السر في كُثرة الحديث عن إسقاط نظام بشّار

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

(لم يعد خافياً على احد وجود الانقسام في الموقف العربي ، الذي صنعه النظام السوري عبر ربط نفسه بالعجلة الإيرانية الفارسية ، ورفضه الحل العربي للبنان ، ثُمّ دعوته إلى قمّة الانقسام ، لتتبلور المواقف ونرى حضوراً باهتاً وضعيفاً من الزعماء العرب فيما سُمي قمّة دمشق ، وتمثيلاً مُتدنيا إلى أقل المستويات ، وغياب لبنان بالكامل ، ومن ثُمّ قرارات هزيلة لا معنى لها ولا تأثير ، سوى نفش ريش المُستضيف وإصراره على القول أنها كانت ناجحة ، برغم أنف الجميع الذي شهد على فشلها الذريع ، والتي أعقبها تصريحات سعودية قاسية ومن النوع الثقيل وتلميحات بصيغة النفي لم تكن في السابق لتحدث من المملكة العربية السعودية حول نفض يدها من النظام السوري ، ورغبتها في تغيير النظام ، مُعللين ذلك بالانزعاج السعودي إلى حد الغضب الذي باعتقادي هو الأسوأ في العلاقات والتصريحات التي تعني الكثير دبلوماسياً، مُنوهين في الوقت نفسه ، ولأول مرّة إلى التماثل في العلاقة والإيجابية مع مختلف الأطراف السورية في الحكم والمُعارضة السورية ، مُبتعدين عن التأكيد لأي تخمين بهذا الخصوص ، ومُكتفين بالإشارة بأن المملكة تقف على مسافة واحدة من الجميع ، وهذا ما جاء بمُجمله على لسان الكاتب والإعلامي السعودي المأذون الدكتور زهير الحارثي ، الذي أكد على تواصل المملكة مع أطياف المُعارضة ومنهم السيد عبد الحليم خدّام وآخرون ، وعلاقات طبيعية مع الدكتور رفعت الأسد الذي جاء التأكيد عليه بصفته الخاصة، وهذا بحسب المُحللين لمجرد إشهاره يُعتبر كمفهوم لا منطوق بدء العد التنازلي للقناعة السعودية صاحبة النفوذ القوي والتأثير السياسي الكبير ، بأهمية تغيير النظام السوري التابع والمسخ لإيران)

ويأتي هذا الموقف السعودي مُنسجماً مع الموقف العربي المُتضرر من وجود هكذا نظام إرهابي بعدما فقد العرب الثقة به وفي تغيير سلوكه ، حتى  صار الجميع على قناعة تامّة بضرورة إزالته بأقل الأضرار ونقل السلطة إلى إدارة جديدة تمنع هذا العبث في المنطقة ، وهو موقف مُتماشي مع الدول ذات الوزن العربي المهم ،  كالأردني والمصري واليمني والأطراف العربية الأخرى التي ترى ضرورة تغيير النظام المُتعفن، وكذلك يأتي هذا الموقف متماشياً مع الحراك في الداخل السوري الكثيف الذي يزداد وتيرته يوماً بعد يوم عبر ممارسات القمع التي ينتهجها النظام السوري مع المُعارضين السوريين ، ومتوافقاً مع تصعيد الأزمة في لبنان من قبل نظام بشار وأدواته في لبنان ، ومنع انتخاب رئيس لهذا البلد ومُنسجماً مع مُتطلبات المحكمة الدولية بمُثول المجرمين القتلة الذين ستنفك عنهم أي صفة قانونية تمهيداً لمثولهم أمام القضاء الدولي ، ومُتناغما مع الموقف الدولي الذي بات الكثير يُدرك خطورة استمرار هذا النظام على الصعيد الإقليمي والعالمي ، المُتعاون مع الإيراني بقصد زعزعة استقرار المنطقة وأمنها ، بدءاً من لبنان الجريح المُدمى من كثرة طعنات جار السوء المُستبد ، إلى العراق الذي عبث نظام بشار وحليفه الإيراني في طُهريته ونقاوته وصفائه حتى صار أشبه ببيت العنكبوت ، الذي فية الأسرة تأكل أبنائها حتى صارت أرض الرافدين والرشيد  أشلاء مُمزقةً من كل جانب ،إلى الساحة الفلسطينية التي زرع فيها هذا النظام بين الإخوة الأشقّاء الفتنة وبذور الانشقاق للاقتتال،  إلى السعودية والأردن  ومصر فقطر والبحرين التي كُشف عندهم عن شبكات إرهابية تدربت في سورية ثُمّ أُرسلو لتلك الدول بقصد القيام بأعمال وتفجيرات  إرهابية إلى المغرب وموريتانيا فاليمن التي عانت الكثير من تدخلات النظام السوري والإيراني عبر دعمهم اللا محدود للمتمردين الحوثيين والإرهابيين في هذا البلد ، الذين حصدوا أرواح أبرياء على مدار  سنين، إلى كل مكان استطاعت أيادي النظامين القمعيين السوري والإيراني الوصول إليهما

فالحديث عن إسقاط النظام السوري لم يعد سراً بعدما صارت له مُبرراته الموضوعية وأسبابه المُلحّة، وليس أمراً عبثياً ، بعدما صبر العرب كثيراً عن تجاوزات نظام بشار حتى أضحى مُهدداً لبلدانهم بشكل مباشر ، وصار خطراً داهماً على المنطقة ليس بقصد زعزعة استقرار تلك البلدان فحسب ، بل عبر نشر الرزيلة والفاحشة وتصديرها إليهم ، وتهريب المُخدرات التي ضُبطت منها كميات كبيرة في اليمن والعراق والأردن ومصر وكل المنطقة العربية ، ومنها السعودية التي قامت على إعدام مُجرمين سوريين ، بعدما أخذت اعترافاتهما بتورط ضباط كبار من أركان النظام السوري بالصوت والصورة ، مما أثار حفيظة النظام الذي دعى إلى اعتصام لقتل المُجرمين تعزيراً ، بُحكم شرعي عن القضاء السعودي وليس عن محكمة الأمن القمعية وحكم الفرد المُجرم السافاك العسكري السوري، بدلاً من الدعوة إلى اعتصام لإطلاق سراح عشرات الآلاف من المُعتقلين المُغيبين في أقبية الزنزانات السورية منذ عقود ، ورفض المُحاكمات الجائرة بحق المئات من الوطنيين الأحرار ، الذين لم تكن لهم جريمة سوى كشف فساد السلطة ، وعودة الملايين المنفية قسراً عن سورية منذ عقود ،ولكن قديماً قالوا : "اللي اختشوا ماتوا" ، ولم يبقى إلا هؤلاء الذين رفعوا سيف الحياء مُستمرين في دجلهم ، حتى بانت عورتهم للقاصي والداني ، ولم يبقى إلا أن تُكشف صحائفهم على الملأ عبر المحكمة الدولية التي من المتوقع ان تبدأ أعمالها بعد أسابع قليلة ، ليُنشر غسيلهم القذر على كل من هبّ ودب ، ويكون عبرة لأمثالهم من المُجرمين

وأخيراً أقول : وجميعنا ينظر ! ويرى الاحتجاجات على هذا النظام تكبر أكثر فأكثر محلياً وعربياً وعالمياً على هذا النظام البوليسي، ولم يبقى لهم من سند إلا إسرائيل الهرمة، الذين يُراهنون عليها بمشاريعهم لإبعاد شبح المحكمة عنهم ، وما هم بمزحزحين من الحساب والعقاب ، ويومهم آت ، بعد أن تنبه النّاس إلى خطرهم الذي وصل إلى بيوتهم ، وبعد أن قُطعت كل خطوط العودة مع الأصدقاء والفُرقاء ، وهذه لا تحدث إلاّ قليلاً ، ومن هذا مكمن السر في كثرة الحديث عن إسقاط نظام بشّار،  وقرب نهايته بالقاضية التي يتم الإعداد له بها من الأطراف المُتعددة ، وأُولاها من قوى الشعب السوري العظيم ، والقوى العربية المُتضررة من هكذا نظام