إيران تخفى شبهات تخصيب اليورانيوم

وواشنطن تتهم طهران بالعمل على إنتاج القنبلة الذرية

تابع البرنامج النووى الإيرانى:

(1)

إيران ترفض التوقيع على البروتوكول الإضافي

حسين علي محمد حسنين

كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر

[email protected]

ضغوط إسرائيلية على النظام الإيراني:

جاء أول رد فعل على تلكؤك النظام الإيراني وما صاحب ذلك من تأجيل التوقيع على البروتوكول الإضافي متمثلا فى إعلان تل أبيب لتبنى مشروع ذراع الاستراتيجية البحرية الأكثر تطورا في مياه البحر المتوسط وذلك فى أول نوفمبر عام 2003 . فقد تم تسريب تقرير إسرائيلي يشير الى  أن اسرائيل تسعى حاليا الى إعادة النظر فى سلاحها البحري وذلك بتطويره على احدث تكنولوجيا معارك البحار حيث يتم  تنفيذ مشروع ذراع الاستراتيجية البحرية الإسرائيلية التى تعد الأكثر تطورا فى مياه البحر المتوسط . واكد التقرير أن هدف اسرائيل من ذلك المشروع هو منع أية تهديدات قد تحدث ضد أمنها القومي مستقبلا من قبل دول الجوار .  وأشار التقرير الى تركيز قادة اسرائيل على المطالبة بسرعة بناء  السفن الثلاث التى ستدخل فى مشروع الجيل الجديد من السفن الحربية التى تتمتع بكفاءة قتالية تعد أعلى من كفاءات السفن القتالية الإسرائيلية الموجودة حاليا بسلاح البحرية الإسرائيلية . وأوضح التقرير أن الجهات التى ستقوم بنناء تلك السفن الجديدة هي ثلاث شركات أمريكية منهم اثنتان لبناء السفن وهما شركة ( لوكهيد مارتن ) وشركة (نورثروب جرومان ) ، أما الشركة الثالثة فهي شركة ( رايثيون ) التى ستقوم بتزويد السفن الثلاث بأنظمة قتالية فائقة التطوير تكنولوجيا ، وسوف يخصص لتمويلها جزء من المعونة الأمريكية الخاصة بإسرائيل والتى تقدر بنحو  مليارين من الدولارات  سنويا قابلة للزيادة . وان إجمالي التكاليف المبدئية لتلك السفن الثلاث حوالي  مليارين و 400 مليون دولار .  يذكر ان اسرائيل تراجعت عن شراء ( خمس ) سفن قتالية كان مخططا لوزارة الدفاع الاسرائيلى شرائها عام 2002 قدرت بنحو  800 مليون دولار  من منحة أمريكية لا ترد  وافق عليها الرئيس الامريكى السابق بيل كلينتون فى مايو عام 2000 كمكافأة لإسرائيل عقب انسحاب الجيش الاسرائيلى من جنوب لبنان .  (ملحوظة: تعمل السفن الثلاث المقاتلة بالطاقة النووية ، ويتم تزويدها بمختلف الأسلحة للتعامل مع الأهداف ، وهى تعتمد على الصواريخ بحر-بحر ، والصواريخ بحر-جو  بالدرجة الأولى ، كما أنها تحتفظ بالمدافع الثقيلة والخفيفة كتسليح ثانوي ، وهى مزودة بأجهزة إلكترونية فائقة التطور للعمل فى جميع الأجواء وليلا ونهارا ).

غضب أمريكي لرفض ايران التوقيع على البروتوكول الإضافي:

أثار رفض الحكومة الإيرانية التوقيع على البروتوكول الإضافي شكوك الولايات المتحدة الامريكية .  ففي 21 نوفمبر 2003 قدم السفير الامريكى لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية (كينيث بريل) خطابا شديد اللهجة الى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد فيه أن ايران خدعت الوكالة الدولية بشأن برنامجها النووى وان ما ذكرته حول برنامجها غير حقيقي بعد أن تبين أن لديها برنامج سرى . وشدد كينيث بريل من انتقاداته الحادة للوكالة الدولية بسبب التقرير الذى وضعته الوكالة ولم تشر فيه الى أن ايران لديها برنامجا سريا آخر يسير بالتوازي مع البرنامج السلمي . وصعد السفير الامريكى من لهجته المتشددة عندما قال : إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المضلل والغير مسئول دفع الخبراء النوويين والمسئولين بالإدارة الامريكية ومختلف التيارات السياسية الامريكية الى التشكيك فى مصداقية الوكالة ذاتها لأنها أسقطت من تقريرها حقائق مهمة كشف عنها بعض مفتشو الوكالة  ذاتها ولم يؤخذ بتقاريرهم .

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد أعلنت الخارجية الامريكية أن واشنطن تنتظر من مجلس محافظي الوكالة الدولية أن يؤكد بما لا يدع مجالا للشك إخلال ايران بالتزاماتها بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووى وهو ما يستوجب رفع الأمر الى مجلس الأمن الدولي .

فى نفس الوقت قامت الادارة الامريكية بإرسال وفود عالية المستوى الى كل من فرنسا وإنجلترا والمانيا لاقناع الدول الأوربية الثلاث بضرورة توجيه انتقاد قوى للحكومة الإيرانية بسبب فشلها فى الإعلان عن جميع نشاطاتها النووية.

موقف الوكالة الدولية من رفض ايران التوقيع على البروتوكول الإضافي:

جاء رد فعل الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكثر تشددا عن ذى قبل  نتيجة رفض الحكومة الإيرانية التوقيع على البروتوكول الإضافي . فقد جاء قرار مجلس محافظي الوكالة بإدانة ايران واتهامها بإخفاء معلومات تتعلق بأنشطتها النووية خاصة تخصيب اليورانيوم وانتاج البلوتونيوم . وعليه فقد طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجددا خضوع حكومة طهران للقوانين الدولية فى اقرب وقت ممكن للتأكد من عدم امتلاك ايران  لأية أسلحة نووية كى يطمئن المجتمع الدولي بأن دولة ايران الإسلامية لا تمتلك أسلحة دمار شامل .

مزيد من الضغط الاوربى على إيران:

وفى 25 نوفمبر 2003 قامت كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة الامريكية بالاتفاق على وضع مسودة قرار يتم رفعه للامم المتحدة وتشير بنوده صراحة الى تحذير ايران من انتهاك الاتفاقات حول الامن النووي. وقد تم تقديم القرار رسميا الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة بنوده فى اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية . وشدد التقرير على انه إذا تكشفت اى انتهاكات أخرى من جانب ايران فسوف يتم إبلاغ مجلس الأمن الدولي لبحث فرض عقوبات على ايران .

*******************

(2)

وقلق داخل واشنطن والوكالة الدولية للطاقة

من برنامج إيران النووى

إيران توقع على البروتوكول الإضافي:

فى 18 ديسمبر عام 2003 وقعت ايران على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي ، وهو الأمر الذى كان بمثابة نزع فتيل الأزمة التى كانت الادارة الامريكية تهدد بتفجيرها من حين لاخر .    والتوقيع على البروتوكول الإضافي يعنى قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة دقيقة وتفتيش مفاجئة بواسطة خبراء فنيين من الوكالة الدولية على المنشآت النووية الإيرانية . ( يذكر أن 40 دولة فقط هي التى وقعت على البروتوكول الإضافي من مجموع 180 دولة).     ويرجع الفضل فى توقيع ايران على ذلك البروتوكول الى الدبلوماسية الأوربية التى قادتها فرنسا والمانيا وبريطانيا لاقناع النظام الإيراني بالتوقيع على البروتوكول ووقف أنشطة تخصيب اليورانيوم وذلك مقابل تزويد ايران بالتكنولوجيا النووية التى تحتاجها للأغراض السلمية . يذكر أن الخارجية الإيرانية أكدت أن الحكومة الإيرانية بتوقيعها على البروتوكول الإضافي وإعلانها وقف تخصيب اليورانيوم أن برنامجها النووي هو برنامج سلمى ومن ثم فان ايران لا تخشى التفتيش عليه. من الجدير بالملاحظة أن توقيع إيران على البروتوكول فى ذلك الوقت كان يعنى اعتراف دولي بحق ايران فى امتلاك برنامج نووي سلمى ، اضافة الى استمرار مساعدات روسيا لها لاستكمال بناء محطة (بوشهر) .

ملحوظة هامة:  البروتوكول الإضافي ومعاهدة حظر الانتشار النووي لا يمنعان ايران من امتلاك برنامج نووي سلمى او تخصيب اليورانيوم وذلك أسوة بـ 35 دولة لديها 420 محطة نووية لانتاج الطاقة .  لكن فى نفس الوقت على ايران أن تتفهم جيدا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تتسامح مع ايران فى حال انتهاكها لبنود معاهدة حظر الانتشار النووي التى وقعت عليها ، اضافة الى قيام الوكالة بفرض رقابة صارمة على المنشآت النووية الإيرانية وفتحها أمام عمليات التفتيش والمراقبة المفاجئة .

انزعاج داخل الادارة الأمريكية:

فى 10 فبراير عام 2004 تلقت الادارة الامريكية تقريرا مفصلا من الحلفاء الأوربيين (فرنسا وألمانيا)  يفيد بقيام لجنة من كبار المسئولين الايرانيين بإخفاء كافة الشبهات التى تشير الى تخصيب اليورانيوم فى أكثر من 300 موقع داخل ايران . وشدد التقرير على أن ايران قد تعاملت بكثافة فى السوق السوداء وحصلت بالفعل على وحدات لتخصيب اليورانيوم ومواد نووية من شبكة الدكتور عبد القدير خان الباكستاني .  فى نفس الوقت أشار تقرير للاستخبارات الامريكية الى قيام ايران مؤخرا بتشغيل محطة لتحويل اليورانيوم الى غاز فى مدينة اصفهان بوسط ايران منذ عدة أسابيع . وقد أوضح التقرير الامريكى انه يتم تحويل اليورانيوم الى غاز كى يتم تخصيبه فى محطة " ناتانز التى تبعد 250 كيلو متر جنوب طهران .   كما كشفت كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الامريكى أن ايران تسعى جاهدة لامتلاك القنبلة النووية وانه ليس هناك صحة فيما تدعيه ايران من أن برنامجها النووي خاص للاستخدام فى توليد الطاقة الكهربية وهو قول من قبيل التضليل خاصة وان ايران لديها مخزون هائل من البترول يكفيها لعشرات السنين مع الوضع فى الاعتبار أنها تمتلك رابع اكبر خزان نفط فى العالم ، اضافة الى أنها تمتلك ثاني اكبر خزان للغاز الطبيعي فى العالم . ولعل ذلك هو ما دفع الادارة الامريكية مرة أخرى الى توجيه الاتهامات الى البرنامج النووي الإيراني ، وقد جاء ذلك فى تصريحات للرئيس بوش التى طالب فيها بضرورة تشديد الإجراءات الهادفة للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل .

قلق داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية:

فى 11 فبراير 2004 خرجت تسريبات من الوكالة الدولية تفيد بأن مفتشي الوكالة عثروا داخل بعض المواقع الإيرانية على نوع جديد من أجهزة الطرد المركزي لم تعلن عنها ايران من قبل وهو ما يضر بمصداقية ايران ، وقد تم تدوين ذلك فى التقرير الخاص بالبرنامج النووي الإيراني الذى يقوم بإعداده مدير الوكالة محمد البرادعى وذلك لرفعه لمجلس محافظي الوكالة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات فى هذا الخصوص . وقد أوضحت معلومات الوكالة المسربة أن ايران قد أوقفت بالفعل تخصيب اليورانيوم لكنها فى نفس الوقت واصلت تجميع أجهزة الطرد المركزي لتكون جاهزة فى الوقت الذى ترى فيه استئناف إنتاجها النووي . فى نفس التوقيت أعلن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان التكنولوجيا النووية التى كان من الصعب الحصول عليها فى السابق أصبحت الآن متاحة من خلال شبكة معقدة تنتشر فى أنحاء العالم ويمكنها تزويد الراغبين فى امتلاكها بنظم إنتاج مواد تستخدم فى صنع الأسلحة النووية ، لذلك يجب على المجتمع الدولي التحرك بسرعة لتطويق هذه الشبكة وإلا فان نشاطها سوف يتزايد وسيؤدى حتما الى كوارث نووية فى حال تمكن الجماعات الإرهابية من الحصول على تلك التكنولوجيا والمواد النووية ثم الأسلحة النووية فى نهاية المطاف .   وطالب رئيس الوكالة الدكتور البرادعى بمراجعة وتشديد معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية حتى تتوافق مع متطلبات القرن الحالي. وشدد على عدم السماح الدولي بالانسحاب من المعاهدة كما فعلت كوريا الشمالية فى عام 2003 وضرورة تطبيق البروتوكول الإضافي للمعاهدة الدولية الذى يسمح بالتفتيش المفاجئ على المنشآت النووية إجباريا على جميع الدول ، والتشديد على اعتبار ان الدول المنسحبة من المعاهدة تمثل تهديدا للسلام والأمن فى العالم بما يستوجب تدخل مجلس الأمن الدولي لمراجعتها . كما طالب البرادعى دول العالم بالتخلي عن أسلحتها النووية كجزء من الجهود الرامية الى عدم وصول تلك الأسلحة الى أيدي الجماعات الإرهابية .  وطالب مدير الوكالة الدولية الى ضرورة وقف إنتاج الوقود النووي وحظر تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم ، وضرورة معاملة الأشخاص الذين يساعدون على الانتشار النووي معاملة مجرمي الحرب حتى تسد الثغرات التى تسمح بتصدير المواد النووية.

رد الفعل الإيراني:

فى 12 فبراير 2004 جاء رد الفعل الإيراني على لسان الخارجية الإيرانية عندما صرح السفير فيروز الحسيني بالنمسا بأن الاتهامات الامريكية الخاصة بقيام ايران بإنتاج القنبلة الذرية ليس لها أساس من الصحة ، وان بلاده تتبنى سياسة الشفافية الكاملة ، وقد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك . وشدد الحسيني على كذب الادعاءات الخاصة بعمليات تحويل اليورانيوم الى غاز بغرض تخصيبه فى محطة ناتانز . وأكد على أن المحطة مفتوحة للتأكد من صحة ما نقول وكذب تلك الادعاءات.

وفيما يتعلق بمخزون النفط والغاز الطبيعي الإيراني الضخم أعلنت الحكومة الإيرانية فى بيان لها انه على الرغم من أن ايران لديها احتياطيات ضخمة من البترول والغاز الا أنها تعمل على توفير تلك الاحتياطيات للأجيال القادمة نظرا للزيادة فى تعداد السكان التى وصلت الى 70 مليون نسمة حاليا ، والتى من المقدر أن تصل فى عام 2025 الى نحو 100 مليون نسمة . كما أشارت الحكومة الايرانية ايضا الى ان حقول البترول الحالية تحتاج معظمها الى إصلاحات فنية واعمال تجديد باستثمارات تقدر بحوالي 50 مليار دولار ومدة زمنية طويلة .     وشدد البيان على ان الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وروسيا والمانيا واليابان تستخدم الطاقة النووية فى توليد الكهرباء ، وأنه يوجد بتلك الدول (السابق الإشارة إليها ) بالإضافة الى دول أخرى بالعالم فى الوقت الراهن نحو 1239 مفاعلا نوويا يستخدم منها 559 مفاعلا فى إنتاج الكهرباء فقط  منها 104 مفاعل فى الولايات المتحدة الامريكية  و 59  مفاعلا فى فرنسا و 53 مفاعلا فى اليابان و29 مفاعلا فى روسيا و19 مفاعلا فى ألمانيا ، والباقي فى دول أخرى مختلفة . من ناحية أخرى أكدت الحكومة الإيرانية كذب الادعاءات الخاصة بعمليات تحويل اليورانيوم الى غاز بغرض تخصيب اليورانيوم فى محطة ناتانز ، واعلنت الحكومة الإيرانية أن المحطة مفتوحة للتأكد من صحة ما نقول وكذب تلك الادعاءات .

****************

(3)

العودة إلى تشديد العقوبات على الشركات التى

تتعامل مع إيران فى المجال النووى

واشنطن تحذر الشركات الدولية: 

فى 3 ابريل عام 2004 أعلنت الخارجية الامريكية فرض عقوبات ضد ثلاثة عشر (13) شركة تابعة لسبع (7) دول متهمة بتزويد ايران بتجهيزات ومعلومات لصنع أسلحة نووية وكيمائية وبيولوجية . وأوضحت الخارجية الأمريكية أن العقوبات طبقت على الشركات التالية: خمس شركات صينية ، وشركتان من مقدونيا ، وشركتان من روسيا ، وشركة واحدة من بيلاروسيا ، وواحدة من كوريا الشمالية ، وواحدة من تايوان ، وأخرى من دولة الامارات العربية المتحدة . وقد أكدت الخارجية الامريكية ان العقوبات استندت الى معلومات ذات مصداقية أثبتت ان تلك الشركات نقلت الى ايران تجهيزات وتكنولوجيا متقدمة منذ عام 1999 يمكن ان تساهم فى صنع أسلحة دمار شامل وأنظمة صواريخ باليستية او عابرة. واكدت الخارجية الامريكية انه سيتم فرض عقوبات على تلك الشركات والأفراد الذين ساعدوا بشكل او بآخر فى تطوير البرنامج النووي الإيراني . وسيحظر على تلك الشركات والأفراد إجراء اى تعاملات تجارية مع الشركات الامريكية سواء بالبيع أو الشراء ، اضافة الى حظر إبرام اى تعاقدات او الحصول على مساعدات أمريكية لمدة عامين . ( يذكر ان هذه العقوبات تستند الى قرار حظر الانتشار النووي فى ايران الذى اقره الكونجرس عام 2000 ويقضى بحظر بيع اى منتجات او تكنولوجيا قد تساعد ايران فى تطوير صواريخ بعيدة المدى او أسلحة غير تقليدية ) . وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أن قسما من تلك المعلومات جاء من الشبكة النووية التى وضعها مؤخرا أبو القنبلة النووية الباكستاني العالم عبد القدير خان .

الوكالة الدولية تعرب عن قلقها من استمرار إيران فى تخصيب اليورانيوم:

فى 2 يونيو 2004 أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا أكدت فيه قيام ايران بشراء عشرات الآلاف من قطع المغناطيس اللازمة فى تصنيع أجهزة الطرد المركزي للاستخدام فى تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية وكميات كافية لانتاج رؤوس نووية . وذكر التقرير ان شركة إيرانية متخصصة فى هذا المجال تقوم حاليا بدراسة شراء نحو عشرون ألف مغناطيس تكفى لتشغيل عشرة آلاف جهاز طرد مركزي من طراز (بى-2) الذى يقوم بتخصيب اليورانيوم لاستخدامه كوقود لمحطات الطاقة او للأسلحة النووية من خلال الدوران بسرعات تفوق سرعة الصوت .

وفى 14 يونيو 2004 ذكر تقرير لمدير الوكالة الدولية للطاقة محمد البرادعى ان ايران سعت الى شراء آلاف الوحدات المغناطيسية المستخدمة فى برنامج الطرد المركزي من السوق السوداء ، الا ان تقرير البرادعى عاد واكد انه لا يوجد حتى الآن ما يشير الى ارتباط أنشطة ايران النووية ببرامجها العسكرية ، ومن ثم فانه من السابق لأوانه إصدار أحكام بهذا الخصوص فى الوقت الراهن .

وفى 18 يونيو 2004 أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا استنكر فيه فشل ايران فى التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بالكشف عن خبايا برنامجها النووي . لكن قرار الوكالة لم يتضمن التهديد الامريكى الخاص بضرورة تحويل الملف الإيراني الى مجلس الأمن الدولي نظرا لانتهاكها معاهدة حظر الانتشار النووي. ( يذكر أن فرنسا والمانيا وإنجلترا تقدموا بمشروع القرار الى الوكالة الدولية حتى تم التوصل الى صياغة وسط بين التشدد الامريكى والاستنكار الاوربى لعدم تعاون ايران مع الوكالة ) .

خلافات إيرانية أوربية حول تخصيب اليورانيوم:

فى 31 يوليو 2004 أعلن وزير الخارجية الإيراني كمال خرازى أن بلاده لا تزال مستمرة فى تعليق تخصيب اليورانيوم طبقا للاتفاق الذى توصلت إليه فى فبراير عام 2003  مع كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا . كما أوضح أن هذا الاتفاق كان من الممكن أن يتوسع ليشمل وقف تصنيع أجزاء أجهزة الطرد المركزي لكن الأوربيين فشلوا فى الوفاء بالتزاماتهم فى هذا الاتفاق وهو ما دفعنا الى البدء فى تصنيع أجهزة الطرد المركزي . ومع ذلك فقد أكد خرازى على أن البرنامج النووي مخصص للأغراض السلمية .

مشروع قرار أمريكي فرنسي بريطاني المانى بوقف تخصيب اليورانيوم:

فى 15 سبتمبر 2004 توصلت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا والمانيا الى اتفاق حول مشروع قرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وذلك لعرضه فى صيغته الجديدة والنهائية على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 19 سبتمبر 2004 . ويتضمن المشروع الجديد الآتى: (1) وقف فوري لعمليات تخصيب اليورانيوم.  (2) وقف إنتاج أو استيراد قطع غيار أجهزة الطرد المركزي.  (3) وقف تجميع واختبار تلك الأجهزة . (4) ضرورة قيام المسئولين الايرانيين بالإعلان عن مصادر وأسباب التلوث باليورانيوم المخصب واستيراد مصنع خاص لاستخدام أجهزة الطرد المركزي .  واللافت للنظر أن مشروع القرار الامريكى الاوربى لم يتضمن اى إلزام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحويل الملف الإيراني الى مجلس الأمن الدولي فى حالة عدم التزام ايران بجميع مطالب الوكالة ( وهو ما يضع العديد من علامات الإستفهام أمام المحللين الحياديين).

إيران ترفض قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية:

فى 19 سبتمبر 2004 رفضت ايران بشدة قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى طالب حكومة طهران بوقف جميع أنشطتها المتعلقة بتخصيب اليوارنيوم ، كما هددت بوضع حد لعمليات التفتيش المفاجئة لمنشآتها النووية فى حال رفع الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن الدولي . فى نفس الوقت أعلن حسن روحاني الامين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني ورئيس وفد المفاوضين الايرانيين فى المحادثات النووية بالمؤتمر العام للوكالة الدولية  للطاقة الذرية بفيينا أن قرار الوكالة بتجميد برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني هو قرار غير شرعي وليس ملزما لإيران وأنه لا يحق لأي هيئة دولية إجبار طهران على اتخاذ مثل هذه الخطوة . الا انه عاد وتراجع عندما أوضح أن بلاده ستستمر فى تجميد عملية التخصيب الأصلية فقط ( وهى مرحلة التخصيب الخاصة بوضع غاز اليورانيوم فى أجهزة الطرد المركزي حتى يتحول الى يوارنيوم مخصب ) . لكن  روحاني شدد على أن الأنشطة الأخرى المتعلقة بإنتاج وتجميع واختبار أجهزة الطرد المركزي سيستمر العمل بها دون توقف. وهدد روحاني بعدم السماح للمفتشين الدوليين بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة لمنشآتهم النووية فى حال رفع الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن الدولي واحتمال فرض عقوبات ضد طهران .

مجموعة الدول الثماني الصناعية تطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم:

فى 16 أكتوبر 2004 طالبت فرنسا المتحدثة بإسم مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ( الولايات المتحدة ، فرنسا، بريطانيا ، إيطاليا ، المانيا ، اليابان ، كندا ، روسيا الاتحادية) من ايران بضرورة وقف برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم بشكل كامل . وقد أكد بيان الخارجية الفرنسية على أن باريس ستواصل العمل مع شركائها بمجموعة الثماني من أجل التوصل الى اتفاق مع الحكومة الإيرانية بشان وقف أنشطة التخصيب نهائيا. جاء ذلك فى الوقت الذى أخذت واشنطن تصعد من هجومها ضد النظام الإيراني حيث تطالب بضرورة رفع الملف الإيراني الى مجلس الأمن الدولي .  فى نفس الوقت أكدت فرنسا على إقامة جولة من المفاوضات بين المجموعة الأوربية(فرنسا وبريطانيا والمانيا) من جهة وإيران من جهة أخرى تبدأ فى السابع من نوفمبر وسيتم فيها التوصل الى مشروع اتفاق يقضى بتجميد الأنشطة النووية الإيرانية لتخصيب اليورانيوم واعادة معالجة الوقود النووى. الا أن متحدث البيت الابيض الامريكى سكوت ماكليلان عاد وشدد على ان واشنطن ترى انه يجب منع ايران نهائيا من تطوير أسلحة نووية لان المجتمع الدولي مصمم على عدم السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية.      يذكر أن مجموعة الدول الثماني كانت قد أصدرت فى اجتماعها الأخير الذى عقد فى 9 يونيو 2004 بمدينة سى أيلاند بولاية جورجيا الامريكية خطة عمل مكثفة لمكافحة أسلحة الدمار الشامل والحد من انتشارها ، وذلك بفرض حظر تام على تداول تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم لمدة عام على الأقل (قابل للزيادة) . وقد أكد زعماء المجموعة التصدي لتلك الظاهرة واتخاذ تدابير جديدة لمحاربتها باعتبارها مشكلة دولية الأبعاد وتتطلب تضافر جهود الدول الكبرى لمواجهة هذا النوع الخطير من الإرهاب الذى أضحى يهدد العالم .

**************

(4)

إيران لا تعبأ بالقرارات الأمريكية الأوربية وتستمر

فى إستئناف تخصيب اليورانيوم

البرلمان الإيراني يصدق على قانون استئناف تخصيب اليورانيوم:

فى 30 أكتوبر 2004 أقر البرلمان الإيراني بأغلبية 247 من أصل 290 برلمانيا على مشروع قانون يؤيد استئناف تخصيب اليورانيوم وامتلاك ايران للتكنولوجيا النووية المدنية وتحديدا دورة إنتاج الوقود النووى (اى التخصيب) . جاء ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه الخارجية الإيرانية أن حكومة طهران تطالب كل من فرنسا والمانيا وبريطانيا بجدول زمني للتعاون النووى بين الطرفين وضرورة قيام الطرف الاوربى بوضع تعهدات محددة وواضحة ومرنة فى الوقت تراعى المصالح الإيرانية حتى توافق حكومة طهران على وقف عمليات تخصيب اليورانيوم .

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحذر من التطرف النووى:

فى 8 نوفمبر 2004 أكد محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثناء انعقاد قمة الحد من انتشار الأسلحة النووية التى عقدت بـ سيدنى(استراليا) على ضرورة اتخاذ كافة المحاذير من الإرهاب النووى الذى اصبح يمثل تهديدا على العالم ، وضرورة اتخاذ إجراءات وقائية فورية للحيلولة دون وقوع كارثة على غرار 11 سبتمبر 2001 أو حادثة المفاعل النووى السوفيتي السابق بـ تشرنوبل . وقال: لا نريد ان نجد أنفسنا فى غضون عشر الى عشرين عاما أمام أربعين الى خمسين دولة تعتمد على أنشطة تخصيب اليورانيوم وانتاج البلوتونيوم لان ذلك سيدعو الى قلق شديد فى العالم .  وكشف محمد البرادعى عن وجود ( 630 ) حادثة تهريب مواد نووية واشعاعية منذ عام 1993 ، وأرجع ذلك الى وجود خلل فى النظام  الحالي للرقابة على الصادرات . وشدد مدير الوكالة الدولية على وجود اكثر من عشرين شركة وفردا ثبت تورطهم فى معظم الجرائم بدون علم حكوماتهم .

خلافات أوربية إيرانية حول تخصيب اليورانيوم:

فى 9 نوفمبر 2004 أشارت بعض التقارير الواردة من باريس الى أن المفاوضات الأوربية الإيرانية تشهد خلافا واضحا  وذلك رغم ما أعلنته ايران فى 7 نوفمبر 2004 من أنها توصلت لإتفاق مبدئي لتسوية أزمة تخصيب اليورانيوم . وترجع أسباب الخلاف بين فرنسا والمانيا وبريطانيا من جهة وإيران من جهة أخرى الى الفترة الزمنية التى ينبغي تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم خلالها . وعلى الرغم من أن هناك اتفاق مبدئي بين الطرفين الا أن المفاوضات تعثرت ، وقد رجع ذلك الى أن ايران وافقت على تعليق إنتاج غاز اليورانيوم لكنها فى نفس الوقت رفضت تعليق المراحل الأخرى من الإنتاج خاصة بودرة اليورانيوم حيث تطالب طهران بأن تكون مدة تعليق التخصيب ستة أشهر فقط بينما الدول الأوربية تريد ان يكون التعليق مفتوحا الى ان يتم التوصل الى اتفاق نهائي بين الجانبين وهو ما يرفضه النظام الإيراني بشدة .

الوكالة الدولية لا تملك دليلا على قيام إيران ببناء القنبلة:

فى 15 نوفمبر 2004 أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا أكدت فيه على لسان مديرها الدكتور البرادعى أن الوكالة لا تملك دليلا على قيام ايران بتحويل مواد نووية لأغراض عسكرية أو أنشطة محظورة . كما أشار التقرير أيضا الى أن ايران ستعلق عمليات تخصيب اليورانيوم بدءا من 22 نوفمبر 2004(اى قبل انعقاد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة فى 25 نوفمبر 2004)  وذلك بعد موافقة الحكومة الإيرانية مع الدول الأوربية الثلاث(فرنسا والمانيا وبريطانيا) على اتفاق طويل الأمد يتعلق بالمسائل الأمنية والنووية والاقتصادية  حيث سيتم البحث فى تفصيلات ذلك فى منتصف ديسمبر 2004 ،  وهو الأمر الذى سيحول دون إحالة ملف ايران النووي لمجلس الأمن الدولي (يذكر هنا أن مندوب ايران لدى الامم المتحدة قد سلم سكرتارية الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة مكتوبة تعلن فيها الحكومة الإيرانية تعليق أنشطتها النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم).  كما تبين أن تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تضمن بعض التفصيلات حول القضايا العالقة بشأن التلوث الإشعاعي وتصميم أجهزة الطرد المركزي .

أما على الصعيد الإيراني فقد أكد حميد رضا أصفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن قرار بلاده بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم تم قبوله طواعية وذلك لتبديد مخاوف الوكالة والأوربيين والأمريكيين من أن ايران لن تصنع أسلحة نووية . الا أن أصفى شدد على أن ذلك التعليق سوف يكون لفترة محدودة وان المفاوضات ستبدأ مع الطرف الاوربى فى 15 ديسمبر 2004 وذلك بتشكيل مجموعات عمل منفصلة للتعامل مع القضايا السياسية والأمنية والتكنولوجية والاقتصادية . (يذكر أن ايران وافقت على تعليق التخصيب مقابل عرض أوربي تمثل فى مساعدة ايران بالتزود بمفاعل يعمل بالمياه الخفيفة لتوليد الكهرباء وضمانات تتعلق بحصول طهران على الوقود لمحطاتها النووية ، بالإضافة لعروض اقتصادية وتجارية وسياسية سيتم الكشف عنها فى أوائل عام 2005 ) .