انتخابات المحليات ونيرانها
انتخابات المحليات ونيرانها
المحامي: إسماعيل تركي
فتح نظام الحكم باب الترشيح لانتخابات المحليات وحدد لها يوم 8 أبريل لإجرائها، وتسابقت الأحزاب والقوى السياسية للدخول في معمعة هذه الانتخابات، وبدأ الإخوان باعتبارهم أهم وأقوى فصيل في المعارضة في تلقي الضربات بعد أن أعلنت دخولها الانتخابات من النظام والتي بدأت بحبس أعضاء الجماعة المتوقع أن يكون لهم دور في تلك الانتخابات وطبقا للخبرات والشواهد فإن النظام في المرحلة الأولى سيولي الضغط على الإخوان بالاعتقال والحبس والمنع من الترشيح ومن يستطع تفادي كل العقبات السابقة فسيتم حصاره طول فترة الدعاية الانتخابية والتزوير ضدهم أثناء إجراء الانتخابات.
أما أحزاب المعارضة فسيكتفي النظام الحاكم بالتزوير ضدها في مرحلة إجراء الانتخابات لاسيما العناصر المشاكسة من هذه الأحزاب مع السماح بعقد صفقات مع لعض الأحزاب المستأنسة لنجاح بعض عناصرها هنا وهناك.
وأرى أن التعامل في معارضة النظام بدخول الانتخابات وكشف تزويره ومعارضته في الصحف لا تصلح مع نظام الحكم في مصر لأن المعارضة بهذه الطريقة تصلح مع نظم الحكم التي تضع قواعد لتحكم اللعبة السياسية وتحترمها ومهما كان تلاعب تلك النظم في القواعد الحاكمة للعمل السياسي والمعارضة فإنها في النهاية تطبقها وتحترمها أما في مصر فالسلطة لا تحترم تلك القواعد بل في كثيرا من الأحيان لا تحترم هذه القواعد حتى داخل نطاق التنظيم المساند للسلطة المسمى بالحزب الوطني.
ولذلك أرى أن دخول الانتخابات في هذه الأجواء وبهذه الطريقة هو تضييع للوقت والجهد ودلالة على عدم الاستفادة من الخبرات السابقة، فبعد صعود الإخوان والمعارضة في انتخابات 1987م عمل النظام للتضييق على الجميع في انتخابات الشورى عام 1989م لدرجة نجاح جميع مرشحي الحزب الوطني باستثناء الدكتور شريف عمر الذي أسقطه زكي بدر لأن الإخوان أعلنوا عدم ترشيح أحد أمامه، واستمرت الحملة من النظام والتضييق حتى انتخابات مجلس الشعب عام 1995م والتي لم ينجح فيها أحد إلا الأستاذ على فتح الباب بسبب اختلاف وزير الأوقاف مع مرشح العمال للحزب الوطني.
وامتدت الحملة لتطيل النقابات المهنية عن طريق وضعها تحت الحراسة لصعوبة تزوير الانتخابات فيها وهكذا يتم نفس السيناريو بعد النجاح الساحق الذي حققه الإخوان في انتخابات مجلس الشعب عام 2005م، فعمد النظام إلى تغيير الدستور حتى يتسنى له إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات لتسهيل عملية التزوير وهو ما تم في انتخابات مجلس الشورى الماضية.
أما الطريقة المثلى في التعامل مع تلك النظم فهي المقاومة وليست المعارضة فالمعارضة جزء من نظام الحكم وفي مصر حكم يدون نظام أو قوانين أي حكم مزاجي استبدادي أشبه بحكم المماليك فتصبح المعارضة في تلك الحالة ملها حيث تتقيد بالنظم والقوانين التي يصفها الحاكم في حين لا يتقيد المماليك الجدد وقائدهم بهذه النظم والقوانين حتى جاءت نتيجة المنافسة في غير صالحه ولذلك فالمقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة الحكام في تلك الحالة وهي حق مشروع تعطيه الأديان والمواثيق الدولية لمواجهة الاستبداد وتختلف المقاومة على المعارضة بأن المقاومة لا تلتزم بالقوانين التي يضعها الحاكم المستبد كما لا يلتزم هو بتلك القوانين التي يضعها إنما يكون التزام المقاومة بما يمكن تسميته بالقوانين الطبيعية والمقصود بها مقاطعة المستبدين ومن يساندهم من أصحاب المصالح والمنافقين اجتماعيا ثم فضحهم على رؤوس الأشهاد بأسمائهم وأفعالهم ومواجهتهم في المحافل المختلفة بأعمالهم ضد الشعوب وبعد لأن يتمايز الفريقين فريق الأقلية المستبدة ومن يعاونهم وفريق الأغلبية المقهورة يتم استخدام فعاليات أخرى منها الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات حتى تصل الأمة إلى إنزال هؤلاء من على كراسيهم بأيديها ومحاكمتهم.