استهزاءاً ببشار واستخفافاً بنظامه
حتى من حزب الله
( 1 )
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
(هل فلت البعير من عقاله ؟ بل هل تجاوز البعير حدوده؟ أم هل ينطح البعير صاحبه وولي نعمته ؟ كُلُّ شيئ في عالم السياسة والمصالح وارد ، فحزب الله نشأ وترعرع بأحضان ومزرعة النظام السوري ، وبعلف ايراني من أرقى الأنواع ، فالي من ياتُرى يكون لحمه وعظمه وجلده ووبره في النهاية ؟! فكُل الدلائل والوقائع تقول : إنّه إيراني المنبت والمأكل ، وأنّ النظام السوري بالنسبة لهم لم يكن إلا كمُرضعة حقيرة مُستغلّة ومُستفذّة وقد آن الأوان لإيقافها عند حدّها وتدفيعها الثمن ، ولكي يُروها العين الحمراء بعدّ أن شبّ الجنين ، ونبت لحمه وشعره ولم يعد بحاجتها ، لا بل الإيرانيون ذهبوا إلى أبعد من ذلك ، فهم يرون بأنّ لهم الفضل يعود في استمرار هذا النظام الذي أمدّوه بأوكسجين وأسباب الحياة إلى سن الشيخوخة التي هو عليها الآن ، على الرغم من ترأس النظام لغُلام لم يبلغ الحُلم السياسي ليرثوه وما جمعه من أملاك يعتبرون الفضل إليهم فيها ، قبل أن يعي الولد بشار لما يُدبرونه لنظامه، فأطماعهم وحدودهم لا تقف عند حد عدم ردّ الجميل فحسب، بل النهب والوراثة لربيبهم وهو حيٌّ يُرزق ، وما تلك إلاّ عادات فارسية معروفة ، الابن يقتل أباه كما فعل ابن كسرى بأبيه على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ، أو كما فعل أجداده الذين استحلوا المُحرمات وأصولهم عندما قضوا على آبائهم صبراً ، أو عندما قتلوا حُلفائهم عند أي غفلة ليرثوهم وهم أحياء ، وما عبيد الله المجوسي الأصل مؤسس الدولة الفاطمية إلا كنموذج حي يَمْثل أمامنا عندما قتل دُعاته ومن مهد له الطريق للوصول إلى المغرب لينفرد فيما بعد بالقرار والسلطة والملك الذي امتدّ إلى الشام ، عندما قضى فيها على آلته وذراعه العسكرية من القرامطة ، الذين كان دورهم كحزب الله اليد المُنفذة لسياسات إيران في التوسعة بالمنطقة ، والتي سيأتيها الدور لكسرها والتهامها كما فعل الأجداد مع الأتباع والأزلام ، وكذلك الوضع مع النظام السوري العميل لهم )
والقصّة نبدأها من عند اغتيال مُغنية كي لا نُطيل ، مُتجاوزين مرحلة تآمر النظام السوري وتعاونه مع الإيراني الفارسي ضد العرب في حرب الثمان سنوات ، التي أكلت الأخضر واليابس ، والتي شجّع هذا النظام استمرارها طوال هذه الفترة الطويلة ، ثُمّ باءت بالفشل من تحقيق أهدافها ، ولكن كان من آثارها تعميق العلاقة بين الطرفين ، وتكليف النظام السوري بدور مُتقدم لمصلحة نظام الملالي ، بعد أن اثبت ولاءه المُطلق لآيات قم ، وبعيداً عن الخوض في دور النظام السوري كجسر عبور لبني فارس الى لبنان والمنطقة في البداية ، ومن ثُمّ تمكين نظام ولاية الفقيه من سورية أرضاً وشعباً لقاء حُفنةٍ من الدولارات ، وأوهام مساعدتهم بالسيطرة على المزيد من الأرض العربية ليكونوا غطاءاً لهم ولأطماعهم في المستقبل ، بحجّة العروبة وما شابهه
ولكنني هنا سابدأ من عند اغتيال عماد مُغنية الرجل الثاني في حزب الله كما هم ذكروا ، والمُنافس على الزعامة كما ذكرت إذاعة الجيش الإيراني التي تحدّثت عن مُغنية وسعيه لإقالة حسن نصر الله من منصبه وتسلمّه لمهام الأمانة العامّة للحزب ، وذلك عند اغتيال مُغنية تمهيداً لتسويق وجهة نظر النظام السوري بأنّ تفخيخ عماد مغنية قد تمّ في لبنان ، وانه لا علم للسلطات السورية بدخوله لأراضيها ، مما أغضب حزب الله صاحب النفوذ العسكري القوي في سورية بتعاونه مع الحرس الثوري الإيراني هناك ، وسيطرتهم على المرافق الحيوية والمفاصل والنقاط العسكرية المُهمّة في سورية ، بدءاً من القصر الجمهوري ، ومروراً بانتشارهم في كل المُحافظات والقرى السورية عسكرياً واقتصادياً ودينياً ، وانتهاءاً بتطويقهم العسكري للعاصمة دمشق تحت غطاء الدفاع عنها من أيّ هجوم ، كما أكد ذلك أية الله الجنرال محمد حبش قدّس الله سرّه ، والذي قال قياديهم عضو مجلس الشورى في حزب الله بالمقابلة الصحفية مع صحيفة الحقيقة السورية بتاريخ 142008 ، وصحيفة أُخرى لم اعد اذكر اسمها ، حيثُ قال فيها : إن حسن نصر الله اتصل ببشار أسد وأبلغه بأن المُستهدف كان عماد مُغنية ، بعد أن أعلن النظام السوري عن التفجير بأنّه ناتج عن انفجار عبوة غاز لا أكثر ، ليتبين لنا فيما بعد وكما ذكر هذا القيادي في حزب الله ، بأنّ جهاز أمن الحزب لم يُطلع المُخابرات السورية على جثّة مُغنية الذي وُضع في سيارة نائب عن حزب الله كان مُشاركا في الاحتفال الذي كانت تُقيمه السفارة الإيرانية بذكرى انتصار ثورة دولتها ، ربما لشُكوك من قبلهم بتورّط نظام الصفقات مع أمريكا وإسرائيل لتصفيته، بعدما اتصلوا بحسن نصر الله الذي أعطاهم التعليمات بحزم، بعدم الإخبار واطلاع أحد على جثّة مُغنية وسرعة نقله إليه، ربما كي لا يُستغل جسده في دعاية سورية فيما بعد ، أو لأمور أخرى سنطلع عليها فيما بعد ، على الرغم من أنّ هذا العمل فيه تجاوز واستخفاف بالنظام وأجهزته الأمنية والحكومة والدولة السورية إن كان لها بقيّة في ظل المتسلطين عليها ، والذي يدخل هذا التصرف ضمن ما اعتاد عليه الإيراني وحزب الله كما ذكرت في السابق ، حيث كانت الأسلحة المحظورة منها والتقليدية تُنقلُ عبر جسر جوّي من إيران الى مطار دمشق ، ثُمّ تُحملُ في حاويات لا يُشرف على حملها ونقلها إلا أعضاء من حزب الله ، وتُنقل بكراتينها دون السماح لأحد للإطلاع على مُحتوياتها
على كل حال كان ردّ حسن نصر الله في الاتصال التليفوني على بشّار حازماً ، عندما طلب منه الثاني عدم الإعلان عن الهدف الذي تمّ اغتياله ، فرد حسن نصر الله عليه بلغة شديدة وقاسية وفيها شيء من الإهانة ، بأننا ما تعودنا التستر على شُهدائنا أيّاً كانت مهامهم القيادية ، وهذه العبارة ذكرها حسن نصر الله في إحدى خطاباته تأكيدا على رفضهم طلب بشّار ، ولو كانت النتائج كارثية على نظام حليفهم ، في إشارة لا تخلو من تحميل النظام جريرة ما جرى ، حينها أعلنت شعبة الاستخبارات العسكرية السورية التي هي تحت سيطرة آصف شوكت لرد الكرة إلى ملعب حزب الله ومواجهة هذا التحدّي بأنّ المقتول هو عماد مُغنية الذي فُخخت سيارته في لبنان ، ليؤكدوا ما قالته صحيفة الجيش الإيراني حول ما أوحى به النظام عن احتمالية قتله بيد رفاقه في السلاح ، مما أغضب حزب الله الذي طالب المُشاركة في التحقيق ، والذي رُفض طلبه مع الإيرانيين ، وحينها تكلمت سُعدى بدر الدين أرملة مغنية ، واتهمت النظام السوري بقتله ، والتي قالت بالحرف : "لقد سهّل السوريين قتل زوجي" ، مُعتبرة رفض سورية مشاركة مُحققين إيرانيين هو الدليل الدامغ على تورط نظام دمشق في قتله زوجها عماد مُغنية .... يتبع
حتى من حزب الله
( 2)
وأُفول شوكت
(كثر الحديث هذه الأيام عن قصة أُفول آصف شوكت بين الحقيقة والخيال ، فالسيد عبد الحليم خدّام أحد ابرز وجوه المُعارضة وأوساط سياسة مُطلعة أكدت وضع هذا الرجل رهن الإعتقال أو في الإقامة الجبرية ، وسرت شائعات قوية بهذا الخصوص ، مما دفع أعوان النظام وابواقه للرد وتكذيب الخبر عبر مأجورين مُندسين ارادوا النيل من مصداقية المعارضة ، دون أن يُفكروا ولو قليلاً بالموضوع ، مروراً بظهور شوكت في لقطة تلفزيونية لا ندري إن كانت قديمة أم جديدة أم أُدمجت ، ولا الحيثيات التي كانت وراء ظهوره إن كان ذلك حقيقة ، ووصولاً الى خبر النفي الحكومي الذي جاء عارضاً اشبه بذّلة لسان من مُقابلة صحفية مطولّة أُجريت مع السفير السوري في أمريكا ، هذا عدا عن وجود بُشرى الأسد الغير مُبرر في الإمارات بشكل دائم ، بعد ورود شائعة بطلبها اللجوء السياسي في فرنسا، وإقامتها عند ناهد عجّة زوجة المليونير الراحل أكرم عجّة ، بينما الشائعة المُضحكة الرائجة في سورية التي يُسوقها النظام ، بأن آصف شوكت هو موقوف عن العمل بأمر من بشار أسد لمنع التهريب والفساد بسبب ضبط السلطات لكميات كبيرة من مادّة المازوت مُهربة الى دول الجوار، فما هي حقيقة الموضوع التي قد نتوصل الى حقيقتها من صورة الإستهزاء ببشار والإستخفاف بنظامه من حزب الله ، وقرب نصب المحكمة الدولية )
ففي المقالة الأولى التي أكدت فيها بالدلائل والوقائع ومن ألسنة المسؤولين في حزب الله وانزعاجهم الشديد من خلال الإيحاء بأنهم من كان وراء اغتيال عماد مُغنية إثر التقرير الذي صدرعن شعبة الإستخبارات العسكرية التي كان يُديرها آصف شوكت ، مما دفعهم الى الخروج عن المعهود في التصريحات النارية ، والنيل من رأس القيادة السياسية المُتسلطة في سورية على شكل تهديد وتلويح للوصول الى الأسوأ وفتح الملفات ، التي تكلموا عن أحدها بقصد الإهانة والإذلال ، وهو موضوع الإنسحاب السوري المُذل من لبنان حيثُ قال القيادي في حزب الله وعضو مجلس شوراه لصحيفة الحقيقة : "إنّ بشار الأسد لو تصرف بحكمة لكان الجيش السوري بقي في لبنان ، ولم يكن ينسحب بهذه الطريقة المُذّلة التي ذكرتنا بانسحاب أبيه المهزوم في الجولان عام 1967 مع الأخذ بعين الإعتبار الفروق السياسية والقانونية بين الحالتين " مما دفع بشار الى الرضوخ للمطالب ، واستغلال فرصة النقمة على آصف شوكت لتقديمه كأُضحية وقُرباناً على مائدة المحكمة الدولية ، في سلسلة الجرائم التي قام فيها وساعد عليها النظام السوري ، والتي ستختلف في سياقها وطريقتها عن مُحاكمة المجرمين في قضية لوكربي ، كون المُتهم هنا هو بشارأسد وكبار مُعاونية ، والمقتول ليس مدني عادي ، بل هو عبارة عن دولة ووطن ، وعلاقات واسعة مع العالم ، فضلاً عن تخلّي العرب عن تبنّي نظام بشار الذي صار خطراً على الأمن القومي العربي ، والإستراتيجية الإسلامية الموحدة
ومن هنا تكمن أهمية التصريحات التي تؤكد وضع آصف شوكت رهن الإعتقال أو الإقامة الجبرية ، والمسنودة على حقائق بالأساس ، او على أسوأ الإحتمالات على تكتيك سياسي ليس غريباً على عبقري السياسة السورية لمدة عقود أن يستخدمه ، لإظهار الخلاف وانقسام الأُسرة الحاكمة الى الناس والجماهير لتكون على اطلاع كامل لما يدور في أروقة القصر ، وكذلك مُحاولته كسب القسم الأكبر ممن ينتسبون الى الأُشرة الى جانب الشعب ومع النّاس، عبر إعطائهم الفرصة والأمل وفتح الطريق امامهم للمعاونة لبناء سورية حرّة وكريمة يُشارك كل ابناء المجتمع فيها بما فيهم هم ، والذين سيكون لهم دور مُهم لا يقل عن الآخرين بشيء ، ينعم فيه الجميع بالإستقرار والطمأنينة ، وليس بالخوف والأجواء المشحونة التي تدفع السلطة الى ارتكاب المزيد من أعمال العنف والجرائم لتُحافظ على بقائها واستمرارها ، خدمة لأشخاص موتورين يُعّدون على أصابع اليد ، وهم بحكم الراحلين ، كون النظام كما ذكر ماشي ماشي وليس من مصلحتهم أن يُصنّفوا معه ليُحاسبوا على جرائمه ، وهذا ما أشار اليه السيد خدام عندما وجه كلامه الى بعض الضباط بأسمائهم أثناء كشفه عن مُحاولة اغتياله ، مُبيناً لهم خطورة استمرارهم مع النظام الذي سيستهلكهم في معركته الأخيرة مع الشعب ثُمّ يجعل منهم الأُضحيات أو يرميهم على قارعة الطريق كما فعلوا مع مصطفى التاجر ورئيس الوزراء الأسبق الزُعبي ثُم الذي يليه ،وعدنان بدر حسن وغازي كنعان وآخرهم آصف شوكت الذي قرروا أن يضُحوا به على مذابح ومصالحهم الضيقة
وأخيراً : أود ان أُذكّر بقول القيادي في حزب الله بما يشعر به حزبه من النفسية الإنهزامية التي تُلاحق بشّار أسد ، ومدى الإستخفاف الذي وصلوا اليه ببشار ، عندما رجّح حزبه للقيادي عن سبب طلب بشار من حسن نصر الله عدم الإعلان عن شخصية المُغتال " عماد مُغنية " للحرج الذي سيسببه ذلك لنظامه ، إذ سيقول الرأي العام إنّ حزب الله الذي هزم اسرائيل في تمّوز وعجز العدو عن التمكن من مُغنية طيلة 25 عام ، وخلال 33 يوم من النيل من أحد قادته ، سقط بكل بساطة في العاصمة السورية التي لم تستطع حمايته ، فضلاً عن إمكانية اتهام النظام السوري بإبرام صفقة لبيعه ، وهو ما أبدى بشار خشيته صراحة لحسن نصر الله ، هذا فضلاً عن خشية نظام بشار توظيف الأمر من أمريكا ضد نظامه سياسياً لجهة اتهامه بايواء ارهابيين مطلوبين على أرض سورية ، لاسيما أنّ الأنتربول قد طلب من سورية رسمياً تسليمها مغنية ولكن النظام نفى وجوده في سورية
يتبع