رد الاعتبار لعملية الحسم العسكري في غزة
رد الاعتبار لعملية الحسم العسكري في غزة
أ.د. محمد اسحق الريفي
لا بد
من رد الاعتبار لعملية الحسم العسكري التي
خاضتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة لمواجهة الانقلاب العسكري الذي كشفت
مجلة
"فانيتي فير" الأمريكية عن وثائق سرية تؤكد تورط واشنطن وتل أبيب وحركة فتح
فيه،
والذي كان يهدف إلى القضاء على حركة حماس وإسقاط الحكومة التي
تتولاها.
وفي
الحقيقة، لا يحتاج المرء المتتبع للأحداث التي أعقبت وصول حركة
حماس
إلى الحكم والسلطة سوى قليل من الإنصاف والموضوعية، وربما كثير من الشجاعة،
حتى
يدرك أن عملية الحسم العسكري هي مقاومة مشروعة ضد العدو الصهيوني والأمريكي
وعملائهما، ولا سيما من عاش فصول هذه الأحداث المؤلمة في غزة وعانى من مرارة
الفلتان الأمني الذي كانت ترعاه عصابات الإجرام وفرق الموت التابعة لحركة
فتح.
ولا
يماري في حقيقة تلك الأحداث إلا جاهل أو متحامل على حركة حماس
ومشارك في جريمة الانقلاب على شرعيتها خدمة للأمريكيين والصهاينة، الذين أدركوا
أنهم
وقعوا في مأزق كبير بعد الفوز الساحق الذي حققته حركة حماس في الانتخابات
التشريعية قبل نحو عامين، وبعد أن ثبت لديهم أن حركة حماس عصية على الترويض
والاحتواء والانكسار.
ولقد
شارك في الهجوم على حركة حماس تيار من المحرضين
الذين
وقفوا في معاداتهم لحركة حماس وتحريضهم ضدها خلف ما سمَّوه "الانقلاب على
الشرعية"، رغم ما تنطوي عليه هذه التسمية من تناقض واضح وما تتضمنه من قلب للحقائق
وإساءة بالغة إلى مسيرة جهاد الشعب الفلسطيني.
وقد
ضم تيار المحرضين سياسيين
مرتزقة وكتَّاباً مأجورين وطابوراً خامساً للأمريكيين والصهاينة، وضم أعداء للنهج
الذي
تسير وفقه حركة حماس لمواجهة العدو الصهيوني، وهو نهج مقاوم لا يقبله أصحاب
ثقافة
الهزيمة والاستسلام الذين لا يعرفون للعزة معنى ولا للكرامة قيمة ولا يحكمون
على
الأمور إلا وفق معايير سقيمة خرقاء غريبة عن ثقافة شعبنا وعرفه.
ولم
يكن
يملك
هذا التيار التحريضي ما يواجه به حركة حماس سوى الدعاية المضادة، التي تعتمد
على
الطعن في الحركة وتشويه صورتها وافتراء الكذب عليها ونشر الشائعات الكاذبة
ضدها،
وقد وجد هؤلاء المحرضون في عملية الحسم فرصة سانحة لهم لسلق حركة حماس
بألسنتهم الكاذبة وطعنها في الظهر بأقلامهم المسمومة.
ولا
شك أنه لو خلا
قاموس
هؤلاء المحرضين من كلمة "الانقلاب" لما وجودا من الكلام ما يسعفهم في حربهم
الجائرة على حركة حماس، ولما وجدوا ما يضللون به العرب والمسلمين، ولما استطاعت
أقلامهم المسمومة أن تجد ما تخدم به مصالحهم الشخصية المقيتة وأغراضهم الحزبية
الضيقة على حساب الشعب الفلسطيني ومسيرة جهاده ومصالحه وتضحياته.
إن
القيمة
الحقيقية لنشر هذه المجلة الأمريكية وثائق رسمية تؤكد تورط مثلث الشر في الانقلاب
على
حركة حماس والحكومة الشرعية تكمن – إذا ما أحسن توظيفها والاستفادة منها – في
أنها
ستؤكد براءة حركة حماس من تهمة كاذبة ألصقها بها أعداء للشعب الفلسطيني من
المرتزقة والعملاء والمرجفين والمحرضين والمثبطين وأعداء ثقافة الجهاد
والمقاومة.
كما
تكمن قيمة تلك الوثائق في أنها ستزيد من شعبية حركة حماس في
المجتمعات العربية والإسلامية، إلى حد يجعل الشعوب العربية والإسلامية تتعاطى
بإيجابية وفعالية مع القضية الفلسطينية، وإلى حد يحثهم على تقديم الدعم المادي
والمعنوي للمقاومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس، خاصة بعد أن اتضحت لهم حقيقة
الأمور فيما يتعلق بالحسم العسكري.
كما
أن هذه الوثائق ستساهم في فضح خيانة
التيار الانقلابي الذي قاده دحلان لإشعال حرب أهلية شرسة لا تخدم سوى النظام
الصهيوني والإدارة الأمريكية، إضافة إلى أنها ستظهر مدى بشاعة الصورة الأمريكية
الحقيقية ومدى قذارة الدور الأمريكي في اضطهاد الشعوب ودعم القمع والاستبداد، ويأتي
هذا
الدور في سياق نشر "الفوضى الخلاقة" الهدامة في منطقتنا لتمكين الولايات
المتحدة الأمريكية من الهيمنة عليها بعد كسر شوكة المقاومة والممانعة
ضدها.
وثمة
كلمة لا بد من توجيهها لبعض الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية
التي
وقفت على الحياد فيما يتعلق بعملية الحسم العسكري ضد الانقلابيين والمنفلتين
وفرقة
الموت وعصابات الإجرام، إذ كيف عجزت هذه الفصائل والقوى عن إدراك حقيقة
الأحداث التي سبقت الحسم العسكري رغم أنها عاشتها لحظة بلحظة واكتوت بنارها وشاركت
أكثر
من مرة في وأد الفتنة وسد الطريق على الانقلابيين وإلجامهم ووقفهم عند
حدهم..؟!!
لقد
آن الأوان لرد الاعتبار لعملية الحسم العسكري في غزة، هذه
العملية التي أدت إلى إجهاض مؤامرة كادت أن تهلك أهل غزة وتذهب بمسيرة جهاد الشعب
الفلسطيني أدراج الرياح. لقد استحقت حركة حماس بإحباطها للمؤامرة الصهيوأمريكية
التي
تولى تنفيذها دحلان تأييد العرب والمسلمين والشعب الفلسطيني ودعمهم وانحيازهم
إلى
صف المقاومة والممانعة ضد تيار من استزلهم الأمريكيون والصهاينة فسعوا إلى
إذلال
الشعب الفلسطيني المصابر والمرابط.
ولقد
آن الأوان لفهم حقيقة ما يسمى "الانقسام
الفلسطيني" الذي تتخذه نسبة كبيرة من أبناء العروبة والإسلام ذريعة
لتنصلها من مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، فهناك على الساحة
الفلسطينية تياران اثنان، أحدهما تيار متصهين يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر
الزج
بالشعب الفلسطيني في أتون حرب أهلية شريرة، وثانيهما تيار يقاوم العدوين
الصهيوني والأمريكي وعملائهما، فاربأ بنفسك أيها العربي والمسلم أن تخذل تيار
المقاومة، فعدم انحيازك لهذا التيار هو دعم لتيار الخيانة والخزي والعار.
منتديات واتا الحضارية.