حفيد مسيلمة.. سورية جبل ما تهزه قرون عنزة
حفيد مسيلمة..
سورية جبل ما تهزه قرون عنزة
محمد فاروق الإمام
قديماً يحكى أن أشعب وابنه جلسا على مائدة طعام، وبينما كانا يأكلان فإذا بابن أشعب يكثر من شرب الماء ويلتهم بعد ذلك من كثير الطعام، وأشعب مندهش من تصرفه حتى إذا انتهت المائدة قال له: يا بني لِمَ كنت تشرب كل هذا الماء، لو جعلت بدلاً من الماء طعاماً. فقال الأبن: يا أبت إن شرب الماء يوسع محلاً للطعام ويسلك. فغضب منه أشعب وقال: لِمَ لم تنبهني إلى ذلك قبل بدء الطعام يا عاق والدَيَك.
وهذا ما كان سيقوله مسيلمة الكذاب لحفيده حسن نصر الله: لم لم تعلمني كل هذه الدروس في الكذب يا حفيدي العاق؟!
فقد خرج علينا حسن نصر الله في آخر خطبه بكذبة مفضوحة جديدة عندما ادعى أن دخول ميليشياته إلى سورية كان لهدف سياسي وليس لغرض طائفي، وهذا الادعاء يتعارض مع كل ما ادعاه في السابق عندما أعلن أنه ذهب إلى سورية لحماية بعض القرى الحدودية التي يسكنها بعض شيعة لبنان حماية لهم من الإرهابيين والتكفيريين، ثم تدحرج الأمر عند نصر الله ليقول إن الهدف من تدخله في سورية هو حماية مقامات آل البيت التي يمكن أن تتعرض للاعتداء من قبل الإرهابيين والتكفيريين، ثم ما لبث أن تدحرج الأمر عند نصر الله ليدعي أنه ذهب إلى سورية لمنع سقوط نظام الأسد وكسر جدار المقاومة والتصدي للعدوان الصهيوني والشيطان الأكبر أمريكا.
هذا الكذاب الأشر هو كالحرباء يتلون بما يناسب طبيعة الأحداث التي تسارع جريانها في سورية، وأسقط في تلونه هذا كل ورق التوت التي سترت عورته لسنين طويلة؛ ليقف عارياً أمام الشارع العربي الذي انخدع بانتصاراته وشعاراته الزائفة، إلا من طائفيته الضيقة، وازدواجية المعايير، والتناقض المنهجي، والسقوط الأخلاقي، إذ قدم الطائفية على كل شيء، وافتضحت أهدافه بعد توجيهه السلاح إلى صدور أبناء وطنه، وهو الذي ظل يزعم أن سلاح الحزب موجّه ضد العدو فقط، ما يعني أن اللبنانيين والسوريين وباقي العرب هم وحدهم العدو!
ما فعله حسن نصر الله في سورية لم يكن مفاجئاً للعقلاء الذين عرفوا عمالته لأسياده في قم، عندما سعوا منذ أن حطت طائرة الخميني في مطار طهران عام 1979 إلى تصدير الثورة الإيرانية لدول المنطقة، واتخذوا شعاراً لذلك، صورة مقاتل إيراني يقف على الكرة الأرضية حاملاً علم إيران، بعد ذلك أخذ ملالي قم يطالبون بالبحرين، ويصرون على احتلال الجزر الإماراتية، ثم بدأ تدخلهم الصارخ في الشؤون الداخلية لدول المنطقة بصفة عامة ودول الخليج العربي بصفة خاصة، سعياً لاستعادة المجد الفارسي، وقد أدرك العالم كله، فيما بعد، أن شعار تصدير الثورة الذي أعلنه الخميني هو في حقيقته تصدير الطائفية والفوضى إلى دول المنطقة ثم إلى دول العالم، وما يفعله خامنئي اليوم في سورية والعراق واليمن هو الوفاء لوصية إمامه الخميني، الذي اضطر لتجرع السم حين وافق على وقف إطلاق النار مع العراق، قبل أن يحقق طموحه القومي الكبير الهادف إلى إحياء المجد الفارسي، واحتلال العراق للزحف منه على دول الجوار لنصب الهلال الشيعي، الذي حذر منه العاهل الأردني قبل سنوات، والذي يصل بين بيروت وطهران مروراً ببغداد ودمشق.
لقد سقطت كل أوراق التوت عن عورة هذا الدعي الكذاب، كما قلنا، وانفضحت شعاراته الكاذبة، وسقطت شماعة فلسطين وتحرير المسجد الأقصى، وبان زيف شعارته (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) وثبت أنه بدلاً من أن يُعدَّ مقاتليه لقتال إسرائيل (جنوباً)، فإذا به يرسلهم إلى قتل السوريين (شمالاً)، معلناً الغدر بشعب رفع صوره، وسانده، وفتح أهله قلوبهم وبيوتهم له ولمقاتليه على مدى عقدين.
هذا الناكر للجميل يعترف بكل وقاحة في كلمته الأخيرة بمناسبة يوم عاشوراء بأن دخول عناصر من حزبه إلى سورية، كان "لحماية مقام السيدة زينب لأهميته عند كل المسلمين، ولأن أي تعرض له سيؤدي الى فتنة بين المسلمين.. بعد مشاركتنا في حماية مقام السيدة زينب، تدحرجت الأمور ودخلنا القصير وغيرها بعد دخول آلاف المسلحين اليها، لأن الموضوع صار الهوية السياسية للمنطقة".
فإذا كان ما يدعيه هذا الكذاب من أن تدخله في سورية كان هدفاً سياسياً وليس هدفاً طائفياً؛ فكيف سيفسر للمتسائلين معنى كلماته عند دفنه لبعض قتلى ميليشياته القادمة من جبهات القتال في سورية (استشهدوا في مهمة جهادية)!!
حسن نصر الله المهووس بجنون العظمة والاستعلاء يذكرني بالعنزة البلهاء التي التقت بثعبان فقال لها: "انك يا عنزة قوية ولديك قرون هيا انطحي هذا الجبل وحركيه من مكانه.. فصدقت العنزة هذا الكلام ورجعت الى الوراء قليلا ثم أسرعت باتجاه الجبل وقرونها أمامها.. ثم نطحت الجبل.. فماذا حدث؟ ماتت العنزة.. والجبل لم يتحرك من مكانه.. وكذا الحال الذي سيصير إليه حسن نصر الله في تدخله في سورية.. ناسياً هذا الموهوم أن سورية جبل لا تهزه قرون عنزة!!