فتوى على حسب التفصيل

تركي الدخيل

صحيفة الوطن السعودية

يمكن اعتبار التصريح الأخير لمفتي سوريا الشيخ أحمد حسون نكتة الأسبوع بامتياز!
فقد أعلن المفتي العام لسوريا أن حضور القمة العربية في دمشق "فرض عين على كل حاكم عربي"، معتبراً من "يتخلف عن القمة بدون عذر صحي فهو آثم"، مشددا على أنه لا عذر سياسيا لأي حاكم أن يتخلف عن قمة دمشق!
لا أدري لماذا يقحم بعض المفتين أنفسهم في شأن ليس لهم علاقة به؟!
فمنذ متى وسماحة مفتي سوريا يبدي آراءً في شأن سياسي؟!
ومنذ متى والدولة في سوريا تصدر في رأيها عن الفتاوى؟!
ومنذ متى يحتاج السياسيون وبخاصة في دمشق إلى الفتوى قبل أن يبدؤوا مشروعاً أو يعيدوه؟!
لقد تفضل المفتي فبين أن قمة دمشق تأتي في مرحلة استثنائية من تاريخ أمتنا، وإذ نثني على قوله، فإننا نتساءل: متى خرجنا من هذه الاستثنائية؟! إننا من منعطف خطير إلى منعطف أخطر، ومن مرحلة حرجة إلى مرحلة أحرج، فما الذي تغير سوى أن القمة في دمشق؟!
ثم ألا يمر لبنان بأزمة حقيقية تتمثل بعدم اختيار رئيس له على مدى أشهر؟! فهل يجوز يا سماحة المفتي أن يتحرك سياسيو دمشق لتعطيل اختيار رئيس في لبنان، حتى يبقى هذا البلد يعاني فراغاً وقلقاً فيبدو للجميع أنه لا صلاح لأمر لبنان إلا بسوريا؟!
هلاّ أسمعتنا أيها المفتي الجليل رأياً ولو كان خافتاً فيما يتعلق بوضع يد الساسة في دمشق على الوضع السياسي في لبنان؟!
إن خوض علماء الدين في مسائل السياسة، وبخاصة عندما يبدو واضحاً للعيان أن هذا الحديث يأتي في إطار حملة دعائية منظمة، هو ولوغ فيما لا يليق، فهل لو غيّر الحاكم رأيه في موضوع القمة سمعنا هذه المداخلة، وهذه الفتوى، واعتبار الحاكم الذي لا يحضر آثماً، إلا إن كان لديه مانع صحي؟!
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولو عظموه في النفوس لعُظما!