عالم ما بعد الملحمة الغزية
ورياح التغييرات القادمة(1)
م. الطيب بيتي العلوي
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
[email protected]
"
لم أشهد في حياتي جيشا أكثر ديموقراطية...!أو
جنوداً يحاسبون أنفسهم أخلاقيا في العالم مثل الجيش الإسرائيلي !...إن
هناك شيئا حيويا غير معهود في الديموقراطية الإسرائيلية... !
وإن "الصهيونية"هو المذهب الوحيد في القرن العشرين الذي لم يتعرض"للمسخرة"أوالمسخ !،فقد
تم القضاء على النازية،وانحلت الشيوعية، وخلدت الصهيونية "
من
محاضرة ألقاها "بيرنارهنري ليفي"الفيلسوف اليهودي الفرنسي الصهيوني، في السفارة
الفرنسية بتل أبيب،عشية الهجمة البربرية على باخرة الحرية التركية يوم30-05- ،2010
حيث كانت تيمائية المحاضرة"الديموقراطية والتحد " نظمتها
جريدة معاريف الإسرائلية والخارجية الفرنسية
لاريب في أن الإندحار الصهيوني في حربه التدميرية على لبنان
عام
2006،كان مرحلة مفصلية في الفكر(السياسي-الإستراتيجي-الحربي
الإسرائيلي–الأمريكي-الأوروبي) الجديد،والتي كانت من أكبر الحوافز للتفكير في
الحملة العقابية على غزة، ...والتخطيط الجاد"لشرعنة"و"عقلنة" وتبريرحرب كونية
جديدةمقبلة،بدعوى التهديد النووي الإيراني، والإرهاب الإسلامي وخطر امتداد تنامي
محور مقاومة المشروع الغربي في المنطقة على السلم العالمي،- وإن كان بعض الخبراء
يقللون من أهمية هذا الطرح،ويعزون حصار غزة والهجمة على الباخرة التركية إلى الرغبة
في الإستفراد بالمياه الإقليمية المشاطئة لغزة ولبنان، لتواجد كميات هائلة من
الغازالطبيعي في المنطقة،والتي هي من أهداف وأطماع الكيان الإسرائيلي مع شركتي:company
British Gas و
BG Group
-...، مع أن هذاالطرح يختزل الأزمة الوجودية للكيان الصيهيوني، إلى مجرد هواجس
إستراتيجية واقتصادية،ويبعد الأنظارعن لب المعضلة الصهيونية،التي تُشتم روائح
نثانتها عن بعد،علىغرارالمحرقة الألمانية التي أدت الى قيام الحرب العالمية الثانية
في ثلاثينات القرن الماضي ،وكان للمنظمات اليهودية الصهيونية الدورالأساسي في
التأسيس والتخطيط للمحرقة اليهودية: فكرةً وتنظيراً وإنجازاً، قصد التبرير
للمطالبة بوطن بديل لليهود الأوروبيين،عبر المتاجرة بالمحرقة، بالضغوط والمساومات
والابتزازت الدنيئةعلى الحكومات الغربية والمجتمع الدولي، بأحط أساليب التزوير
والتلفيق للوثائق وللاحداث التاريخية...
وحتى لا تموت الذاكرة الفلسطينية والعربية والإسلامية في خضم تسارع الأحداث
ومفاجئاتها، وتاثيراتها السيكولوجية السلبية على العقول والوجدان، وتناسي الأهم
والأولويات والتيه والضياع في مهاوي الانفعالات والجزئيات،فعلينا ألا ننسى ما يلي :
-
لقد كانت محرقة غزة"عام 2010 محرقة القرن بامتياز،التي فاقت محرقة النازية
الألمانية ضد يهودها،حيث كان"الهولوكوست"يمثل عنصرية حزب فاشي ألماني انتخب
ديموقراطيا، وبموافقة الأمة الأوروبية"المتنورة والحداثية"... ضد عنصرإثني ألماني
آخر،هو (يهود الألمان)
-ماكان لهذه الدول الدولية الديموقرطية(حتى النخاع)،أن تحارب النازية
الألمانية،أوالفاشية الإيطالية، لولم تتماس مصالحها مع تطلعات التحالف المشترك
"للفوهررالالماني والدوتشي الإيطالي للسيطرة على قدر ومصيرأوروبا بأسرها،مهما أُحرق
من اليهود..أو ُهلك من الشعوب
-لقد كانت محرقةغزةهي: "الهولوكست الدولي"بامتيازعلى شريحة فلسطينية عزلاء،شارك
فيها "المجتمع الدولي"بمباركة مجموعة بروكسل (لوجيستيا ومعنويا) قبيل الهجمة، وبدعم
سياسي بعيدها وبصمت أوباما "الإنسانوي المشبوه"بمجرد تسلمه لمفاتيح البيت
الأبيض،وبالتفرج المخزي للأمم المتحدة ولمجلس أمنها ومنظماتها الحكومية وغير
الحكومية،وبالدعم الخسيس المادي و"الروحي" من طرف الغباء والبغاء السياسيين"
للصهينة القرشية العربية الجديدة المعتدلة"
للاطاحة برؤوس المقاومة الباسلة الأسطورية أثناء المحرقة،
-ما
كانت الحرب العالمية أن يشتعل أوارها،لولم تكن هذه الحرب هدف هتلرالمنشود،التي خطط
لها قبل تسلمه السلطات،فيزج بالشعب الألماني ليحقق حلمه الجنوني في معاقبة الأمم
التي وقعت"معاهدة فرساي"1919 ضد ألمانيا،وأن يركًع قوادها وساساتها، رأسماليون
كانواأم شيوعيون،تحت اقدام "الصفوة الجرمانية والاعتراف بالنقاء الآري"من
موسكوالشيوعية إلى لندن الرأسمالية، مستعينا بالدعم المالي والمعنوي والبترول
للولايات المتحدة،التي لم تتردد في إيصال الجنرالات النازيين الألمانيين والفاشيين
الإيطاليين إلى السلطة، والتحالف الوثيق معهم ،حيث كانت الخرجية الامريكية،زمنها
منذ اوائل العشرينات،الى اواخر الثلاثينات، تعقد الآمال على"الجناح المعتدل للحزب
النازي الذي يعتمد على كل الناس المتحضرين والعقلاء"كما كتب القائم بأعمال أمريكا
في برلين عام 1933 ... فانظر!!!
ثم كان ما كان من المدد المادي ... حيث انه ما كان للطائرات والدبابات والغواصات
الألمانية أن تنتشرعلى جناحي اورروبا ارغربية من لندن الى شرقها (موسكو) لولم تزود
المانيا بكل قطرة من البيترول المحمل من أمريكا.إلى أن كانت مهزلة حادثة مهاجمة
دول لمحور(المانيا ايطاليا اليابان)لأمريكا في (بيرل هاربور) التي حولت الصراع
نهائيا
وكأن التاريخ هنا يعيد نفسه....:
-
فسيناريو الثلاثينات هو نفس سيناريو 2010
أولا:فقد كان هناك بالأمس القريب رجل معتوه اسمه اودولف هتلر،الذي فاق نيرون
الرومان جنوناحين أحرق روما لمجرد متعة الفرجة السادية والتلذذبشم رائحة شوي أجساد
البشر الحية لسكان روما.
غيرأن هتلرهو وليد حضارة الأنوارالألمانية في القرن العشرين ... ولم تكن لخلفيات
هذا الرجل الفكرية والإيديولوجية والعقدية،سوىعقلية عسكرية مقاتلة،و تنظغير مهترء
لخليط (لاعقلاني) من النتشية(السوبرمانية) والإشتراكية الطوباوية، والتفوقية
الثينية-الرومانية،..ومسيحية مزورة
وهاهنا اليوم رجل أكثر خبلا وشذوذا،اسمه "ناتانياهو"الذي قزم كل معتوهي حكام
التاريخ البشري شرقا وغربا بفاشيته وساديته وعنصريته وهامويته لامتصاص الدماء وحرق
البشر وابادة الاغيار ورغبته في الزج بسائر الانام في حرب لن تبقي ولن تدر.ولا
يبالي !!!لا
يتملك هذا الرجل بدوره،مثل هتلر،في رصيده(الثقافي- الفكري-لايديولوجي-العقدي)
سوىنبوؤات الخرافات (الماروراء-قبرية) لسجع كهان التلمودية الغابرة، ومشروع تهويد
الكيان الصهيوني بالكامل، وذاك ما لم يحلم به حتى "هرتزل"المؤسس الروحي للكيان
الصهيوني،الذي كان لا يعرف كلمة واحدة بالعبرية،أويؤمن بالتوراة أوموسى(ع)،اوأي
إلمام بالتلمودية، أوالقبالة، سوي ما يمتلكه اليهود جملة من بائع الخردوات الى
المصرفي والمثقف من:"عقلية متحجرة ،مخادعة، مدلسة، لعوبة، محقرة، متعالية، مهاجمة،
وتجارية"حسب توصيف "فرويد اليهودي" نفسه لليهود
ثانيا:رأس الحربة في مشروع ناتانياهويتمحورحول : إثارة واستفزاز المسلمين والعرب
ومسيحيي الأرض وشرفاء البشرية المتبقين من اللادينيين، بتدميرالمسجد الأقصى، ومحو
معالم مدينة القدس الاثرية، ورموزها الدينية (الإسلامية والمسيحية) لإعادتها إلى
مرحلة"أورشاليم التوراتية،إبنة روما الخالدة"حسب تعبير"لاتوش" نكاية وتحقيرا
لديانات "القردة والخنازيروأبالسة البشر من غير شعب الله المختار"...
وهنا ياتي التساؤل الملغوز: هل هي حماقة وغباء سياسي اسرائيلي؟ ...
أم
هو مخطط مدروس لإيصال البشرية إلى تنفيذ ما يخفيه المشروع الخفي"للحكومة الخفية"في
إنجاز هولوكست جماعي للبشرية،عبر المشروع "لأابارتايد العالمي الغربي" الجديد بما
يسمى ب"المالتوزية الحربية"و"المالتوزية الطبيعية"الكارثية، التي تأتي مباشرة عقب
الحروب الكبرى، بغية انقراض المتبقين الناجين،عن طريق الأمراض والأبئة والمجاعات
والإقتتلات الإثنية والطائفية الداخلية، في كل مناطق الجنوب المفقًر والمجوًع ،حيث
يتبدىلنا هنا ذلك الوجه البشع الخفي "للوعي الحضاري الغربي" كما فصل فيه كبير
الانثروبولوجيين والدبلوماسي الفرنسي السابق ""روفان" في كتابه القيم
L’empire et les nouveaux
barbares –(J.C)RUFFIN
الامبراطورية والبراربرة الجدد
ثالثا: الأداتان التنفيذيان للمشروع (الأبارتايدي-المالتوزي) الكوني الجديد هما:ا(ناتانياهو-أوباما)
حيث يهدف هذا المشروع إلى إشعال حرب كونية جديدة، باختلاق الأزمات والتوترات
الإقليمية والدولية،لكي تبدو الحرب الشاملة القادمة، وكأنها مجرد حرب لضمان أمن "اسرائيل"
للدفاع عن نفسه ضد البربرية الجماعية، للتوليفة الهمجية الشرقية الجديدة":حزب الله
حماس،ايران سوريا تركيا بعدان قضى الأحطبوط (التلمودي-البروتستانتي-الماسوني) على
بلاد الرافدين وجوهرة المشرق العربي ارلاسلامي"العراق" وتحييد بلاد الكنانة وقبلة
العرب والمسلمين والأفارقة ودول عدم الإنحياز في الزمن الناصري،لزج الغرب(الأم
الرؤوم للكيان الصهيوني) والولايات المتحدة بقيادة رئيسها الجديد الذي لا لون له
ولا طعم ولا مبدأولاعقيدة سوى لون الدولار الأخضر(In
God we trust)
وما يحمله من رموز(ماسونية-تلمودية)عميقة وثقيلة ومعبرة،هذا الرجل الذي لاتحركه سوى
نزعات :الوصولية والنجومية والنرجسية ،والحلم بتحقيق"أن يصبح "روزفلت الأسود"الذي
قررمصيرعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية ،بإكراه "دوغول" الفرنسي وستالين
السوفياتي في مؤتمر يالطا"على قبول إسرائيل و"أمركة العالم" وهو ما يحلم بإنجازه
اليوم أوباما، بالضغوط على المنافسين القويين: روسيا والصين ،باغرائهما باقتسام
الكعكعة، بالإنضمام الى معسكر(ناتانياهو-أوباما) ،ديدنه في ذلك شعاره الهيستيري
الشهير:"yes i can "
حيث يردد من وراءه الشعب لامريكي المسكين بحبور جنوني "yes
we can
ولقد أسست هذه العوامل المذكورة كلها متظافرة ومتفاعلة ومتداخلة لعالم ما بعد غزة"
التي أفرزت ما يلي:
ارهاصات فلسطينية جديدة-ايجابية-التي أبانت عن حقائق كشفت عن قيادات فلسطينية
مشبوهة تسعى للترقية الى الى ملوكية اكثر من الملوك،و تصهينا أكثرمن الصهاينة
والصهيونية،حيث لن يتبق من هذه الخلافات الفلسطينية
/الفلسطينية
سوى شنشنات سرعان ما ستنمحي كما ينمحي الملح في الماء، عند تجلية المخفيات،وعندما
سيعي شرفاء المقاومين الفلسطينيين بكل أطيافهم السياسية كيفية تحديد أولوياتهم
،وتحديد من وهوعدوهم الأول والأخير(حسب تعبير الجنرال دوغول) مما سيأثر –إيجابا-على
المعطيات الجديدة في( الفكر السياسي الاقليمي والغربي )تجاه قضية الشرق الأوسط
عموما والصراع العربي –الإسرائيلي(وان كان الاحوط اليوم تسميته بالصراع الصهيوني
الاسلامي باعتبار الوزن الثقيل لكل من إبران وتركيا في ميدان الصراع الجديد)
والتي ستؤسس بدورها للمزيد من سلسة الأخطاء الغربية الشنيعة المتكررة ،والإصرارعلى
البغاء السياسي للإعتدال العربي"على قاعدة سيد الفكر االغربي "روني غينون" ان
الغرب كلما تحرك الا وخلف وراءة كوارث إنسانية غبية لا تغتفر"
-