عزف حكومي على قيثارة بلا أوتار
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
بعد الزيارة التي قام بها حيدر العبادي لطهران وتلقيه التوجيهات من الولي الفقية وتعليقة عليها بأنه سيعمل بموجبها مطيعا صاغرا، وإشادة القيادة الإيرانية بمنجزات المالكي الكبيرة ـ بالطبع لأيران وليس للعراق ـ لأنه لا يوجد له منجز واحد غير الفساد وتفاقم الإرهاب وتسليم نصف العراق لداعش والنصف الآخر للميليشيات الشيعية، والوضع الأمني الذي كات يتشدق به يجيب عليه الوضع الحالي الذي وصلنا إليه.
مفاجأة العبادي للعراقيين كانت العزف على نفس الوتر الطائفي الذي كان يعزف عليه المالكي بشأن جيش يزيد وجيش الحسين، ولا أفهم لماذا لا يستشهدون بجيش سعد وجيش كسرى! جيش يزيد هو جيش عربي إسلامي، وجيش الحسين قبل ان يتخاذلوا عنه أنصاره ويدفعونه للهاوية هو أيضا جيش عربي وإسلامي، ولا إختلاف بين الجيشين إسلاميا أو عربيا والحسين ويزيد من بطون قريش المعروفة ويرجعان لأصل واحد، إنما هو إختلاف حول الزعامة فكل يرى نفسه أحق من الآخر، والمنتصر من يحسم الأمر لصالحه، وهذا ليس شأننا لأنه لا علاقة لنا به عن بعيد أو قريب. ومن العيب جدا إستثارة مشاعر الجهلة والسذج بهذه الإسطوانة المشروخة التي مضى عليها ما يزيد عن ثلاثة عشر قرنا.
مثلما كان المالكي يستثير شيوخ العشائر من الجهلة والسذج خلال زياراته لهم بالحديث عن يزيد ومعاوية، كرر العبادي نفس العبارات الطائفية في وقت حرج يستوجب إطفاء النار وليس صب الزيت عليها. سيما وأننا مقبلين على شهر محرم الذي يصادف فيه مقتل الحسين بن علي.
الطريف أن يطلب العبادي من العراقيين جميعا رصف" صفوفهم لتحقيق النصر على عدونا المشترك الذي يمثله تنظيم داعش الارهابي والتنظيمات الارهابية الاخرى، وضرورة ان ينتبه المواطن الى حجم الدمار الذي خلفته هذه التنظيمات الارهابية وخطورتها على العراق وشعبه اذ اننا كما قلنا سابقا نعيش معركة وجود تستهدف كياننا وبلدنا فليكن هذا الشهر هو شهر الوحدة الوطنية والبداية لادامة الانتصارات التي تحققها قواتنا الامنية". ولكنه في النفس الوقت يذكرهم بـ" التأسي بما سطره الامام الحسين واتباعه عليهم السلام في معركة الطف فعدونا واحد ويقوم بتشويه صورة الاسلام عمدا تنفيذا لمخططات خارجي". ويكرر قول رفيق دربه المالكي " التاريخ يعيد نفسه فمن حارب وقاتل الامام الحسين عليه السلام هم انفسهم من يقتلون العراقيين ويكفرون جميع المذاهب اليوم وتساندهم اجندات لاتريد للعراق وشعبه الخير والامن والاستقرار". كل الذي غيره في جملة المالكي الشكل مع بقاء المضمون وهو جيش الحسين و جيش قتلة الحسين بدلا عن يزيد! وهو يعلم جيدا ـ كما يفترض ـ من هم قتلة الحسين؟ ومن الذي بايعه قبل الحرب وخذله خلالها؟ ومن الذي يلطم عليه في عاشوراء ويعذب جسده ويركض ركضة طويريج؟ ولماذا يجري بهذه الصورة؟
لا نفهم من يقصد بـ (بقية التنظيمات الإرهابية)؟ فقد وصف تنظيم داعش تحديدا بالإرهابي! حسنا قد حدده وصار معلوما للجميع! ولكن من المقصود ببقية التنظيمات الإرهابية؟ هل هم عصائب اهل الحق وجيش المختار وسرايا السلام (التسمية الجديدة لجيش المهدي السيء الصيت) وبقية المليشيات الشيعية؟ أو غيرها؟
إن كان الجواب كلا! فنحن كعراقيين يفترض أن نعرف من هي بقية التنظيمات الإرهابية طالما إنه يطلب منه الإنتباه، ووزارة الداخلية والدفاع تطالبنا باليقظة والتبليغ عن أي أمر مريب يثير الشك. عندما يعرف الشعب أعدائه كلهم وليس واجهة واحدة من جملة أعداء، يمكنه فعلا الإحتراز. أما العدو الذي لا يعرفه، فكيف تطالب الشعب بالإحتراز منه؟
وإن كان الجواب: نعم! هي المقصودة! نسأله أليست هذه التنظيمات الإرهابية تعمل بموافقة الحكومة وهي التي تجهزها بالسلاح والعتاد والمال، وتمنحها الصلاحيات المطلقة التي تجعلها الند القوي لقوات الجيش والشرطة، لأن الأخيرة لا سلطان لها على هذه التنظيمات بإعتراف قادة الجيش والشرطة الذين يستغيثون منهم.
وأن كنت تطلب من العراقيين بجميع شرائحهم المشاركة في الوقوف ضد هجمة داعش! فلماذا تثير أهل السنة بالحديث عن جيش الحسين؟ أوتحملهم مسؤوليه قتله؟ وما علاقتكم أنتم بالحسين لتكونوا أوصياء له؟ بل ما علاقة الحسين أصلا بالعراق؟ إنه رجل من الحجاز زار العراق مرة بدعوة من شيعة العراق فخذلوه، وكانت زيارة الموت. وإنتهى الحدث ولا فائدة من العودة إليه، لأنها تعني الفرقة والفتنة، عندما يلوم أهل الحجاز العراقيين لأنهم خذلوا إبنهم الحسين سيكون المنطق مقبولا! أما أن يطالب قتلة الحسين الثأر من أنفسهم لأنهم هم قتلته، فالأمر يدعا للسخرية. أتركوا الحسين ميتا بسلام، وكفاكم ما فعلتم به وهو حي!
هل الحسين قربان تنحرونه على محراب فسادكم؟ لماذا تحملون الحسين دماء الأبرياء؟ وما علاقة الحسين بتنظيم ولد بعد وفاته بعدة قرون؟ تقتلون وتفجرون بإسم الحسين! وتنهبون بإسم الحسين! وتبغون بإسم الحسين! وتغتصبون النساء بإسم الحسين! وتعتقلون الإبرياء بإسم الحسين! وتختطفون الناس من الشوارع بإسم الحسين! وتغتالون الخطباء بإسم الحسين! وتقصفون المدن والمساجد والمدارس والمستشفيات بإسم الحسين! تخربون الدين بإسم الحسين! وتنشرون الجهل والفقر والجوع بإسم الحسين! وتهجرون الملايين بإسم الحسين!
تتعاون مع أعداء الإسلام بإسم الحسين! وتحنوا ظهورهم بذل لكي يمتطيكم الغزاة بإسم الحسين! وتزنون بالنساء بإسم الحسين! وتتاجرون بإعراض الناس بإسم الحسين! وتشوهون صورة الإسلام بإسم الحسين،! وتنفذون أجندات الأعداء بإسم الحسين! وتزورون الشهادات بإسم الحسين! وتحرقون سجلات الفساد بإسم الحسين! وتحصنون أنفسكم كالفئران في جحور المنطقة الخضراء بإسم الحسين! وعندما يأتي عاشوراء تلطمون على الحسين! الا لعنة الله على من يتاجر بإسم الحسين لأغراض دنيئة. رحم الله إبراهيم اليازجي وهو يقول:
ألفتم الهون حتى صار عندكم طبعاً وبعض طباع المرء مكتسب
بإسم الحسين، كم زينتوا لنا عاهرا وجعلتموه قديسا! وصعلوكا فجعلتموه سلطانا! وظالما جعلتموه قاضيا! وجبانا جعلتموه صنديدا، واحمقا جعلتموه حكيما! وجاهلا جعلتموه عالما، وعبدا جعلتموه سيدا. وجاسوسا جعلتموه وطنيا! وسارقا جعلتموه شرطيا! ومزورا جعلتموه إستاذا! وفطيسا جعلتموه شهيدا! وشهيدا جعلتموه فطيسا! العار ليس فيكم فحسب، بل فيمن فرعنكم على نفسه، وبات تحت أقدامكم. هنيئا لكم من شعب لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم! شعاره (الصمت يصنع النصر). لطالما الشعب لا يعرف ما يريد، فكل الطرق سواسية أمامه.
منذ الغزو الأمريكي الإيراني الغاشم للعراق عام 2003 ولحد الآن ماذا قبض الشعب بسنته وشعيته وبقية الأقليات من حكومات آل البيت سوى الفساد والإرهاب والدمار والظلم والتخريب، ومن يظن إن القادم ـ سواء العبادي أو من سخلفه بموجب المحاصصة الطائفية ـ سيكون أفضل، نذكره بقول عامر بن شراحيل الشعبي" ما بكينا من زمان إلا وبكينا عليه".
إننا لنخشى أن نكون في نفس موقف جحا في هذه الحتوتة.
عرض سلطان ثروته لمن يعلم حماره لغة البلد، محذرا بقطع رقبة من
يفشل في مهمته بحد بالسيف.
لم يتقدم سوى جحا.
فقد ذهب الى السلطان وقال له: ايها الملك انا اعلم
حمارك اللغة شرط أن تمهلني (20) سنة اعيش في قصرك أعلم فيها الحمار، وبعدها أضمن لك
تكلمه بلغة البلد. فوافق السلطان، وتعجب الناس من أمر جحا فسألوه عن مغامرته
الطائشة! فأجاب: لقد امهلت نفسي 20 سنة اعلم فيها الحمار، وخلال هذه السنوات
الطويلة اما أنا
أموت، أو السلطان يموت أو الحمار يموت! والحليم تكفيه الإشارة!