مصر بين القرارات السياسية والأزمات الاقتصادية

مصر بين القرارات السياسية والأزمات الاقتصادية

عبده مصطفى دسوقي

باحث تاريخي وطالب ماجستير في التاريخ الحديث

[email protected]

لاشك أن المرحلة التي تمر بها مصر الآن من المراحل العصبية فقد تعيش في حالة من السوء في جميع جوانبها ومراحلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ولاشك أن القرار السياسي بإنشاء محافظتين جديدتين في هذا التوقيت ليس قرارا إصلاحيا بقدر ما هو قرار سياسي لإرباك حسابات الفرد المصري الذي يدور في فلك لقمة العيش والتي لا يستطيع الحصول عليها إلا بعد إزهاق الأرواح.

لقد جاء القرار فى توقيت تعيش فيه البلاد حالة من الحوار السياسي فلا يوجد أجندة سياسية مدروسة ولا خطوات محسوبة ولا علاقات داخلية ولا خارجية موصولة, فالحزب الحاكم سياسيا فى تطبيق وإنفراد بالسلطة عن باقي التيارات والأحزاب السياسية بل هو فى صراع معهم حول هذه الحياة, فهو سيطر عليها كلية وجزئية بالقرارات والقوانين التى يصدرها بعين الحين والآخر, وبدلا من وضع خطة منهجية تسير عليها البلاد أصبح العشوائية عنوانا لكل القرارات والتى لا تخدم سلطة ولا دولة, فقرار إيجاد محافظتين جديدتين على أسس غير مدروسة وتوزيع إداري غير محكم سيسبب ربكة كبيرة لدى السلطة والشعب واستنزاف الوقت والجهد والمال حتى تفيق هذه المحافظات من تنظيم خطوطها وإدارياتها بالإضافة لما سيعانيه الفرد فى هذه المحافظات من متاعب فى تغيير كل بياناته وبيانات أبنائه ومدارسهم وجامعاتهم واستخراج الأوراق الرسمية على أسس صحيحة إلا أن يصدر قرار آخر بأن تظل كل الأوراق الرسمية من بطاقات وشهادات ميلاد وجوازات سفر وشهادات وفيات ومعاشات وغيرها ما لا حق له كما هى تابعة للمحافظة الأولى وأن قرار المحافظات الجديدة سيطبق على المواليد الجدد.

وليس ذلك فحسب بل عمل الحزب الحاكم على السيطرة الاقتصادية فى كل مجالات الاقتصاد فلا يصح أن يصعد الطبقة الأغنياء أو حتى المستوردين أحد  خارج نطاق الوطني, ناهيك عن الطبقية التى أوجدها الحزب داخل المجتمع.

فقرار إنشاء محافظتين جديدين جاء ليشغل المجتمع عن رغيف العيش ومشاكله وعن الغلاء وما أوجد هو عن توريث الحكم وما يعد له.

 لقد نجح النظام الحاكم فى إشغال المجتمع لمدة عام قادم أو عامين عن التفكير فى القضايا الحرجة التي تظهر ضعيفة – كرغيف العيش والغلاء والتوريث وتصدير الغاز الطبيعي بأقل سعره, كما سيعطيها الفرصة فى مزيد من توجيه الضربات للمعارضين فبعد أن زج بأيمن نور خلف القضبان وتنحيه نعمان جمعة وعن زعامة الوفد هما اللذان نافسا الرئيس فى الانتخابات الخيرة استطاع أن يوجه ضربات قوية أيضا للإخوان المسلمين فبعد أن مارس معهم كل أنواع المضايقات فى انتخابات الشورى ومن بعدها المحليات استطاع أن يحكم على عدد من قيادتها بأحكام قاسية بدون تهم واضحة فى المحاكمات العسكرية الأخيرة, أيضا سيعطيه هذا القرار الفرصة فى التفريغ  لدراسة جدوى مجابهة باقى المعارضين خاصة بعد أن استطاع أن يطوى أكثر الأحزاب الموجودة تحت سيطرته فأصبحت لا تسير إلا فى فلك الحزب الوطني ولذا أصبح مسيطرا على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية بسيطرة على كل مجالات الإعلام.

سيعيش المجتمع فى فوضى إثبات وجوده خاصة المحافظات التي جرى عليها التقسيم فبدلا من التفكير فى الخروج من أزمة العيش بوضع سياسة رشيدة لزيادة الرقعة المزروعة واستغلال مساحة 96% من مساحة مصر التى تسيطر عليها الصحراء يصدر قرار بزيادة التكديس فى نفس الأماكن, ولا أدرى هذا القرار إلا أنه زاد عدد المحافظين الإداريين ومراكز  الأمن المركزي وحشودهم عن المدن الرئيسية كالقاهرة والجيزة وإلى أماكن استطلاع جديدة وإيجاد فيها خدمات فمصر لاستغل سوى3,5% من أراضيها وهى الأراضي الزراعية بتسهيلات من المجالس المحلية ووزارة الزراعة.

فمصر لديها حلول لحل أزمة  رغيف العيش والغلاء وزيادة ثرواتها الإنتاجية عن طريق زراعة مساحات كثيرة صالحة فى الصحراء, وأيضا مشكلة المياه التى تهدد نهر النيل بالرجوع للمشروع الذي قدم من عشرات السنين يقضى بعمل قناة من البحر المتوسط إلى منخفض القطارة وإقامة محطة توليد كهرباء عليه أولا لتوفير طاقة كهربائية وأيضا الاستخدام  بعض هذه الطاقة فى إنارة المحافظات الساحلية والبحيرة والدلتا وغيرها لتحليه المياه الموجودة فى المنخفض ووقت امتلاء المنخفض نستطيع شق قناة تصرف الفائض من الماء فى نهر النيل وزراعة أجزاء كثيرة من الأراضي الصحراوية الصالحة للزراعة.

وأيضا نستطيع أن زراعة محاصيل كثيرة مصر فى حاجة إليها وليس القمح فحسب , وتوفير الطاقة فبدلا من تصدير الغاز والحديد بأبخس الأثمان لإسرائيل بالرغم من أن اتفاقية كامب ديفيد لم تنص على ذلك, لكن كثيرا ممن لا يهمهم صالح هذا الوطن ويهمهم فحسب مصالحهم الشخصية وراء وقف  عجلة الإصلاح فانتشار أنفلونزا الطيور وراءها مافيا  استيراد اللحوم البيضاء المجمدة, ووقف صفقة اللحوم السودانية مافيا تعمل على الإضرار بمصالح المواطنين المصري والسوداني والمبيدات المسرطنة وغيرها كلها يقف وراءها أشخاص يعملون بمصالحهم دون النظر لأمن البلاد القومي .

لابد أن تكون القرارات مدروسة بمنهجية وواقعية وللمصلحة المشتركة بين النظام والشعب بل لابد أن يستشعر النظام الدور المنوط به وهو أنه جاء لخدمة الوطن والعمل على مصلحته والزود عنه لا للعمل من أجل توريث النظام أو المصالح الشخصية.