قُتل أصحاب النيروز

فأين أنتم يا قادة العرب والمسلمين

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

( قبل الدخول إلى الموضوع لابُدّ من توضيح فكرة النيروز الربيعية والقومية لعدة أعراق وإثنيات ، فهي فكرة وردية لحالة إنسانية مُستوحاة من عُمق التاريخ  ، وتحمل في طيّاتها كُل معاني الحرّية والتخلص من الرق والاستعباد والظُلم ، إلاّ أنّ بعض المغرضين الذين أرادوا استهدافها وتشويهها بأنها اُتخذت من بعض العرقيات والإثنيات على هيئة شطحات وشركيات وهو مُغاير لحقيقة هذه المُناسبة ، حيثُ مُعظم  الأكراد لا يعتبرون النيروز إلا مُناسبة وطنية تستحق التمجيد لأنها تُمثّل حالة ثورية تُحرض على رفض الظلم والاستبداد ولذلك فهي تُعتبر حالة مُرعبة لأنظمة القمع التي صنّفتها من ضمن المحظورات ، وهي مثل غيرها من الحالات التي فُهمت وتُرجمت خطاً مع بعض المُفارقات كثورة الحسين بن علي رضي الله عنهما السياسية؛ التي فسرها البعض على أنّها مُقدسة أو مؤلهة وربطوها بالأجرام الكونية وجعلوا منها ألف قصّة وقصّة ، وأدخلوا فيها من الشركيات والخرافات والأكاذيب مالايُصدّقه العقل فنسجوا من حولها الأوهام ، ولكنها في حقيقة الأمر لم تكن إلا  عبارة عن صرخة في وجه حالة غيّرت على ماكان عليه العهد الراشد من المثالية الفُضلى ، مع بعض الملاحظات على ماجرى من تخاذل حول الإمام الحسين رضي الله عنه من الذين دفعوه الى فوّهة المواجهة وتركوه في ساحة الوغى فلقي ربّه راضياً مرضياً ساخطاً على الذين خذلوه . وكذلك في قضية الحسين نجد المُغالطات في بعض المُدّعين محبته وهم في الأصل أتباع من خذلوه ، والذين جعلوا جُلّ سهامهم على من خالفهم بأشهر أقوالهم "يالثارات الحسين " وتكفيرهم لهم ، واستباحة دمائهم وأموالهم ، وإلا فممن سيثأرون ومن هدفهم لحادثة جرت وقائعها منذ مئات السنين ،لا شكّ بأنه سيكون على من خالفهم وليس على الاستبداد كمّا يدعون  ،  بدليل ارتباط هؤلاء المُدّعين  مع أنظمة القمع والإرهاب السوري والإيراني ، بينما النيروز هو تعبير عن حالة انتفاضية  سلمية ثورية لا تستهدف إلا معاني القهر والاستعباد لإزالتهما بأرق التعابير وأبسط المُمارسات ، عبر إضاءة الشموع وبعض الرقصات الفلكلورية والتجمعات التي تُعبّر عن مدى الحنق من النظام المُجرم، ثُمّ سرعان ماتنفك ويعود الناس الى منازلهم وأعمالهم ليتداولون هذه الليلة على مدار السنة ، مما يُغضب الغاصب خشية أن يكون هذا اليوم نقطة ارتكاز للانطلاق نحو التحرر من ظُلمه وبطشه الذي بات يخشى كُلّ صيحة أو أي حراك بعد أن فقد كل مُقومات وأسباب وجوده)

 من أجل هذا فقط يُقتل الأكراد في مناسبات النيروز ، ومن أجل أمثالها من المُناسبات يُسحق شعبنا السوري الحبيب ، الذي دفع ويدفع أثمان حرّيته غالية للوصول إلى غايته في التحرر ، ومن أجل ذلك علينا إن نرفع صوتنا عالياً ونستغل حضور قادة العرب إلى دمشق الذين كُنّا نأمل عليهم عدم المجيء كتعبير عن استنكارهم على المُمارسات اللا أخلاقية واللا إنسانية بحق شعبنا الحبيب ، ولكن مادام بعضهم قد قرر الحضور ، فإننا نود أن نضع بين أيديهم  قصّة مأساة أهلهم وأبنائهم السوريين ن الذين ذاقوا الأمّرين على يد زمرة النظام الفاسدة على مدار أربعة قرون ، فأحرقوا الحرث والنسل ، وقضوا على طموحات شعبنا في التطلع نحو حريته ورفاهيته واستقراره ، وارتكابهم  للمجازر تلوى المجازر ، بدءاً من حماة الأُولى وتدميرها في الثانية ، ومذابح تدمر وحلب وجسر الشغور وبقية المدن السورية ومجازر السجون زمن الدكتاتور حافظ ، ومثلها يفعلون زمن هذا الابن الطاغية ، الذي مشى على خُطى أبيه ، بل وزاد عنه بمجازر من النوع الثقيل في كلٍ من لبنان والعراق بالإضافة إلى سورية آملين منهم أن يضعوا معاناة شعبنا على جدول أعمالهم ، ويبحثوا في آخر مجزرة للنيروز في القامشلي التي طالب المجتمع الدولي بتفسير ماجرى وسفك الدماء عبر إطلاق الرصاص الحي على المحتفليين ، والسادية في القتل وبدم بارد وبمباركة السلطات ، وبالتالي نأمل عليهم الانضمام إلى الصوت الذي بدأ يعلو ، لكي لايمّر هذا الحدث دون أن يُعاقب الجُناة ومن ورائهم ، كي لايكون بعد اليوم الدم السوري رخيصاً على مثل هكذا نظام

وإننا بهذه المُناسبة كشعب ومُعارضة نُحيي الموقف الشجاع  للسيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق على مذبحة احتفال النيروز في القامشلي، والذي قال قي بيانه " نُدين بشدّة إطلاق النار على الأبرياء المحتفلين ، الذين لم تكن جريمتهم غير تعبيرهم عن فرحتهم باستقبال العام الكردي الجديد في القامشلي " ثُمّ دعى البرزاني رأس النظام السوري إلى عدم تكرار هذه الجريمة النكراء ، وطالبه بإجراء تحقيق حقيقي لمعرفة الجُناة ومعاقبتهم " إلاّ أنّ مايؤسف له بأننا لم نسمع إدانات من الشخصيات والأحزاب الأخرى الكردية ، التي نُسارع نحن ومن معنا من أكراد سورية مع كل مُناسبة أليمة أو مُفرحة للتضامن معهم وإصدار البيانات، وكُنّا نتمنى على السيد البرزاني أيضا إدانة الاعتقالات والمُحاكمات الجائرة التي تجري في سورية للأكراد ومُختلف المواطنيين السوريين أصحاب الرأي الحر ، وبالتالي فإننا ندعوه وكل القوى الحيّة في هذه المنطقة الحيوية، إلى وضع ميثاق شرف بين المجموعات العرقية المتعددة وبين الأحزاب والقوى السياسية والدول المُحبّة للسلام لرفض أي نوع من أنواع التمييز والاضطهاد، أو للتنديد بأي أسلوب همجي ووحشي يتخذه أيٌّ من الأنظمة القمعية ، ورفض القتل من أيٍّ كان وكذلك رفض الممارسات اللا إنسانية واللا أخلاقية سواءاً كان صادراً من تركيا أو سورية أو العراق أو إيران أو لبنان أو أي بلد مُحيط في هذه المنطقة الأكثر حساسية في العالم، وتشكيل جبهة مُناوئة لأنظمة الشر والإجرام ، بحيثُ نكون صوتاً واحداً يملأ الدنيا ويسمعه الكون عند أي انتهاك ، فيردعه ذلك مبدئياً إلى الوصول للإطاحة به عبر التكتيكات والتحشيدات السلمية التي يتم إتباعها لهذا الغرض

أخيراً : نرجو أن نسمع المزيد من الأصوات المُعبرة عن طموحات وألام شعبنا كما فعل المُناضل رئيس كردستان العراق ، وأن تتحرر الأحزاب والشخصيات من عُقدة الخوف والمُداهنة كي تقول كلمتها بكل صراحة ووضوح فيما يجري من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في سورية، ونرجو من القادة العرب الاهتمام بمظلومية شعبنا كما اهتموا بالقضية اللبنانية والفلسطينية التي نحن فيها أسوأ من الجميع وضعاً وحالة ، كما ونرجو لمن يستطيع عدم الحضور منهم كتعبير عن الحالة التضامنية  بأن يفعل ، ونتمنى أيضاً بأن لا تُتخذ هذه القمّة أي قرار يهدف إلى تلميع النظام ومُحاولة فكّه من العُزلة بل للضغط عليه لمنعه من أي عمل بربري في الأيام القادمة