التحالفات السياسية بين القوى المتباينة مبادئ وأخلاقا
التحالفات السياسية بين القوى المتباينة مبادئ وأخلاقا
على أيّ ضوء ينظَر إليها !؟
عبدالله القحطاني
لعبة التحالفات السياسية ، من اللعب المعقّدة ، والممتعة لعقل المحلّل السياسي المحايد المحترف ! إلاّ أنها مربكة لعقل الفرد العادي ؛ لاسيّما إذا كان رقماً ، في الصراع بين الأحلاف المتضادّة ، التي يضمّ كل حلف منها ، خلائط شتّى ، متباينةً : مبادئ ، وأخلافاً ، وطباعاً ، ومطامح ، وأهدافاً ! وهنا مجال للعقول السياسية ، المتمرّسة البارعة .. لممارسة أنواع كثيرة من المكر ، والدهاء ، والخبث ، واستغلال السذّج واستغفالهم !
مثال حيّ :
استضافت قناة المنار، اللبنانية الشيعية .. في الأزمة اللبنانية ، بين الموالاة والمعارضة .. استضافت أحد مشايخ السنّة ، وهو ذو هيئة تعجب الناظرين ؛ بعمامته ، ولحيته الكثّة الطويلة البيضاء ، وجبّة العالم المحترف ، التي يرتديها !
وبدأ مقدّم البرنامج ، المحترف .. يوجّه إليه الأسئلة ، التي يريد الإجابة عليها ، بطريقة ذكيّة ، لا تكاد تترك له مجالاً ، لأن يجيب غير الإجابة التي يريدها السائل !
مِن أهمّ الأسئلة التي طرحها عليه ، السؤال عن رأيه في أفراد من قوى الموالاة اللبنانية ، في مواجهة زعيم حزب الله ! فوضع له زعيم حزب الله بكفّة ، ووضع في الكفة الأخرى ، شخصيّات ليس لها طابع مشيَخي ، ولا زيّ علماء ، كزيّ الزعيم حسن نصر الله ، ولا سيرة علماء ، أو مشايخ ، متمسكّين بدينهم ، أو بأخلاق العلماء وسيرتهم (ونمسك عن ذكر أسمائهم هنا ، احتراماً لمقام كل منهم !) . وهنا بدأت عملية التضليل والمكر ، واستغفال المشاهدين !
إن في كل فريق ، من فريقَي الصراع ، في لبنان .. مجموعات من المشايخ والعلماء ، والساسة الليبراليين ، والمسرفين على أنفسهم في سلوكهم الشخصي ! وكانت المفاضلة ، تقتضي أن يوضع في موازاة حسن نصر الله ، أحد المشايخ ، أو العلماء ، في الفريق الثاني ، ليكون في المفاضلة نوع من الإنصاف والمنهجية ! لكن حين وضِع في الكفّة الأخرى ، المقابِلة لكفّة نصر الله ، أشخاص ليس لهم سَمت نصر الله ، ولا التزامه بالقيم الدينية .. ظهرت المفاضلة واضحة جليّة ، أمام كل مغفّل يحبّ أن يريح رأسه ، من تعب التحقيق ، والتدقيق ، والتمحيص ! فكانت الكفّة راجحة تماماً ، لحساب نصر الله ، من الزاوية التي نَظر منها مقدّم البرنامج ، ووجّه نظر الضيف إليها .. وهي زاوية الالتزام الشخصي بالقيم الدينية ! وبناءً عليه ، لا يـُتوقّع أن يميل أيّ من المشاهيدين ، إلى الفريق الآخر، غير الملتزم .. ويترك الزعيم الملتزم ، نصر الله !
إن هذا المثال الحيّ القريب ، يطرح سؤالاً جاداً ، على العاملين في الحقل السياسي ، وهو: على أيّ أساس ، أو ضوء .. ينظَر إلى التحالفات السياسية ، التي تضمّ أخلاطاً شتّى ، من أصحاب الالتزام الخلقي ، ومن غير الملتزمين .. ومن أصحاب المبادي الدينية ، والآخرين العلمانيين والليبراليين .. الذين لا يجعلون للأخلاق الفردية ، مكاناً مميّزاً ، في حياتهم السياسية !؟ وهل يعَدّ تحالف الملتزم دينياً وخلقياً، مع غير الملتزم ، ثـلمة في سلوك الملتزم، أمام عناصره ، أو جمهوره !؟ وهل يعَدّ تحالف العلماني ، أو الليبرالي ، المتحرر.. ثـلمة في سلوكه ، أمام جمهوره .. إذا كان هذا التحالف مع شخص ملتزم دينياً وخلقياً ، (منغلقٍ غير متحرر!) .. حتّى لو كان في تحالف كل طرف ، مع الآخر ، مصلحة حقيقية ضاغطة ، تفرض نفسها ، في ساحة الصراع الشرس ، بين أصحاب القوى المتفاوتة المتنافسة ، والمصالح المتناقضة !؟
مجرّد سؤال ! لكن الإجابة الصحيحة عليه ، هي من مصلحة الحميع .. فكرياً وعملياً !