربعين سنة من حكمه – ما يزال طفلاً في السياسة ، ولا بد من وصاية الأسد وأعوانه عليه ، ولو أحسن أحدهم الظن بالنظام لقال له : متى يشب الشعب عن الطوق ويصبح راشداً وقد مضى من حكم النظام الأسدي أكثر من أربعين سنة ؟!
5- لماذا يكرر بشار : إن سورية - إن حاربت – فحربها دفاعية ؟ .نحن نعلم أن النظام الحاكم في سورية يقهر شعبه ويحكم حوله الخناق ، ولكنه حين يتحدث عن إسرائيل فقد اتخذ "خيار السلام " وهو خياره الاستراتيجي الوحيد – وهذا يجيب على سؤال المواطن منذ أن استلب حافظ الأسد الحكم في سورية وجاء ابنه من بعده : لماذا لم يرد النظام على اعتداءات إسرائيل المتكررة طوال السنين الماضية ، وكان يحتفظ بالرد عليه في الزمان والمكان المناسبين !!! فخيار النظام هو السلام ، والسلام هو الخيار الاستراتيجي الوحيد .. ولماذا يتشدق حكام سورية بأنهم إن حاربوا فحربهم دفاعية بينما تعتمد إسرائيل على الهجوم في الدفاع عن نفسها ؟!
6- يصرح بشار بأن تأخر النظام في طرح قانون الأحزاب كان سببه الضغوطات التي يتعرض لها النظام ، والحقيقة أن الحاكم الذي يتعرض للضغوطات يستنجد بالشعب والأحزاب في بلاده ليقوي نفسه ضد هذه الضغوطات ، ويعود للشعب ليكسب تأييده . لكن النظام الأسدي لا يرى ذلك بل يسير بعكس الاتجاه ، وهذا دأب الأنظمة الديكتاتورية التي لا ترى إلا نفسها ، ولا تسمع إلا صوتها .
7- وأخيراً يكذب النظام وقائده حين يدعي أنه نظام مسالم لم تتلطخ يداه بدماء الأبرياء من مواطنيه ، بل يكذب حين يتهم الإخوان بهذه التهمة الشنيعة ، ويتناسى هذا النظام الدموي أنه قتل من أهل حماة وحدها أكثر من ثلاثين ألفاً ، وشرد منها آلافاً في شباط عام 1982 ، ويتناسى أنه قتل عشرات الآلاف من مثقفي سورية في المعتقلات والسجون ، وأنه شرد عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من بلادهم حين حرك عليهم كلابه من مؤسساته الأمنية ، وأنه مشّط المدن بجيشه الذي كان ينبغي أن يوجهه للدفاع عن سورية ، فوجهه لصدور الشعب ... ثم صالح العدو الإسرائيلي وتباهى بذلك .
8- إن قانون العار 49 الذي صدر عام 1980 الذي يحكم به النظام الدموي على أحرار الأمة بالإعدام أكبر دليل على همجية النظام وظلمه ،
وسيسقط هذا النظام العفن إن شاء الله وسيعود المهجرون إلى وطنهم ، أما النظام وجلادوه فسيسقطون في مزابل التاريخ ... وإن غداً لناظره قريب .