تعالوا نستخلص العبر من العدوان على غزّة

تعالوا نستخلص العبر من العدوان على غزّة

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

رأينا كما رأى العالم اجمع همجية العدو الصهيوني على قطاع غزّة المُزدحم بالسكان ، الذي قُتل وجُرح فيه مئات الفلسطينيين الأبرياء من الشيوخ والنساء والأولاد بلا ذنب ولا جريرة ، سوى أنهم يُطالبون بحقوقهم والعيش بسلام وأمان ، شأنهم في ذلك شأن جميع شعوب العالم ، في عملية وحشية تُذكرني بصبرا وشاتيلا ودير ياسين والعدوان على لبنان من قِبل الإسرائيليين وتدمير حماة والمدن السورية وسحق أهلها وتدمير لبنان على يد الدكتاتور الأشهر حافظ وسحق القامشلي والبلدات السورية وقمع الناس وقتل رموز لبنان وزرع الرعب والموت في العراق على يد ابنه الدكتاتور بشار. قتلة مُجرمون بعضهم من بعض لا يعرفون إلا لغة الموت ،وغزّة اليوم التي تشهد هذا الهجوم البربري  وسط انقسام  الساحة الفلسطينية الداخلية ، مُستغلاً العدو الإسرائيلي ذلك لتعميق الجراح في أهلنا  الفلسطينيين وفصائلهم المُجاهدة ، المُنشغلة قياداتها بكل أسف في بعضها البعض ، فبينما الرئيس الفلسطيني عبّاس يسعى بالطرق الدبلوماسية لمنع الهجوم ، ويُلقي بالتصريحات هنا وهناك التي فُسّرت في غير محلّها كانت حماس المقاومة تستعد للمواجهة وتدعوا الشعوب العربية والإسلامية لإعانتها والوقوف معها، ولكن في الحقيقة لم يُحرك ذلك ساكناً ، إلا بعض التحركات السعودية الأردنية المصرية وجعجعات سورية بعد أن فرّقت الصف العربي وشتتت وحدته ومُزاودات إيرانية مع مليشياتها من حزب الله وغيرهم الذين أقاموا المهرجانات للبروزة وتلميع صورتهم الأكثر قُبحاً عن السابق ، وكانت النتيجة المزيد من الضحايا على الصعيد الفلسطيني

 وأنا هنا لست بصدد تخطيء فتح أو حماس فكلاهما له من التاريخ النضالي ما يجعلني أربأ بنفسي عن الدخول في توصيفهم ، ويكفيهم فخراً نضالهم وجهادهم على مدار خمسين عاماً دون أن تلين لهم عزيمة لنيلهم الحقوق كاملة ، ولكلا الطرفين مكانة خاصّة عندي ، ولكن ما وددت التطرق إليه في هذه الأسطر هو حالة الانقسام والانشقاق بين الأخوة التي لا يستفيد من وراءها إلا العدو ، ولو نظرنا إلى الخارطة السياسية بدّقة وإمعان إلى كلا الطرفين لوجدنا الفوارق بينهما ضئيلة ، ونُقاط الالتقاء أكثر من نقاط الافتراق ، فمطالب حماس الآنية هي حدود 1967 مع القدس ووقف اعتداءات إسرائيل على الفلسطينيين ، ومطالب فتح هي نفسها ، ولكن لكل طريقته في إرجاع هذا الحق وسياسة الأمور، وحماس تنظر إلى بعض الشخصيات الفلسطينية بريبة كبيرة ومن حقّها ذلك لأن قياداتها من توجه إليهم صواريخ ورصاص الغدر ، وربما العكس صحيح في نظرتهم إلى ما عند الآخر ممن يملكون الفكر المتشدد وغير ذلك ، وفصل غزّة عن الضفّة جاء نتيجة مخاوف من أشياء معروفة لا أُريد الخوض فيها ، وبالتالي إعادة اللُحمة الفلسطينية أمر وارد لو صدقت نوايا الطرفين ، بأن تجتمع الأطراف الفلسطينية في الداخل وحدها لتحلّ الإشكال ، دون الخضوع لأي تأثير خارجي ، واستبعاد العناصر الغير مرغوبة في أي ترتيب قادم ، حماية للمصلحة الوطنية الفلسطينية العليا، ولنا مثال على ذلك عندما ابعد الفاروق عمر بن الخطّاب خالد بن الوليد رضي الله عنهم عن قيادة المعارك كي لا يفتتن به الناس ، ومن باب أولى التفكير باستبعاد العناصر التي لاتلقى الاستحسان في كلا الطرفين لتصفية الأمور  

 وأنا بهذا الصدد  لي رأي أقوله باختصار، لأنني لا أُحب الفلسفة في مثل هذه الأمور ، أولاً لحماس مُستلهماً من قوله تعالى ، ( إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) وكذلك في التوجيه الربّاني في الحروب (إن يكن منكم مئة يغلبوا مئتين...) ولا شك أن الفلسطنيين أصحاب الأرض والتاريخ والجذور فلا يستطيع من أحدٍ منازعتهم في وجودهم وبقائهم واستقرارهم وأمنهم ومطالبهم المشروعة  ، ولكن الصحيح أيضاً لابدّ من النظر أيضا إلى الإمكانات المُتاحة لأي مواجهه وأبعادها ومداها ، واستغلال كل الفرص لمصلحة الشعب الفلسطيني ، واستخدام السلاح لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية ، وبالتالي أرى على الجميع إرسال رسائل التهدئة التي يفهم من وراءها العدو بإمكانية التفاهم مع هؤلاء إن تحققت رغباتهم ، في نفس الوقت التلويح إلى لغة الحق والقوّة في حال الرفض لتحقيق المطالب ، والعمل على رصّ الصفوف مع الآخر الفلسطيني لتكون الكلمة أقوى ، لعدم التفريط في الحقوق من قِبل أيّ جانب، ومهما يكن من أمر أو كلام فالجميع يعمل الآن وفق أسس أوسلو وما جاء من صياغات هزيلة  ، ولكن المطلوب الآن هو تحسين الشروط بعد التنازلات الكثيرة التي قُدّمت بسبب الاستفراد وإضعاف الآخر الذي لا يؤدي إلا للمزيد من النكبات لو استمرّ الحال على ماهو عليه ، وأيضاً لابدّ من النظر إلى بعيد للاستفادة من عرب الداخل والظروف والانقسامات السياسية الإسرائيلية لتحسين الشروط والمواقع إلى أن تتحقق كافة أُمنيات وأمال الشعب الفلسطيني

 وأخيراً لابُدّ أن أُشيد ببسالة الشعب الفلسطيني البطل وتصدّيه للعدوان ، وانتصاره العظيم على الأعداء، ولا بُدّ أيضاً من تعرية إسرائيل وكشف جرائمها بحق المدنيين الأمنيين ليس لذنب ارتكبوه سوى لأنهم يُطالبون بأبسط حُقوقهم بالعيش الكريم وتطبيق الاتفاقات والالتزام بما تمّ التعهد بتنفيذه ، ضاربين بعرض الحائط كل المساعي السياسية ، رافضين التخلي عن المواقع إلا بعد أن يُريقوا الدماء الإنسانية الطاهرة التي كفل لها الله سبحانه ، وكلّ القوانين الأرضية بالعيش الكريم  شأن الصهاينة في ذلك  شأن كُلّ طُغاة العالم ، الذين لايفهمون إلا لغة الدم والدمار