تحذير شديد اللهجة لكتلة العراقية

شهاب الحمد

إن الشعب هو مصدر السلطات. وهذا ما تعلمناه من الديمقراطية الحديثة، ويتطابق ما تنادون به في شعاراتكم الانتخابية، وفلسفاتكم وتنظيراتكم، ولقد اختار الشعب من بين البرامج والتحالفات ما يراه سبيلا للخلاص، فتحدى كل الصعاب من أجل التخلص من واقع مرير طال عليه أمده، فإذا بأصواته تصبح مهددة، فأصابه القلق والإحباط جراء ذلك رغم التطمينات والوعود بالتمسك بالاستحقاق الانتخابي التي تطلقها قيادات العراقية بين الفينة والأخرى.

إن الواجب المقدس الذي يقع على العراقية في هذه الأزمة هو التمسك بالاستحقاق الانتخابي في تشكيل الحكومة بما فيها بقية المناصب العليا والمتوسطة التي تتيح للعراقية فرصة التغيير، وتحقيق حلم المواطن العراقي بدولة مدنية حديثة، تطوي صفحة المشهد الطائفي،وتقطع الطريق على المتربصين الذين يروجون إلى أن العراقية ستفرط بأصوات من تحمل الموت من اجل الوصول الى صناديق الاقتراع كما حصل في فشلها بالدفاع عن الأصوات التي حجبتها المفوضية العليا تحت ذرائع شتى والتي قدرها مراقبو الكيانات باكثر من 25 مقعدا والتي كانت مؤشرا محبطا لآمال وطموحات الشارع في إقصاء الحكومة الطائفية والفاسدة.

هذه دعوة وهي في الوقت ذاته تحذير شديد اللهجة لقادة كتلة العراقية، إن فرطت العراقية بالاستحقاق الجماهيري وتنازلت عن رئاسة الحكومة فإن الجماهير التي انتخبتها ربما تخرج من إطار السياسة إلى أطر لا يحمد عقباها....نعم أنا أؤكد وأحذر بنظرة مستقبلية عميقة أن البركان الشعبي الذي أمسك نفسه من خلال الصبر الجميل طيلة سنوات مضت من قهر وتعسف وظلم حكومتي الجعفري والمالكي لا أعتقد أنه سيمسك نفسه إن غُدِر وصودر اختياره، وهذا ما لا نريده ولا نتمناه بالتأكيد.

وفضلا على اختيار الجماهير لكتلة العراقية فإنها اختارت – وكما هو معروف- قيادات معينة أعطتها الأولوية في تصويتها وأبرزهم (إياد علاوي، و طارق الهاشمي، وأسامة النجيفي، و عبد الكريم السامرائي ورافع العيساوي) فهؤلاء يجب أن يتسنموا جميعاً مناصب مهمة في الدولة العراقية كونهم اختيار الشعب، وأن لا تكتفي العراقية برئاسة الوزراء ومناصب أخرى لا تناسب حجمها في الواقع.

إن من الواضح أن الشعب العراقي في مشاركته الواسعة بالانتخابات أثبت أنه شعب يتمتع بمقدار متميز من الوعي الديمقراطي، لكن ضعف مشاركاته السابقة كانت – كما يبدو- احتجاجاً على سوء معاملته من قبل السياسيين الجدد، وصرخة صامتة بوجه مشروع المحاصصة الذي نفر منه ولم يستسغه، فقاطع وانكفأ على نفسه كردة فعل لهذا السلوك المشين الذي ضرب وحدته المتجذرة في التأريخ، لكنه اليوم عاد ليقول كلمته بعد أن وجد أن بعض السياسيين الجدد مصاب بالصمم فلا يسمع تلك الصرخات التي تختفي وراء الصمت، فنجد عشرات المقالات والتعليقات من قبل المواطنين بشكل ملفت للنظر تدعو العراقية للتمسك باختيار الجماهير ولا تفرط بأصواتهم فهي أمانة.

ومن بين عشرات المقالات والتعليقات لفت انتباهي تعليق أحد المواطنين حذر فيه العراقية من مؤامرة مدبرة تدار من قبل إيران، حيث أن إيران دفعت دولة القانون للتفاوض مع العراقية باعتبارها الفائز الأول، ولكن في اللحظة الأخيرة تعود دولة القانون للتحالف مع الائتلاف، وتلك المسرحية جاءت من أجل ضرب نتائج الانتخابات وقطع الطريق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبناءا على هذا التحليل هذه دعوة إلى فريق التفاوض للتسلح بالمعلومات والبيانات، وإحراج ائتلاف دولة القانون بالتساؤل: لماذا لم يطلب تشكيل ائتلاف حكومي جديد والإعلان عنه تماماً مثلما فعل مع الائتلاف الوطني؟.

لماذا لا تضع العراقية سقفاً زمنياً أمام الراغبين في التحالف معها باعتبارها الفائزة بشكل يعكس اهتمامها بما جاء في الدستور من مهل محددة، أم أصبحت هي الأخرى مثل عباس البياتي الذي يقول إن هذه المهل "غير مقدسة" ، مع تقديرنا لعظم التحديات التي تواجه العراقية نقول أنها على المحك وما لم تنجح في عبور محنة تشكيل الحكومة فإنها لن تنجح في إحداث التغيير الذي وعدت به.