المعارضة السورية ..
المعارضة السورية ..
وأمريكا ..
وأبو فرعون العدَوي !
راجي مندو
* المعارضة السورية ، بسائر أطيافها ، قـلّبت صفحات كثيرة ، في صراعها مع النظام السوري..
* الصفحة الأخيرة ، التي وصلتْ إليها ، ووقفت عندها ، من سنوات عدّة ، هي صفحة الصراع السلمي ، يمحتوياته المعروفة ، من مقالات وبيانات وتصريحات ، واعتصامات وإضرابات ومظاهرات..!
* العناصر المؤثّرة ، في هذا النمط من الصراعات ، هي الاعتصامات والإضرابات والمظاهرات ..
* هذه تـُعرّض أصحابها للاعتقال والتنكيل ، من قِبل أجهزة الأمن ، المتنمّرة المتحفّزة ، التي لا تعفي ، حتى كاتب المقالة أو البيان ، من الاعتقال والتنكيل ، برغم ضآلة تأثيره ضدّ حكمها..!
* المعارضة السورية ، تريد من أمريكا ، أن توفّر لها مناخاً آمناً ، في بلادها ، لتمارس أساليب الصراع السلمي ، ضدّ النظام المستبدّ ! أيْ : أن ترسل للنظام السوري ، إشارات تهديد ، بأنها لن تسمح له ، بقمع الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات السلمية.. في بلاده !
* أمريكا ، التي تلعب مع النظام السوري ، لعبة القطّ والفأر.. حريصة على أن تلوّح له ، ببعض أوراق الضغط التي بين يديها .. لذا ، تستدعي عناصرُ إدارتها ، بعضَ عناصر المعارضة السورية ، لتَسمع منهم ، في ظاهر الأمر ، ولتلوّح للنظام الحاكم ، بهم ، في حقيقة الأمر.. ليخضع لإملاءاتها ، التي لم بخضع لها ، بعد ، بشكل تامّ !
* المعارضة السورية ، تتمنّى ، وتحبّ أن تصدّق بعضَ أمنياتها ، بأن تكون أمريكا جادّة ، أو نصف جادّة ، أو .. حتّى ربعَ جادّة ، في سعيها لزعزعة النظام الحاكم !
* النظام السوري ، يعلم أن أمريكا ، لا تطيق معارضةً سورية ، للإسلاميين فيها دور، حقيقي فاعل مؤثّر .. لذا ، فهو مطمئنّ من هذه الناحية ! وهو أكثر اطمئناناً ، من الناحية الأخرى ؛ الناحية الإسرائيلية ، التي تهبّ عليه من تلقائها ، نسماتٌ عليلة ، تحمل الودّ الخفيّ، الذي يترجمه قادة إسرائيل ، تصريحات علنية ، بأن إسقاط النظام الأسدي خطّ أحمر!
* أيّ قطب من أقطاب المعارضة السورية ، لو وضع نفسَه في موضع صانع القرار الأمريكي، ونظر إلى المعادلة بمنظار السياسة الحالية ، للإدارة الأمريكية ، لقال بينه وبين نفسه :
ياه .. ما أعجب هذه المعارضة ، الطيّبة الوديعة ! لا تستطيع الخروج بمجرّد مظاهرة في بلادها ، خوفاً من بطش نظام حكمها .. وتريد منّا ، نحن الأمريكان ، أن نكفّ عنها أنيابَ الأجهزة القمعية ، في بلادها ، لتتظاهر ، وتعتصم ، بأمان وسلام! وهي ، لو أخرَجت بضعةَ آلاف من المتظاهرين ، موزّعين في شوارع عدد من المدن السورية .. لارتعدت فرائص طاغيتها الصغير، ففقد السيطرة على أعصابه ، ودخل في مرحلة من الهذيان ، كتلك التي دخل فيها أبوه ، في آذار عام 1980 ، ولسعى إلى التفاهم معها .. أو لحزم أمتعته وهرب ..! أو لهرب بعض كبار قادته ، الذين لامصلحة لهم ، في تعريض أنفسهم للأذى ، خدمةً لكرسيّه.. وتركوه يواجه مصيره وحده ..! ولاسيّما أن ظروفه الراهنة ، مختلفة ، إلى حدّ كبير، عن ظروف أبيه ، محلياً ، وإقليمياً ، ودولياً.. وشخصيّته المهزوزة مختلفة عن شخصيّة أبيه ..! كما أن موقفه القلق ، في مواجهة المجتمع الدولي ، والمحكمة الدولية ، المكلّفة بمحاكمة قتلة الحريري .. وسخونة الاحداث ، في بعض الدول المجاورة لبلاده .. كل ذلك يوفّر للمعارضة ، فرصة ذهبية نادرة .. للتحرك الشعبي ضدّه ، والسعي لإسقاطه ..!
لو حصل هذا ، لصدّقنا ، نحن ، عندئذ ، أنها معارضة حقيقية جادّة ، مؤثّرة في بلادها ! ولو تعرّضت لبعض الاضطهاد ، من أجهزة بلادها .. لأعطتنا حجّة ، للضغط على رئيسها ، عبر مؤسّسات الأمم المتّحدة ، المهتمّة بحقوق الإنسان ! أمّا أن تطلب منّا ، أن نكنس لها شوارع بلادها ، من أجهزة الأمن المنتشرة فيها ، لتَخرج هي تتنزّه في هذه الشوارع ، وتمارس بطولة الهتاف ضدّ نظام حكمها.. فهذا نوع لطيف جداً ، من المعارضات ! والألطف من ذلك ، أنها لا تعرف ـ فيما يبدو ـ شيئاً عن مصالحنا الحقيقية ، في بلادها ، وما يحقّقه لنا هذا النظام ، منها .. برغم سماجاته الصبيانية أحياناً ! أو أنها تعرف ذلك ، وتتجاهله ، وتريدنا ، نحن ، أيضاً ، أن نتجاهله .. من أجل سواد عيون الحرية والديموقراطية ، وحقوق الإنسان ! والأهمّ من ذلك : أنها لا تتابع ، فيما يبدو، تصريحات حلفائنا ، من قادة إسرائيل ، التي يكرّرونها ، صباحَ مساءَ ، بأن نظام جارها ، الأسد ، ضرورة حيويّة ، للأمن القومي الإسرائيلي !
· بعض قادة المعارضة السورية ، لو فكّروا قليلاً ، في مصالح أمريكا ، ولعبتها مع النظام السوري ، ومع معارضيه ، وما يمكن أن تقدّمه لهؤلاء المعارضين ، لتمثّـلوا بقول صاحبهم القديم، أبي فرعون العدَويّ ، الذي أصابه الفقر، فنصحه أحد أصدقائه ، بطلب المساعدة ، من بعض أقاربه ، القادمين من البادية ، لعلّه يصيب عندهم خيراً.. فقال :
ولستُ بسائلِ الأعرابِ شيئاً حَمِدت اللـهَ ؛ إذْ لـمْ يأكلوني !