نتنياهو على خلفية الصور الرهيبة لأسطول الحرية
نتنياهو على خلفية الصور الرهيبة
لأسطول الحرية
سيد ماجد مجدلاوي
لا يمكن عدم ربط الغاء اللقاء بين رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو الذي كان متواجدا في واشنطن للقاء وصف بأنه هام جدا ، مع الرئيس الأمريكي براك اوباما ، الا على خلفية التراجيديا الانسانية الرهيبة التي نفذتها اسرائيل ضد قافلة اسطول الحرية . وكانت اوساطا حكومية ، بشكل غير مباشر، قد طبلت وزمرت لهذا اللقاء ، الذي يجيء بدعوة رسمية من اوباما ، كإنتصار لعناد نتنياهو وموقف حكومته من الخطة الأمريكية لتحريك عملية السلام .
رغم الأحداث التي أشغلت العالم ، الا ان نتنياهو ، أعلن في وقت سابق عن "قراره" الغاء اللقاء ، بأن برنامجه لم يتغير ، وان اللقاء مع الرئيس اوباما سيجري في وقته او يقدم .
حقا لماذا يقلق ؟ وهل سيؤثر وجوده في اسرائيل على تغيير الضرر السياسي غير المسبوق الذي الحقته العنجهية والحماقة والانفلات الاجرامي الاسرائيلي ؟ وهل سيكون أشطر من وزير دفاعة وقائد اركان جيشة مزراحي ،ونائب رئيس الحكومة قائد الأركان السابق يعالون ؟ وقائد سلاح البحرية وقائد سلاح الطيران؟ونائب ليبرمان في وزارة الخارجية الذي رفض الاجابة عن أسئلة الصحفيين الأجانب وأجاب فقط عن أسئلة الصحفيين اليهود ؟
ماذا ستفعل الماشطة بالوجه العفش؟ وخاصة وان وجهها هي الأخرى أعفش !!
اذن سيعود نتنياهو بدون اللقاء الهام مع اوباما . والسؤال :هل وجود نتنياهو المقيد من أحزاب اليمين ، كما يوصف عادة في الاعلام الاسرائيلي ، وبتجاهل كامل انه سياسيا وفكريا يقع بنفس المساحة السياسية المتطرفة والحمقاء وغير الملتزمة بأي قانون دولي ، معتمدة على الحضانة الأمريكية لإنفلاتها ، سيغير من النتائج والاسقاطات المتواصلة في التصاعد ؟
يبدو ان شيء ما لم يعد يسمح للإدارة الأمريكية ان تعطي تغطية كاملة .
أي رئيس كان ، لا يمكن ان يرى بعين طيبة ان يعقد لقاءا من رئيس حكومة ملوثة يديه وأيدي وزرائه وجيشه بجريمة اعتداء أذهلت العالم بحماقتها وحماقة منفذيها واثارت نقدا حادا واسعا من الدول الحليفة للولايات المتحدة . بل وصدرت أصوات تتهم اسرائيل بارتكاب جريمة حرب .. والغريب ان وزارة الخارجية الإسرائيلية المدارة من وزير يميني متطرف ، ونائب وزير من نفس الفصيلة ، تصرفت اعلاميا على لسان نائب الوزير ،باسلوب اضفى على الجريمة "ابعادا أخلاقية عن طهارة السلاح " مثيرة للمزيد من الغضب الدولي . ان من يتصرف بهذا الاسلوب الدبلوماسي متهما قوى سلام دولية ، من عشرات دول العالم ، بان انسانيتهم وقلقهم من الحصار والتجويع ضد السكان المدنيين في قطاع غزة هو انتماء لمنظمات ارهابية .عمليا هو يبصق بوجه العالم الذي حضن سياسات اسرائيل خلال عقود سابقة بدون تفكير وبدون اعتراض على انفلاتها .. حتى وقعت في جريمة مصورة على المكشوف كانت مصيدة اعلامية بالبث المباشر الذي لا يمكن تزويره او الادعاء انه فلم منتج ، كما حدث بجريمة قتل محمد الدرة..
لذا ليس بالصدفة ان الإتحاد الأوروربي يطالب باجراء تحقيق كامل عن ظروف ما جرى في البحر ، وتقريبا نفس الموقف جاء في البيان الأمريكي الأول بان : " الإدارة ستعمل على فهم ظروف هذه المأساة" – كلمات لطيفة نوعا ما ، ولكنها كافية لإسقاط امكانية لقاء مُصَّور بين الرئيس الأمريكي والمسؤول الأول عن الجريمة .
صحيفة هآرتس الإسرائيلية كانت واضحة تماما في فهم الحماقة التي ارتكبتها حكومة اسرائيل . تحت عنوان معبر : "ثمن السياسة الفاسدة " وضعت النقاط على الحروف بجرأة تستحق الإحترام. كتبت : " عندما يخرج جيش نظامي مدرب ومسلح جيدا الى حرب ضد " اسطول الحرية" المشكل من سفن مدنية محملة بمواطنين وأغذية وأدوية ، لا بد ان تكون النتائج معروفة سلفا، بدون اعتبار بأن المواجهة حققت أهدافها ومنعت وصول السفن الى غزة.المواجهة العنيفة ، حتى لو تسببت كنتيجة من تصرف او تخطيط عسكري خاطئ في مضمونه وسياسة مرفوضة لحرب بعقلية الحفاظ على جلال الموقف ونقص عميق في فهم النتائج والاسقاطات لهذا التصرف ".
روبين بدهاتسور يكتب في هآرتس تحت عنوان : " فشل من جميع الاتجاهات " بانه لا ضرورة لإنتظار التفاصيل الكاملة للتحقيق ،من أجل الاشارة الى انه من الناحية العسكرية المباشرة من الصعب الفهم كيف تفشل فشلا خطيرا عملية عسكرية خطط لها منذ وقت طويل من سلاح البحرية ، وهذا حتى بدون ان نتناول المسائل التي تتعلق لمدى الفهم الواعي من وراء تنفيذ عملية عسكرية ضد سفن مدنية كانت تبحر خارج المياه الدولية لإسرائيل".
المحلل السياسي لصحيفة هآرتي الوف بن يكتب بوضوح تحت عنوان :" فقط لجنة تحقيق رسمية" كتب :" من غير الممكن ان نتجاهل سفك الدماء بحجة ان المتظاهرين ( القصد المتواجدين على السفن ) كانوا مسلحين وشكلوا خطرا على الجنود وبذلك نقل المسؤولية من المستوى السياسي الى المقاتلين ". وأضاف : " ان نتنياهو وشركائه في الحكومة من المريح لهم ان يبرزوا ما وقع كحدث محلي تصاعد ، انهم لا يستطيعون ان يتهربوا من مسؤوليتهم عن الأزمة".
بالطبع هناك نتائج سياسية دولية بالغة الخطورة بالنسبة لإسرائيل، على راسها الغاء اللقاء مع اوباما ، رغم الادعاء ان القرار هو قرار نتنياهو.. حقا هو "قرار" نتنياهو حين جاءت اشارة ، او رسالة واضحة انه في ظل الوضع الدولي الناشيء الذي تورطت فيه اسرائيل أصبح اللقاء يشكل ضررا اعلاميا للرئيس الأمريكي!!
الأيام القادمة ستظهر الكثير من الفساد الاسرائيلي ...