مُقارنه بين زوجتي المواطنة وأسماء الأخرس
ومُناسبة عيد الأُم والربيع ومذبحة نيروز
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
زوجتي امرأة مُتعلمة ومُثقفة ولكنها لا تتدخل بالسياسة ، خوفاً أو زُهداً أو عدم رغبة منها لكنني أُقدّر موقفها ورأيها ،ومثلها الكثيرات من أبناء شعبنا السوري ، الذين بمعظمهم لم نعرف أسباب إحجامهن عن الدخول في هذا المُعترك المُلّوث ، والذي جعلت منه السلطة الغاشمة خطّاً أحمراً سوى لمن يقوم على مدحها وتمجيدها أو السير في ركابها ، ومع ذلك لم تسلم النساء من المُسائلة عند البوابات الأمنية عند عودتهن إلى أرض الوطن ، بينما السيدة أسماء الأخرس التي انتسبت إلى عائلة زوجها المُتسلط ، والتي أُزيلت عنها كُنيتها "بحسب البرستيج "يحقّ لها مالا يحقُّ للآخرين من أن تسرح وتمرح كيفما تشاء ، وتُصرح بما تشاء فتدّعي حيناً أنّ سورية في ظلّ عهد زوجها تسودها حالة خاصة من رياح التغيير ، الذي تعتبره نموذجاً مثالياً وناتجاً عن التجربة المحلية وتجارب الآخرين ، لذا فهي تعتبر اختيار دمشق عاصمة الثقافة العربية لهذا العام مفخرة بينما تغض الطرف عمّا يجري داخلها من انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وقتل لكل معاني الثقافة ومن مُلاحقة المُثقفين ، وقتل كل ماهو تاريخي وحاضر ومُستقبل ، وهي تدّعي في نفس الوقت أنّ العلاقة مابين الوطن والأُمومة في أوثق معانيها في مناسبة عيد الأُم ، بينما عشرات الآلاف من المفقودين السورين داخل السجون والملايين من المنفيين قسراً خارج الحدود يفتقدون إلى أبسط المعاني لما تدعو إليه تلك المواطنة التي قالت إنّ الوطن والأُم معنيان مُقدّسان لأن كلاهما واحد ، ولكن بكل أسف في ظُلِّ سلطة زوجها وأبيه فقد المواطن كل هذه المعاني ، وصار كاليتيم على مائدة اللئام ، ليس له أباً أو أمّاً أو وطناً أو مأوىً أو حضن يلجأ إليه ، لا بل صار المواطن هدفاً لتصفيته عند أيّ تذمّر منه أو أيّ احتجاج له كما حصل في مذبحة القامشلي ، في عيد نيروزهم الذي يعني اليوم الجديد والحرّية والخلاص من الظلم والاستبداد )
نعم ياسيدتي قد قُتل ظُلما ثلاثةٌ من السوريين الأكراد وجُرح وأعتقل العشرات في عيدهم الوطني الذي يعتزون به ويتبادلون فيه التبريكات كونه يرمز إلى تخلّصهم من أعتى نظام عرفه التاريخ الإنساني ، وها هم اليوم يُسامون سوء العذاب والقتل لمجرد احتفالهم بهذه المناسبة ، ليُضاف الضحايا إلى أعداد المسحوقين والمُعذبين والمقموعين ، ولتدخل سورية في قائمة غينيس في عدد الأُمهات المفجوعات والزوجات المُرمّلات والأبناء المُيتمين ، وفي قائمة الأرقام الخيالية لعدد المسجونين والمُغيبين والشُهداء ، فياحبذا لو تكرمت هذه السيدة التي أُطلق عليها لقب الأولى ، لو تسأل زوجها قبل أن تقوم على تكريم سبعين أُمّاً ..عن مئات الآلاف من الأُمهات اللاتي ينتظرن عودة أبناءهن من المنافي ومن هم وراء القضبان منذ عقود ، وماذا عساها أن تقول لكل هؤلاء النسوة ، اللاتي يرَين بأن التكريم الحقيقي لهنّ أو للأم هو بإزالة الحواجز لالتقائهم بفلذات أكبادهن وأزواجهن وآبائهن دون عوائق للاطمئنان عليهم وبعث الطمأنينة لنفوسهن ، ووقف إراقة الدماء الطاهرة والبريئة كما حصل في القامشلي ، تماماً كما تسألني زوجتي في بعض الأحيان عن سبب إبعادنا عن أرضنا وديارنا وأهلنا وأسباب ماجرى ويجري ، دون أن أجد المبررات اللازمة للإجابة عن كل ما تسأل ، سوى أن أضع لها بعض التساؤلات عساها أن تصل للإجابة من تلقاء نفسها ، لأنّ مُعظم الذين غادروا سورية قسراً أو هرباً من بطش النظام كانوا دون السنّ القانونية ، لا بل الأنكى من ذلك ، أنّ أبناء هؤلاء المُضطهدين يتعرضون للسجن والاعتقال والاستجواب والتحقيق والتعذيب وأسوأ المُعاملات عند رغبتهم بزيارة الوطن ، مع أنهم ولدوا خارج وطنهم ، ولا يعلمون أيّ شيء عمّا جرى في الماضي أو الحاضر
وتعليقاً على حديث السيدة أسماء عن تكامل دور الأب والأم في عملية التربية القويمة التي تُلبّي الحاجات الطبيعية للأبناء ، فإني اسألها بحق الله عن الذنب الذي ارتكبه السوريين الأكراد في عيدهم النيروزي حتّى يُقَتّلوا ويُضربوا ويُسحقوا ، وكذلك عن ذنب أحرار سورية ليكونوا في سجون زوجها ، وهل من حقّه أن يزجّ بهم وراء القضبان ليُبعدهم عن أُسرهم وأهاليهم وأبنائهم وفراشهم ودفئهم ، بينما كل الشرائع السماوية والأرضية أباحت لهم حق التفكير والانتقاد وإبداء الرأي وممارسة الأنشطة السياسية والإنسانية ، فهلاّ سألت زوجها مرّة عن سبب ذلك ونصحته من باب مصلحته بالكفّ عن ذلك واضطهاد المواطنين ، كون الباطل قد يجول ساعة ، ولكن الحق جولاته إلى قيام الساعة ، والظلم مصيره إلى زوال وسوء المصير والعاقبة لمن لا يرجع عن غيّة وطغيانه كما شاهدنا دكتاتوريات مثله وأعظم سُحقت ساعة انتفاضة الجماهير التي لم تنفع الطُغاة معها دبّاباتهم ولا أسلحتهم أو أي عتاد
وأخيراً أقول : بأنّ زوجتي مُدرسة قديرة منذ ان كانت في سورية أواخر الثمانينيات ، وخرّجت أجيالاً وأجيالاً من النشىء الطيب سواءاً في سورية أو في اليمن ، ولم تُمنح أيّ جائزة من أي مركز دراسي سوري أو عربي ، سوى جوائز تقديرية تعتزّ بها من وزارة التربية في اليمن ، بينما السيدة أسماء ولكونها زوجة الرئيس السوري المُغتصب للسلطة تُرَشح لنيل جائزة السيدة العربية الأُولى لعام 2008 على مستوى الوطن العربي في دعم قضايا التنمية الإنسانية ، بينما هي بالفعل لم تفعل أيّ شيء نحو القضايا الإنسانية للمواطن السوري وتخليصه من مُعاناته وفقره واضطهاده والظلم الواقع عليه لتُكرّم بمثل هذه الألقاب ؟ أليس في ذلك إجحاف لذوي الحقوق ونفاق لذوي النفوذ ؟ وأليس الأفضل على السيدة أسماء أن ترفض مثل هذه الألقاب الوهمية المُزيفة والكاذبة، لتتبنى عملاً إنسانياً حقيقياً يلتفّ وراءه قلوب وأفئدة الملايين من الشعب السوري بل والعالم اجمع ، فيما لو أقنعت زوجها بالكف عن مُلاحقة الأحرار ، والإفراج عن مُعتقلي الرأي والفكر والسياسة ، ودعوة الملايين المنفية للعودة إلى بلادهم وإطلاق الحريات ، ووقف نزيف الدماء، ودعوة الفعاليات الوطنية للتحولق حول طاولة الحوار لإخراج الوطن من محنته وعزلته لكي يستطيع المواطن أن يعيش إذا ماتفتحت له الأبواب ، وعوقب المُفسدون ، وعلت رايات التفاهمات والتسابق لدفع البلد بالاتجاه الصحيح ، على كل حال لازال الطريق أمامها مُعبّدٌ لتحقق أسمى الطموحات لو استطاعت أن تلعب دور الناصح الأمين ، لتكون فيما بعد ذات مكانة عند الناس ، ويذكرها الناس كما يذكرون شجرة الدر وغيرها ممن كانوا خير مُعين لأزواجهن، وليسوا كأمّ لهب حمّالة الحطب