البيانوني...
البيانوني...
خرق صحيح وصريح في المنطق السياسي الإخواني
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
[email protected]
كلمات لاتُسمن ولا تُغني من جوع ، وهي تعبير عن أمر واقع لا مفر منه ، ومن قائلها
تعني الكثير ، وتعني الرؤية السياسية الواضحة والسليمة التي تُقدّر الأمور جيداً ،
وتنظر إلى الأبعاد والقضايا من كل الزوايا ، بمعنى " أنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ
الجبال طولا" . وإذا كان الفلسطينيون وبما فيهم حماس يُقرّون إلى ما ذهب إليه
مؤخراً المُراقب العام للإخوان المسلمين في سورية إثر لقاءه بالعربية وهو تأييده
للمُبادرة العربية إذا ما تحققت مطالبهم ، فما معنى أن يقف إسلاميو سورية ضد التيار
، وهم لا يملكون من الأمر شيئاً ، وبالتالي فقد جاءت كلمات السيد البيانوني الواضحة
بهذا الخصوص بقوله :"
بأننا نعيش في هذا الكوكب ضمن
المجتمع الدولي، ولا يمكننا أن نخرج عن قرارات
الشرعية الدولية ، ولا نستطيع أن
نقف في وجهها ، وبالتالي هناك أشياء في المجتمع
الدولي
قد
يتم إقرارها ؛ ولا نكون
موافقين عليها لكن لا يسعنا إلا أن نقبل بها" كما
قبل بها الآخرين من أصحاب الشأن إن تحققت المطالب وفق الحد الأدنى المُتفق عليه ،
بعد إعادة الحقوق إلى أهلها تطبيقاً للمقررات الشرعية بالانسحاب من الأراضي
التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وبالتالي كما قال
البيانوني : بأننا نتحدث بواقعية عن تعاملنا مع إسرائيل ومع غير
إسرائيل، بغض النظر عن كونها دولة احتلال ، أو هي
دولة مزروعة عندنا- صدقت يا شيخ -، وماذا عسانا أن نفعل نحن مع مثل هذه الدولة
الغاشمة ، التي يُتاجر النظام السوري وغيره بنا كإسلاميين ومُعارضة ، وهو يُهوّل من
أمرنا ، ويُكالب الدنيا علينا ، وعلى مواقف صدرت من هنا وهُناك لا تُغني ولا تُسمن
من جوع ، سوى لعدم المرونة في الموقف ، ولكننا في نفس الوقت نستطيع أن نُعلن دعمنا
لحقوق أهلنا في فلسطين إلى أن ينالوها ، ونستطيع أن نكون فاعلين أكثر من اتخاذ
الموقف السلبي ، تماماً كما نُطالبهم ونُطالب غيرهم بالاعتراف بحقوقنا المشروعة ،
وهو حقنا كسوريين إسلاميين وإخوان يساريين وليبراليين عرباً وأكراد ...أن نعيش في
وطننا بسلام وأمان وحرية ، بعيداً عن قانون الطوارئ الجائر الذي اُنتهكت فيه
المُحرّمات ، والقانون الظالم 49 لعام 1981 الذي يحكم بالإعدام لمجرد الانتساب لفكر
أو رأي ، ومبدأ التداول السلمي للسلطة ، والمُشاركة الفعّالة لكل أبناء الشعب)
وأنا ومن معي كإسلاميين مُستقلين
نُرحب بقول السيد البيانوني المُراقب العام للإخوان المسلمين وما جاء في حديثه
جُملة وتفصيلا ، والذي يُمثّل مُعظم رأي المُعارضة السورية ، المُجمعة عليه جُملةً
وتفصيلا، وبهذا الرؤية المرنة ، التي تمّ الإعلان عنها نكون قد سحبنا كل المُبررات
من النظام في قضية التهويل علينا ، والنظرة الظُلامية التي ينقلها عنّا ، ونكون قد
وضعنا الأمور في مواضعها ، بأننا أصحاب رؤية وأهداف ، نملك الديناميكية المُناسبة
للتحاور والالتقاء مع الآخرين ، وتفهم الأوضاع الدولية ضمن الإطار العام الدولي،
وأننا كمعارضة نأخذ على عاتقنا مسؤولية تحمّل أعباء الدولة وحاجات البلد ، ونستطيع
أن نتحملها باقتدار لتخليص شعبنا السوري من الكابوس الظالم الجاثم على صدره منذ ما
يزيد عن الأربعة عقود ، لا سيّما وكما قال السيد البيانوني بأن هذا النظام مُشرِفٌ
على السقوط ، وقوله هذا ليس ضرباً من الخيال ، فنظام بشار عام 2000 يوم استيلائه
على السلطة غير نظامه عام 2008 ، الذي تسوده الفوضى والفساد والضعف والعزلة المحلية
والعربية والدولية ، والملاحقة القضائية الجنائية لأركانه بما فيهم بشار ، مما قد
يُسبب الانهيار المُفاجئ في أي لحظة ، وهو – أي نظام بشار- يسير في انحدار شديد نحو
الهاوية ومن الصعوبة بمكان أن يستطيع إيقاف عجلة الانحدار لأسباب كثيرة ، كونه وضع
سورية بأكملها على شفير الهاوية ولابُدّ من إنقاذها بأيدي السواعد الوطنية الغيورة
على بلدها ، والتي تُحاصره من كل مكان للتخلص منه بأقل الخسائر ، بعدما ارتمى في
الحضن الفارسي وجعل من سورية مُلحقاً لملالي قم في الخندق المُعادي للعرب، وبعدما
زرع الخراب والدمار في المنطقة وجعله وسيلة لتصفية حساباته مع الآخرين ، مما جعل
الشعب يتهيأ للانتفاضة ، بعدما رأى الضعف المُذل من نظام بشار ، الذي لم يستطيع حتى
الدفاع عن قصره عندما اخترقته الطائرات الإسرائيلية ، ناهيك عن دفاعه على الوطن .
تُمّ سأله ايلي ناكوزي مُقدم برنامج بصراحة عن حماس فقال عنها : بأن حقيقة قوتها
وفاعليتها هم من
في داخل الأرض المحتلة ، وأمّا
المتواجدين في سورية فهم في معظمهم كإيواء ، وبالتالي فهؤلاء لا يؤثرون على
العمل المقاوم في داخل فلسطين ، وأنّ هذا النظام يتقن اللعب
بالأوراق، فيحاول الاستفادة من الورقة الفلسطينية
والورقة اللبنانية والورقة
العراقية ، وإسرائيل أكثر الحريصين على بقائه
وإخراجه من عزلته ، وما أُعلن مؤخراً عن استعداد إسرائيل للتخلي عن الجولان مقابل
سلام دائم يدخل في سياق إنقاذه وإخراجه من عزلته ، وهذا شيء مُعلن ولم يعد الأمر
خافياً على أحد ، لأن إسرائيل تخشى من
البديل الديمقراطي الذي يرفض أن يُمرر صفقات على
حساب المصالح السورية والأمّة العربية ، وتكلم عن
عملية التغير الداخلي الديمقراطي في سورية فقال : بأننا نعتمد على الأيدي السورية ،
ولا نقبل
العدوان على البلد بحجة تغيير النظام كما حصل في العراق،
ولا تقبل التدخل في الشؤون الداخلية السورية،
وسيكون التغيير بأيدي
سورية. وهذا هو عنوان مشروع المعارضة السورية على اختلاف وتنوع التزاماتها. ولكننا نُريد من الدول الغربية
والمجتمع
الدولي رفع الغطاء عن هذا النظام الذي لازال محمياً
عربياً ودولياً ، ويترك للشعب السوري الذي قادر بتعاون أبناء الوطن وعناصر كثيرة
داخل النظام وخارجه مستعدة لأن تقوم بعملية التغيير
وسأله
عن العلاقة السورية الإيرانية التي وصفها بالتبعية والملحقية فقال : بأنها ليست
حلفاً فقط بل هي أكثر بكثير ، يُستغل فيها
هذا جانب الإغراءات المالية ودفع رواتب لرؤساء العشائر ولبعض الأئمة، وبعض المشايخ،
وبعض الناس
المتنفذين من أجل تحويلهم إلى المذهب الشيعي . وقال : نحن لسنا ضد المذهب الشيعي
وعندنا شيعة
ولو كانوا بنسبة قليلة في سوريا، لكن عندما يكون
هناك دعوة في صفوف أهل السنة للمذهب
الشيعي فهذا يثير فتنة طائفية نحن في أمس الحاجة
إلى الابتعاد عنها والى الوحدة الوطنية. ومثل هذا العمل يزيد
الاحتقان الموجود في الداخل السوري. مُستغرباً بناء
حسينيات في مدن وقرى ليس فيها شيعي واحد كي تبنى
فيها
حسينيات ومزارات ، وكل ذلك بتمويل إيراني ودعم من النظام السوري، هذا في الجانب
العقائدي أو
الفكري أو الأيديولوجي والمذهبي. أمّا في الجانب الاقتصادي هناك الآن مؤسسات
استثمارية كبيرة لإيران، وأموال تتدفق على سوريا من
قبل ممولين شيعة من دول الخليج
ومن غيرها ،أي صار هناك نفوذ اقتصادي ونفوذ عسكري،
فهناك
الحرس الثوري الإيراني يشاهد في سوريا بشكل واضح لدى المواطن السوري، ومظاهر اللطم
وغيرها صارت واضحة حتّى في
المسجد الأموي. أي صار يُفرض على السوريين مظاهر شيعية لتتحدى جمهور أهل السنة في
الداخل السوري.
وهذا كله يُبرهن على أنّ سوريا
صارت أداة في يد السياسة الإيرانية. بعدما عزل نفسه النظام السوري نفسه عن
محيطه العربي ليرتمي في ألأحضان الإيرانية بشكل واضح ومكشوف ومفضوح .
وخُتم اللقاء بالحديث عن لبنان فقال البيانوني :
نحن كإخوان مسلمين من الموقعين على
وثيقة إعلان "بيروت
دمشق - دمشق بيروت" وأنا وقعت عليها بصفتي ونحن مع
علاقات ندية أخوية بين الشعبين
السوري واللبناني مع الاعتراف الكامل بسيادة لبنان
واستقلاله ومع التمثيل
الدبلوماسي المتبادل. وقال : نحن لا نقر سياسات
النظام التي مضت خلال العقود الماضية في
استعباد لبنان وتسخيره لمصالحه والتدخل في شؤونه
الداخلية السياسية وغيرها، ونحن ضد
محاولات النظام السوري استعادة هيمنته على لنبان من
خلال ما يحدثه من فتنة
واضطرابات واغتيالات. ونحن موقفنا من إخواننا
اللبنانيين على أنّهم أشقاء لنا لهم علينا
حقوق الجوار المتبادلة وحقوق الأشقاء. ثُمّ حمّل
النظام مسؤولية اغتيال الحريري
،
من خلال القراءة لجرائم النظام في لبنان التي لا يشك أحد قيام النظام بها ، بدءاً
من جريمة اغتيال
كمال جنبلاط إلى المفتي حسن خالد إلى صبحي
الصالح إلى آخرين كثيرين في لبنان ، ومن خلال تعامل
النظام السوري مع قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وعدم مُبادرته في تشكيل لجنة
تحقيق لمعرفة من يقف وراء هذه الجريمة، وهذا كله يُشير إلى ضلوع النظام المُباشر
بهذه الجريمة ، وما يؤكد ذلك تهرّبه وخوفه من المحكمة الدولية ، وإذا ما كان بريئاً
فلماذا يعرقل تشكيل المحكمة الدولية؟ ، وعن مُقاومة حزب الله قال : بأنها اُستغلّت
سياسياً لفرض هيمنة الحزب على مُقدرات الدولة اللبنانية لصالح طائفة مُعينّة ، وهذا
مرفوض ، ونحن رأينا بالمقاومة في لبنان بأنها كانت مقاومة حقيقية نحن دعمناها
وأيدناها وأرسلنا رسائل وبيانات
وبرقيات تهاني لها عندما انسحب الاحتلال الإسرائيلي
منها. أمّا الآن عندما تحول حزب الله
من حزب
مقاوم إلى حزب دخل في الصراعات اللبنانية على أساس
طائفي، ويعطل الآن الحياة
اللبنانية، ويعطل إنشاء المحكمة الدولية، ويصر على
استمرار الفراغ الدستوري
والرئاسي في لبنان، طبعاً نحن لسنا مع هذه المواقف.
وأنا أعتقد لسنا نحن فقط، بل نظن أن حزب الله بمواقفه هذه خسر كثيراً من تأييد
الشعوب العربية
والإسلامية
ثُمّ وجه الإستاذ علي صدر الدين
البيانوني في النهاية رسالة إلى الشعب السوري قال فيها : أولاً التحية لأهلنا في
سوريا ولشعبنا الصامد في وجه هذه
الاعتقالات والقمع، وقال : بأن هناك أحرار إعلان
دمشق الآن في السجون،ل أكثر من 14 قيادي منهم دخلوا السجون ، ليس إلا لأنهم
معارضون سياسيون ينتهجون المبدأ السلمي
والتغيير السلمي، وكذلك هناك معتقلون من الإسلاميين، ومعتقلون من
إخوانا الأكراد الذين حاق بهم الظلم من كل جانب ،
ومُعتقلون من جميع أطياف المُجتمع . وقال نحن نحيي إخواننا المعارضين جميعاً في
سوريا والشعب السوري الصامد في وجه هذا النظام القمعي الشمولي، وأيضاً
نحيي إخواننا القابعين في سجون السلطة السورية من
الأكراد ومن العرب ومن الإسلاميين
ومن غير الإسلاميين، وفي رأس هؤلاء الأستاذ عارف
دليلة الذي حُكم بالسجن عشر سنوات
لأنه قال في محاضرة أن هناك فساد في هذا النظام
وهناك خلل اقتصادي في سوريا. ونحيي كل هؤلاء بمن فيهم الأستاذ ميشال كيلو وأنور
البني وأكرم البني
وإخوانهم من المعتقلين الإسلاميين ومن معتقلي إعلان دمشق ومن معتقلي إخواننا الكرد،
وكافة مُعتقلي الرأي والسياسة
في سوريا.