خطاب مفتوح للسيّد أوباما

د. جبر خضير البيتاوي

خطاب مفتوح للسيّد أوباما

حول علاقة العالم الإسلامي مع أمريكا

د. جبر خضير البيتاوي

[email protected]

[email protected]

أ. مساعد في قسم اللغة العربية/ كلية الآداب

جامعة النجاح الوطنية

أوجّه هذا الخطاب للسيّد باراك حسين أوباما، بصفته رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة، التي تملك حالياً قواعد احتلال عسكري في أكثر من مائة وأربعين دولة في أنحاء المعمورة. سواء أكان ذلك برضى تلك الدّول، أو غصباً عنها.

 فأنا مسلم وعربي وفلسطيني، أعيش على أرض فلسطين التّاريخ والحضارة، وفي قلب العالم الإسلامي، حيث أرض الإسراء والمعراج، وأرض الرسل والأنبياء، وأرض المعجزات والكرامات، احتلها الإسرائيليون منذ ستّين سنة، بفعل الدّعم الأمريكي لهذا الاحتلال الغاشم، وعلى الأصعدة المادّية والعسكرّية والسياسيّة كافّة.

فكيف تتوقّع منّا نحن شعب فلسطين، ومعهم العرب والمسلمون، أن يتفاعلوا مع دعوتك الجديدة التي أطلقتها من القاهرة، والتي سمّيتها المصالحة والمشاركة وفتح صفحة جديدة بين أمريكا والعالم الإسلامي، وهو لا يزال يعاني من المذابح والمجازر والجرائم والتّشريد والحصار وقتل الإنسان والشّجر والحجر. وحتى هذه المجازر والجرائم لم يسلم منها المتضامنون المسالمون الذين ركبوا البحر في أسطول سفينة حرية غزة وفلسطين. وهم يحملون مساعدات إنسانية لأهل غزة المحاصرة.

كما أنّ أقطار العرب والمسلمين لا زالت ترزخ تحت الاحتلال الأمريكي الظالم المباشر في العراق وأفغانستان، وغير المباشر في غيرها.

بل كيف يصدّق العالم الإسلامي هذه الدعوة المغلوطة عن المصالحة، وهو يرى حاله يعيش البؤس والشقاء والقهر والإذلال في حياته الخاصة والعامّة؟

ويفتقد أبسط حقوقه الإنسانيّة، ويحيا تحت سياط جلّادين يقدّسقون الغرباء المحتلين، ويتواطؤون معهم، وفي المقابل يرى نفسه يعيش في ظل أنظمة مستبدة، فشلت في كل الأصعدة العسكريّة والسياسيّة والاقتصاديّة، مع كل ما تملكه الأمة من مخزون هائل من الثّروات الطبيعيّة والموقع الاستراتيجي المميز، والتّاريخ الحضاري العريق، وأصبحت معظم هذه الأنظمة تعيش خارج سياق الزمان والمكان والأحداث.

إذا أردت المصالحة الحقيقيّة فعليك أولاً أن تطبّق شعارك الانتخابي، الذي فزت بسببه، وهو التّغيير، وأمريكا هي بلادنا لا بلدان العالم، فتسحب القوات الأمريكيّة من العراق وأفغانستان، وكلّ القواعد العسكريّة الأمريكيّة المحتلة.

وأن تعيد أمريكا وأوروبا الأموال المسروقة من أمّة العرب والمسلمين، والمكدّسة في بنوكها، والتي تقدّر بعشرات المليارات، والتي جعلت شعوبها مستضعفة وفقيرة ومعوزة، بفعل تعاون المفسدين معكم.

كذلك عليها إعادة الحقوق المشروعة للشّعب الفلسطيني، الرازخ تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض، والذي لم يشهد التّاريخ البشري له مثيلاً من العدوان والظّلم والعنصريّة.

وتكون المصالحة حقيقية، عندما تدرك أنت وغيرك من الغربيين العقلاء أنّ منهج العلاقة التي يجب أن تسود بين المسلمين والغرب علاقة الأسياد بالأسياد، لا علاقة العبيد بالأسياد.

         وأخيراً فعلى الجميع أن يدرك أنّ أمّة العرب والإسلام مصممة على دحر الغزاة والمحتلين الجدد، الأباعد والأقارب بكلّ الطرق المشروعة. وكما دحرت أمتنا المستعمرين من الفرنجة الصليبيين والتتار وغيرهما على مدى التاريخ، فهي أكثر تصميماً اليوم على إعادة حقوقها المغتصبة والمسلوبة.

وهي تعمل جاهدة على إيقاظ شعلة الإسلام من جديد؛ لتعيد الحرية والعدالة والمساواة لجميع البشر والمستمدة من الله بعد أن فشلت أنظمة الغرب الأمريكي في ذلك. ففجر أمة العرب والإسلام لاح في الآفاق يحمل بذور الخير والنور والسلام.